تتعرض أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، وبشكل أسبوعي، إلى استهداف صاروخي وبطائرات مسيرة مفخخة، تشنه مليشيات موالية لإيران، وسط تساؤلات عن أسباب تكثيف الهجمات ضد هذه المدينة تحديدا.
وكان آخر هجوم تعرضت له أربيل مساء الثلاثاء، حيث سقط صاروخ على مطارها الدولي، لكنه لم يسفر عن أضرار بشرية أو مادية، حسبما أفاد به بيان مقتضب لجهاز "مكافحة الإرهاب" في إقليم كردستان.
أبعاد سياسية
وتعليقا على الموضوع، قال النائب السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، في حديث لـ"عربي21" إن "الأمر بالتأكيد له أبعاد سياسية، لأنهم يريدون زعزعة الأمن والاستقرار في أربيل، وبالتالي فإنه يؤدي إلى أضرار اقتصادية على إقليم كردستان".
وأضاف شنكالي: "الهجمات تحمل أيضا رسالة للجانب الأمريكي مفادها أن قواعدكم أينما كانت فهي تحت مرمى نيراننا"، لافتا إلى أن "هذه الفصائل الولائية مدعومة من إيران وموالية لها، فبالتأكيد هذا له دور كبير في المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران على المشهد السياسي بالمنطقة".
وتابع: "لكن في هذه الفترة هناك أمر آخر مهم جدا، هو أن هذه الفصائل الولائية فقدت جماهيرها في الشارع، فهي تريد إعادة بريقها من خلال هذا القصف، وأن يكون هناك نوع من المواجهة مع الجانب الأمريكي، حتى تدفع شارعها بشكل عاطفي نحو إعادة انتخابها مرة أخرى".
وأشار شنكالي إلى أن "هذه الفصائل لم تقدم أي شيء على صعيد الخدمات والنهوض بواقع محافظاتهم، لذلك فهم يريدون أن يكون الحس العقائدي والقتال ضد الأمريكي هو الدافع لجماهيرهم في المرحلة المقبلة".
اقرأ أيضا: هجوم بطائرات مسيّرة مفخخة يستهدف مطار أربيل الدولي
ولفت إلى أن "أبا آلاء الولائي (زعيم مليشيا كتائب سيد الشهداء) الذي هدد قبل أيام القوات الأمريكية في العراق، هو جزء من منظومة الحشد الشعبي، وأبرز قياداتها، وأن الحشد تابع للقائد العام للقوات المسلحة، لكن الحكومة ضعيفة جدا في إبداء أي نوع من الردود تجاه هذه القوات، سواء بمعاقبتها أو بإيقاف دعمهما، بمعنى أن هذه القوات أصبحت موازية للدولة وتستخدم مقدرات الدولة ضد الدولة".
وأردف شنكالي، قائلا: "لذلك نحن في إقليم كردستان نريد إعادة انتشار لقوات البيشمركة في كل المناطق المتنازع عليها، حتى لا تقوم هذه الفصائل الإرهابية بقصف أربيل".
وتساءل النائب الكردي السابق: "لماذا عندما جاء المحتل الأمريكي عام 2003 ووقف السنة ضده وقاتلوه، كانوا يسمونهم إرهابيين واعتقلوهم وفق ذلك، واليوم تسمى مقاتلة الأمريكان بالمقاومة؟ في البداية جاؤوا مع أمريكا وأسقطت لهم نظام صدام حسين، واليوم أصبحت عدوا لأنهم يريدون تسليم العراق لإيران".
خلافات داخلية
من جهته، قال السياسي العراقي المعارض، أحمد الأبيض، في حديث لـ"عربي21" إن "من الأسباب الرئيسية في استهداف أربيل أسبابا داخلية لا ترتبط بشعارات المقاومة التي لم يعد لها قيمة حتى لدى الأوساط الشعبية".
وأوضح الأبيض أن "الوجود الأمريكي في العراق، هو تحت ظل موافقة الحكومة الحالية، والأخيرة باستطاعتها أن تلغي هذه الاتفاقية، وفي حال رفض الأمريكي الخروج فسيصبح احتلالا وفي وقتها سيكون ليس من حق المجموعات المرتبطة بإيران اختزال المشروع الوطني".
ولفت إلى أن "السبب الآخر لاستهداف أربيل، هو الضغط على الإقليم لعدد من المسائل، منها: أنه يتواجد في كردستان الكثير من الناشطين من ثوار تشرين (احتجاجات عام 2019) والذين جرت مطاردتهم، وهذا كان بتوجيه من إبراهيم رئيسي قبل أن يصبح رئيسا لإيران".
ولفت إلى أن "هناك كذلك دوافع مرتبطة بمسائل اقتصادية، وتتعلق بالسرقات التي تقوم بها هذه الفصائل المتواجدة في منطقة سهل نينوى تحت مظلة الحشد الشعبي، وهذه الخلافات تصل إلى هذا المستوى".
ورأى الأبيض أن "الأمر الآخر هو الضغط الإيراني على هذه الفصائل لاستهداف التواجد الأمريكي في كردستان على اعتبار أن الوجود يحمل صفتين، دبلوماسي وعسكري، وبالتالي فإن هذا يضغط على الولايات المتحدة للسير في مفاوضات فيينا التي أصبحت معطلة في الوقت الحالي".
اقرأ أيضا: "نهب متواصل".. هكذا تغتني مليشيات ولائية في نينوى العراقية
وأشار إلى أن "هذه الفصائل المسلحة تثبت يوما بعد يوم أنها منتمية بشكل كبير لإيران ولا تعمل لصالح العراق والعراقيين".
ونوه الأبيض إلى أن "هناك أسلوبين لإيقاف هذه الهجمات، الأول: إحراج حكومة الكاظمي الذي يعتبر حليفا لإقليم كردستان، والذي أثبت يوما بعد يوم أنه تحت المظلة الإيرانية بشكل كبير ولا يستطيع أن يتحرك، والأمر الثاني: إقليم كردستان لديه وجود عسكري أمريكي، لذلك فإن عليه مطالبة الولايات المتحدة إما بحمايته أو بالرحيل من أراضيه".
وتتهم الولايات المتحدة وسلطات إقليم كردستان مليشيات مدعومة من إيران بالوقوف خلف هذه الهجمات، حيث عرضت سلطات الإقليم في آذار/ مارس الماضي، مقطع فيديو يظهر فيه أحد الأشخاص يدعي انتماءه إلى مليشيات "كتائب سيد الشهداء" وقال إنها هي أمرته بقصف أربيل.
وأسفر هجوم صاروخي آخر في شباط/ فبراير الماضي على نفس الموقع عن سقوط قتيلين أحدهما متعاقد أجنبي يعمل مع قوات التحالف. وأعلنت مجموعة مسلحة غير معروفة موالية لإيران مسؤوليتها عنه.
ومنذ بداية العام الجاري، استهدفت عشرات الهجمات المصالح الأمريكية في العراق الذي يوجد به 2500 من القوات الأمريكية في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للحرب على تنظيم الدولة.
أزمة الكهرباء في العراق.. مليارات تبخرت واحتجاجات تولدت
حماس لعربي21: علاقتنا بطهران راسخة ونريد علاقة جيدة بالرياض
جدل في الأردن حول "فتح السياحة الدينية للإيرانيين"