ملف
الكهرباء في العراق يبدو أنه سيكون من الملفات الساخنة جدا هذا العام، ورغم أنه لم
يغب عن أجندة العراقيين منذ عام 2003، إلا أن الانقطاع الكبير الذي شهدته البلاد
يوم الجمعة، وما تبعه من احتجاجات سقط فيها قتلى وجرحى، يؤشر على ملف ساخن من ضمن
ملفات ساخنة أخرى يزدحم بها الملف العراقي.
وقررت
الحكومة العراقية، الجمعة، تشكيل خلية أزمة؛ لمواجهة النقص في ساعات تجهيز الكهرباء
برئاسة رئيس الحكومة .
وتتولى
الخلية اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لزيادة ساعات توفير الطاقة الكهربائية في بغداد
والمحافظات، بما يلبي حاجة المجتمع والاقتصاد العراقي، وتعمل على التوفير الطارئ لجميع
أشكال الدعم المالي والفني واللوجستي والأمني لوزارة الكهرباء.
لكن خبراء يشككون
بقدرة الخلية على حل أزمة عمرها عشرون عاما، فالمنظومة الكهربائية متهالكة في
الأساس.
ويشدد
عضو مجلس النواب يونادم كنا، أن سوء التخطيط والإدارة والبيروقراطية والروتين، إضافة
إلى الفساد، كانت جميعها سببا في تهالك المنظومة الكهربائية في العراق.
ويكشف
كنا أن العراق "أنفق حوالي 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ 2003، لكنه
لا ينتج سوى 20 ألف ميغاواط (أقل من نصف حاجته)، في وقت أنه من المنطقي أن كل مليار
دولار من المفترض أن يقابله ألف ميغا واط، ليكون لدينا 40 ألف ميغا واط بـ40 مليار
دولار، والبقية تكون لتغطية الرواتب طيلة السنوات السابقة لموظفي الوزارة"،
وفق موقع "السومرية".
المفارقة
أنه وحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية في نيسان/ أبريل 2019، فإن قدرة العراق
الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ حوالي 32 ألف ميغاواط، لكنه غير قادر على توليد
سوى نصفها؛ بسبب شبكة النقل غير الفعالة التي يمتلكها.
ويضيف
التقرير أن من بين الـ16 ألف ميغاواط التي ينتجها العراق، يتم فقدان نحو 40 في المئة
أثناء التوزيع.
بدوره، استبعد عضو لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب العراقي، أمجد العقابي، إمكانية تحديد
سقف زمني لحل مشكلة الكهرباء في العراق، مشيرا إلى أن "مخصصات وزارة الكهرباء
ضمن موازنة العام الحالي لا تفي بالحاجة، وبلغت حوالي 7.5 مليار دولار، نحو 5.5 مليار
دولار، كموازنة تشغيلية و2 مليار دولار كموازنة استثمارية، في وقت طلبت الوزارة 14
تريليون دينار، أي بحدود 9.6 مليار دولار لموازنتها التشغيلية، و2.8 مليار دولار لموازنتها
الاستثمارية"، وفق صحيفة "إندبندنت".
اقرأ أيضا: هجمات تستهدف أبراج كهرباء بالعراق ومقتل محتج على انقطاعها
إيران
ومع
كل أزمة لانقطاع الكهرباء في العراق، يتجدد الحديث عن الدور الإيراني في هذه الأزمة،
وذلك بسبب الروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدين في مجال الطاقة.
وأوقفت
طهران التي تدين لها بغداد بستة مليارات دولار مقابل تصدير كهرباء وغاز للعراق، عن
تصدير الغاز الذي يعتمد عليه العراق لتشغيل محطاته الكهربائية. كما لم يستطع العراق
دفع ديونه لإيران؛ بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، وبسبب وضعه الاقتصادي
الناتج من تراجع معدلات تصدير النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد، بسبب
تداعيات انتشار كوفيد-19.
ولم
تجدد وزارة الكهرباء وحداتها وبينها شبكة توزيع الطاقة، ما يعني ضياع 40 بالمئة من الإنتاج.
ولم تتمكن وزارة النفط، رغم محاولاتها المتواصلة، من استثمار الغاز الطبيعي المرافق
لعمليات الاستخراج، والذي يحترق من خلال مشاعل على مدار الساعة، لتحويله إلى وقود لتشغيل
محطات الطاقة الكهربائية.
وتعاني
السلطات من صعوبة جباية فواتير الكهرباء، التي لا يدفعها إلا عدد قليل جدا من العراقيين،
ناهيك عن تجاوزات في أغلب مدن البلاد من عامة وحتى مسؤولين.
فشل
وفشل
جميع وزراء الكهرباء الذي شغلوا هذا المنصب بعد عام 2003 في معالجة هذه المشكلة مع
حلول كل صيف، الأمر الذي يدفعهم للاستقالة، خصوصا مع إلقاء الحكومة المسؤولية على وزير
الكهرباء عند كل موجة احتجاجات.
والأمر
ذاته تكرر هذا العام، وبادر الوزير ماجد حنتوش، المدعوم من التيار الصدري الذي يتزعمه
رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، إلى تقديم استقالته، قبل يوم من وقف إيران تصديرها للغاز
إلى العراق وغرق البلاد في ظلام دامس. وجاءت الاستقالة بناء على طلب التيار الصدري، الذي
يعد معارضا للحكومة الحالية.
وخلال اجتماع لخلية الأزمة الطارئة التي شكلتها الحكومة لمعالجة وضع الكهرباء، أقر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بصعوبة حل أزمة الطاقة في العراق، وقال إن "كل خطوة لحل مشكلة الكهرباء بالعراق تتطلب سنوات، لأن العراق لم يبدأ فعليا بأي خطوة طوال السنوات السابقة".
حصري| تورط 600 شرطي بمصر بقضايا فساد في 6 أشهر (وثائق)
محللون يقرؤون تأثير فوز رئيسي على علاقات إيران والسعودية
كيف ينعكس وصول "رئيسي" لرئاسة إيران على الوضع بالعراق؟