قضايا وآراء

هل يبدد تسليم أبو ظبي لولد قدور هواجس الجزائر وشكوكها؟

1300x600

لم تتضح الأسباب التي دفعت عبد المومن ولد قدور المدير العام السابق لمجموعة سونطراك لاختيار أبو ظبي وجهة له هروبا من الملاحقات القضائية في الجزائر بعد ثبوت تورطه بقضايا فساد كبرى بلغت إحداها مليار دولار لشراء مصفاة (أوغستا) اليونانية. 

ولم تتضح الأسباب التي دفعت السلطات الإماراتية للامتناع عن تسليمه للسلطات الجزائرية منذ 22 آذار (مارس) الماضي؛ ليعلن فقط يوم أمس الأربعاء الموافق للرابع من آب (أغسطس) الحالي تسليمه للسلطات الجزائرية؛ فتأخر تسليمه لأربع أشهر يطرح أسئلة عميقة حول طبيعة العلاقة التي تربط السلطات الجزائرية بأبو ظبي؛ ذلك أن تسليم ولد قدور تزامن مع انفجار الأزمة في تونس وتحذيرات متكررة لقادة الجيش الجزائري من مؤامرة إقليمية تستهدف أمن الجزائر واقتصادها يوم أول أمس الثلاثاء مترافقا مع تحركات دبلوماسية؛ فهل تسعى أبو ظبي للنأي بنفسها عن هذه الاتهامات والشكوك أم إنها تؤدي عملا روتينيا؟

في كل الأحوال تم تسليم ولد قدور إلا أن المدة الزمنية التي احتاجها الأمر طرح العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقة التي تربط الجزائر بالإمارات العربية المتحدة؛ فالجزائر اتخذت موقفا مناهضا لهجوم الجنرال المتقاعد حفتر على العاصمة الليبية طرابلس في العام 2019 خلافا لموقف الإمارات العربية التي قدمت الدعم لحفتر؛ وفي العام ذاته كانون الأول (ديسمبر) 2019 حدد المجلس الأعلى للأمن الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، الأزمة في ليبيا ومالي كأولوية قصوى خصوصا ما تعلق بالحدود مع هذين البلدين، وقرر تبون عقد اجتماعات المجلس الأعلى للأمن بصفة دورية كلما اقتضى الوضع ذلك. 

 

تونس أضافت بؤرة ساخنة جديدة لزعزعة أمن الإقليم مهددة بمحاصرة الجزائر بحزام من الأزمات الإقليمية التي تهدد وحدة واستقرار البلاد ما يوحي بإمكانية اندلاع مواجهة إقليمية علنية في حال لم تتم مرعاة هواجس الجارة ومخاوفها الأمنية والاقتصادية.

 



بالعودة إلى تعريف الجزائر للمخاطر نجد ارتفاع وتيرة التحذيرات التي أطلقها الجيش الجزائري في العام الحالي 2021 أولها كان في كانون الثاني (يناير)؛ تبعها تحذير مجلة الجيش في 6 آذار (مارس) الماضي من مؤامرة تستهدف البلاد؛ تبعها تحذير في الـ 29 من حزيران (يونيو) لقائد الجيش السعيد شنقريحة بعد تهديد اللواء حفتر المقرب من أبو ظبي بغلق الحدود الليبية مع الجزائر؛ فشنقريحة حذر من تهديدات إقليمية بإثارة الفوضى في ليبيا ومالي لتأتي أزمة تونس بالقشة التي تهدد بقسم ظهر البعير.

التحذيرات المتكررة لقادة الجيش الجزائري كان آخرها يوم أول أمس الثلاثاء 3 آب (أغسطس) من على صفحات مجلة الجيش؛ لتكون الأولى بعد اندلاع الأزمة السياسية التونسية التي انخرطت فيها دول تورطت سابقا في صراعات الإقليم في ليبيا ومالي؛ إذ حذر الجيش من مؤامرة تستهدف البلاد وتمس أمنه الاقتصادي والسياسي؛ تحذير اقترن بإقالة مدير الدرك الجزائري وإعلان القبض على أحد العناصر الملتحقة بالجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل جنوب البلاد قرب الحدود مع مالي.

الأزمة التونسية رفعت منسوب الحذر لدى الجزائر مقرونا بنشاط دبلوماسي لوزير الخارجية رمطان العمامرة ورئس الجمهورية عبد المجيد تبون؛ فتونس أضافت بؤرة ساخنة جديدة لزعزعة أمن الإقليم  مهددة بمحاصرة الجزائر بحزام من الأزمات الإقليمية التي تهدد وحدة واستقرار البلاد ما يوحي بإمكانية اندلاع مواجهة إقليمية علنية في حال لم تتم مرعاة هواجس الجارة ومخاوفها الأمنية والاقتصادية.

ختاما.. تحذيرات قادة الجيش الجزائري المتكررة تطرح أسئلة مهمة حول توقيت تسليم بن قدور؛ فهل جاء كمحاولة من أبو ظبي لطمأنة الجزائر وتبديد شكوكها الأمنية والاقتصادية؟ وهل تنجح هذه التطمينات في تجنب الاشتباك السياسي بين الجزائر ومصر والإمارات في ليبيا وتونس ومالي؟ أم أنه مجرد إجراء روتيني لتسليم المطلوبين تزامن توقيته مع الأزمة التونسية مصادفة؟ تسليم ولد قدرو فتح الباب لأسئلة رابطها الوحيد التزامن وإمكانية تفاقم الأزمة في تونس وتحولها إلى اشتباك إقليمي يحرج المنخرطين فيها من وراء حجب وسواتر سياسية وإعلامية.

hazem ayyad
@hma36