ما يزال الانسداد السياسي قائما مذ إرسال عقيلة صالح قانون انتخاب الرئيس الذي ناقشه أعضاء مجلس النواب إلا إنهم لم يصوتوا عليه، إلى البعثة الأممية. عقيلة صالح هو من فجر أزمة قانون انتخاب الرئيس، ويبدو أنه أراد تغيير ساحة التدافع وتغيير المسار السياسي الذي كان متجها إلى إجراء انتخاب برلمانية. وتورطت البعثة في التأزيم بقبولها بالقانون، وشاركت الأطراف الدولية في الأزمة بترحيبها بالقانون وتعبيرها عن الارتياح لما اعتبرته تقدما في المسار السياسي بعد الانسداد.
وما أدري كيف وقعت البعثة والأطراف الدولية في هذا الخطأ الجسيم، فالقانون لا يتوافر على ما يمكن اعتباره أساسا عادلا للتوافق، وهو قبل ذلك وبعده يخرق الأساس السياسي والقانوني الذي يضبط خارطة الطريق، كما أنه يخالف النظام الداخلي لمجلس النواب والذي ينص على التصويت على القوانين بالأغلبية، مما يعني قابلية الطعن عليه لدى القضاء ورجحان قبول الطعن وبالتالي نسف الانتخابات.
الأزمة تفاقمت بعد أن أقدم المجلس الأعلى للدولة، ربما رئيسه، على قطع الطريق على عقيلة صالح بإرسال قانون موازي للبعثة، فالبعثة التي وقعت في تجاوز قانوني صارخ بترحيبها بقانون لم يستشر فيه الأعلى للدولة كما يقضي الاتفاق السياسي هي اليوم أمام قانونين لانتخاب الرئيس، ولا يمكنها القبول بأحدهما ورفض الآخر وهي تقف أمام شركاء في عملية وضع القانونين كما تقضي المادة 23 من الاتفاق السياسي.
لم تلح في الأفق حتى اللحظة بوادر انفراج، فالبعثة لم تحرك ساكنا بعد ردة الفعل القوية ضد قانون انتخاب الرئيس الذي أصدره عقيلة صالح، وهي إزاء معارضة قوية ضمن الجبهة الغربية لم تقتصر على الموقف المتصلب للمجلس الأعلى للدولة، بل تعدته إلى القوى السياسية والاجتماعية والعسكرية، بحيث صار تمرير قانون انتخاب الرئيس مبررا شرعيا لمقاطعة الجبهة الغربية للانتخابات.
من المهم التنبيه إلى أن اتجاه العملية السياسية حتى فترة قريبة ماضية كان نحو إجراء انتخابات برلمانية منفردة، وهو ما بدا أنه اتجاه البعثة الأممية، إلا أن عقيلة صالح ـ ومن هم خلفه ـ أراد تغيير اتجاه العملية السياسية وبالفعل نجح في نقل التدافع إلى مستوى يلائمه بالزج بقانون انتخاب الرئيس في المقدمة متجاوزا القاعدة الدستورية وقانون انتخاب البرلمان.
الملتقى الذي نظمته منظمة الحوار الإنساني بجنيف اليومين الماضيين والذي ضم عددا من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وملتقى الحوار بالإضافة إلى مشاركة نشطاء من الغرب والشرق والجنوب أخفق في التوافق على قاعدة دستورية أو حتى أساس لتخطي الانسداد الراهن وانتهى إلى إصدار بيان لم يكن هو الغاية من اللقاء.
ومن المهم التنبيه إلى أن اتجاه العملية السياسية حتى فترة قريبة ماضية كان نحو إجراء انتخابات برلمانية منفردة، وهو ما بدا أنه اتجاه البعثة الأممية، إلا أن عقيلة صالح ـ ومن هم خلفه ـ أراد تغيير اتجاه العملية السياسية وبالفعل نجح في نقل التدافع إلى مستوى يلائمه بالزج بقانون انتخاب الرئيس في المقدمة متجاوزا القاعدة الدستورية وقانون انتخاب البرلمان.
وبعد أن تطور الموقف إلى معارضة قوية في الغرب وإصدار الأعلى للدولة لقانون مواز واتجاهه إلى إصدار قاعدة دستورية بشكل منفرد، لم يعد أمام البعثة والأطراف الدولية إلا المواءمة بين قانون النواب وقانون الأعلى للدولة، أو العودة إلى خيار تقديم انتخابات البرلمان على أن يتم التوافق على موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية بعد الحسم في ملف الدستور.
الخيار الثاني يمكن أن يكون الأرجح في حال ضغطت واشنطن أكثر، ذلك أن الإدارة الأمريكية رجحت مقاربة الفصل بين انتخاب البرلمان وانتخاب الرئيس وطرحت فكرة إلحاق الانتخابات الرئاسية للبرلمانية وذلك عبر جولتين.
التراجع عن زخم قانون انتخاب الرئيس قد لا يروق لعقيلة صالح وحفتر وجبهتهما، وهو ما قد يدفع إلى مزيد من الانسداد ليصبح تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر حتميا.
الإسلاميون والعمل السياسي تحت سقف الأنظمة
رأي حول الجدل الدائر بخصوص قانون انتخاب الرئيس في ليبيا