نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" تقريرا، قالت فيه إن إعلان الرئيس جو بايدن أن المهمة العسكرية الأمريكية في أفغانستان ستنتهي في 31 آب/ أغسطس أثار ردود فعل متباينة في واشنطن، ما أثار انتقادات صريحة من الجمهوريين في الكونجرس، وشكوكا محسوبة لدى بعض حلفائه.
وأضافت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه لا تزال هناك مخاوف من أن كابول تفتقر إلى الموارد اللازمة لمنع عودة ظهور طالبان في البلاد، وأن الانسحاب قد يؤدي إلى طوفان من العواقب غير المقصودة، التي تتراوح من التطهير العرقي واسع النطاق إلى التدمير المحتمل للدولة الأفغانية.
ولم يفوت المراقبون السياسيون الروس ونخب موسكو فرصتهم للتأكيد على ما يرون أنه فشل أمريكا في أفغانستان، حيث وصف المعلق السياسي والمستشرق البارز يفغيني ساتانوفسكي الانسحاب بأنه "هروب مخز".
وفي إشارة إلى عمليات إخلاء سفارة سايغون عام 1975، أضاف ساتانوفسكي: "لم يكن الأمر كذلك؛ لأنهم فروا مذعورين، كما حدث في جنوب فيتنام، لكنهم اندفعوا للخروج بهدوء، تاركين كل شيء للأقدار".
واستغلت وسائل الإعلام الروسية اتهامات المسؤولين الأفغان بأن القوات الأمريكية غادرت قاعدة باغرام الجوية في البلاد في ظلام الليل، دون إخطار القائد الجديد للقاعدة، الذي يُزعم أنه علم بالمغادرة بعد أكثر من ساعتين منها.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، نشرت وسائل الإعلام الروسية الرئيسية باستمرار لقطات لمخزونات الذخيرة والمركبات المدرعة وغيرها من المعدات، التي قيل إنها تُركت في أعقاب التراجع السريع للجيش الأمريكي، ونهبها فيما بعد من قبل طالبان.
اقرأ أيضا: ذي هيل: لماذا فشلت أمريكا في أفغانستان؟
وانتهز المعلقون الروس الفرصة لرسم ما يرون أنه تناقض صارخ بين التجربتين السوفيتية والأمريكية في أفغانستان. فقد قال السناتور فرانز كلينتسفيتش لصحيفة فزجلياد الروسية: "عندما غادرنا أفغانستان، كانت الحكومة التي دعمناها في كابول تسيطر على معظم أراضي الجمهورية. لم تقم القوات السوفيتية بعمليات عسكرية فحسب، بل نفذت أيضا مشاريع إنسانية؛ إعادة بناء الجسور والطرق، وإزالة الألغام من الأراضي. كل هذا ساهم في التنمية السلمية لأفغانستان".
ومع ذلك، رسم آخرون التسرع والسرية المزعومة للانسحاب على أنها تحذير لحلفاء أمريكا "المحتملين" مثل جورجيا وأوكرانيا، وقال إيغور كوروتشينكو، خبير الدفاع وعضو في المجلس الاستشاري العام بوزارة الدفاع: "اليوم، يبدو أن زعزعة استقرار أنظمة ما بعد الاتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى أمر مرجح للغاية.
ومن غير الواضح كيف ستتطور الأمور من هنا، وكيف سنتعامل مع حقيقة أن طالبان يمكن أن تنتصر في أفغانستان وتبدأ في التوسع وتصدير التطرف إلى الدول المجاورة.. إن هذا يمثل تحديا خطيرا بالنسبة لنا".
وتصنف روسيا طالبان على أنها جماعة إرهابية، لكن ذلك لم يمنع الكرملين من التعامل معها في السنوات الأخيرة. وظهرت ثمار تلك الأعمال السابقة بشكل كامل هذا الأسبوع، عندما زار وفد من طالبان موسكو لمناقشة مستقبل أفغانستان.
وأعرب السيناتور الروسي فلاديمير دجباروف عن أمله في تطبيع العلاقات بين روسيا وطالبان: "سوف نتفاعل مع أي حكومة شرعية في أفغانستان. إذا أصبحت طالبان الحكومة الشرعية، سنعمل بالطبع على تحسين علاقاتنا، ولكن بشرط ألا يكونوا معادين لبلدنا".
من جانبهم، بذل وفد طالبان جهودا كبيرة لطمأنة الكرملين بأنه ليس لديهم نوايا عدائية تجاه روسيا أو حلفاء روسيا في آسيا الوسطى. وبحسب ما ذكرت التقارير، أكد المفاوضون لموسكو أنهم لن "يهاجموا الحدود الطاجيكية"، مضيفين أنهم سيعملون على منع تنظيم الدولة من إقامة موطئ قدم على الأراضي الأفغانية.
ولا تزال موسكو ملتزمة بالدفاع عن وحدة أراضي طاجيكستان، التي تستضيف قاعدة عسكرية روسية، وتعمل كحاجز رئيسي ضد تدفق المسلحين من الشرق الأوسط الكبير إلى آسيا الوسطى وما وراءها.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "بالنسبة إلى استمرار العمل العسكري في غياب العملية السياسية، فإن الأحداث على الأراضي الأفغانية تهمنا حصريا من وجهة نظر احتمال امتداد الاضطرابات إلى أراضي حلفائنا.. حقيقة أن طالبان قد احتلوا مراكز حدودية على الحدود مع إيران وعلى الحدود مع طاجيكستان.. بينما يحدث هذا على الأراضي الأفغانية، لن نتخذ أي إجراءات باستثناء دعواتنا الملحة للعملية السياسية، التي قال كل الأفغان إنهم يؤيدون أن تحدث في أقرب وقت ممكن".
ذي هيل: لماذا فشلت أمريكا في أفغانستان؟
صحيفة: هزائم وخسائر لأمريكا وروسيا بأفغانستان أمام طالبان
NYT: حركة طالبان تحاول تلميع صورتها تزامنا مع انسحاب أمريكا