ما زالت الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة تمثل لجيش الاحتلال تحديا أمنيا وعسكريا متفاقما، بالنظر إلى باقي التحديات والتهديدات الميدانية، الأمر الذي يجعلها حاضرة على طاولة القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب، إلى جانب الضفة الغربية التي يخشى الاحتلال من هجمات فلسطينية فيها رغم الاغتيالات الأخيرة.
وفي مواجهة التحديات العسكرية الدراماتيكية المتوقعة، ينظر الإسرائيليون إلى إمكانية التصعيد في قطاع غزة على أنها استدراج لهم لإنفاق موارد كبيرة، وتحويل المؤسسة العسكرية عن التهديدات الرئيسية المتمثلة في إيران وحزب الله والشراكات المحتملة الأخرى من المحور الإيراني في الشرق الأوسط.
الضابط الإسرائيلي السابق تال ليف-رام ذكر أن "إسرائيل تتمتع في الضفة الغربية باستقرار أمني نسبي، مع فترات أكثر توتراً وعنفًا في بعض الأحيان، ولكن بشكل عام، يواجه العمل المسلح المنظم بقيادة الجناح العسكري لحماس صعوبة في رفع رأسه، والحفاظ على بنية تحتية واسعة النطاق، كما كان حاله قبيل انطلاق عملية السور الواقي في عام 2002".
وأضاف في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "السنوات الأخيرة شهدت تكثيف عمل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام- الشاباك، على إحباط البنية التحتية لحماس في الضفة الغربية، وعادةً في مرحلة مبكرة من الكشف عنها، بحيث يتم اكتشافها وتفكيكها في الغالب في جنين والبلدات المجاورة وصولا إلى القدس، خاصة مثل تلك البنية التحتية التي تم إحباطها الأسبوع الماضي، التي لم تكن عادية للغاية قياسا بعمل السنوات الأخيرة".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: أيام "الراحة" الأمنية في الضفة الغربية ولّت
لا يخفي الإسرائيليون أن من أهم أسباب قدرتهم على إحباط هذه المحاولات المسلحة للمقاومة في الضفة الغربية بصورة مبكرة، والكشف عنها، تلك المتمثلة بأهمية استمرار حرية عمل قوات الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، بجانب التنسيق الأمني مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وهي التي تحوز على نشاط مهم في الحفاظ على الاستقرار الأمني على الأرض.
في الوقت ذاته، فإن الكشف عن البنية التحتية الأخيرة الواسعة لحركة حماس يمكن اعتباره علامة على نجاح الحركة في استعادة قدرتها العملياتية في الضفة الغربية، بدليل أن الأشهر المقبلة قد تشير إلى وقوع بعض الحوادث الفردية لمرات متفرقة، أو ربما السير في اتجاه أوسع، في حال توفر لها نجاح استخباراتي، مع نضج ميداني، وجاهزية عالية، فضلا عن الإجراءات التحضيرية المكثفة التي تقوم بها الحركة.
لكن هذا النجاح الذي يثير قلق إسرائيل لا يهمل ما تصفه بـ"التفوق الاستخباري" لمؤسستها الأمنية في مواجهة المقاومة الفلسطينية، ولن يوفر أبدًا غطاءً أمنيًا كاملاً، على أساس أن "حماس" ستواصل بذل الكثير من الجهود من غزة، لتقوية جناحها العسكري في الضفة الغربية.
وتستند المعطيات الإسرائيلية في تحليل سلوك "حماس" المتصاعد في الضفة الغربية، لا سيما تلك التي تأخذ جانبا مسلحا عسكريا، إلى وجود جملة أسباب رئيسية له، يكمن أولها في الرغبة بتنفيذ عمليات فدائية شديدة ضد أهداف إسرائيلية من أجل إحداث تصعيد في أراضي الضفة الغربية، دون أن تستدرج الأحداث إلى قطاع غزة، وهذا سلوك حكيم من "حماس"، وفق التوصيف الإسرائيلي، لأنها لا تريد تشتيت الأنظار عن الضفة إلى غزة.
في الوقت ذاته، فإن هناك قناعة إسرائيلية متجسدة مفادها أن التصعيد في غزة، إذا حدث، فسيندلع لأسباب أخرى، بسبب جملة من الأحداث الأمنية المتوقعة والمفاجئة قد تؤدي في النهاية إلى تأجيج الجبهة الجنوبية، ما يعني أن تجاهل رئيس الحكومة نفتالي بينيت للقضية الفلسطينية في خطابه بالأمم المتحدة، لا يعني أن المشكلة ستختفي.. بالعكس، فإنها ستستمر، وتتواصل، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، والتعاون الاقتصادي معها، كما تراه إسرائيل.
الاحتلال يصعّد مخطط "الطرد الهادئ" للفلسطينيين في الضفة
كاتب إسرائيلي: سلوك الخوف الذي يحركنا سندفع ثمنه باهظا
تقدير إسرائيلي: أي مس بالأحرار الستة يزيد التوتر بالضفة وغزة