في غزة لك أن تسأل أي مواطن فيها، عن أسماء العائلات التي أبادتها آلة الحرب والعدوان الإسرائيلية بصورة كاملة، فأسماء العائلات التي أبيدت حاضرة في الذهنية الفلسطينية، بما فيها التي أبيدت في حروب الأعوام 2008 و2012 و2014.
ومن بين تلك العائلات عائلة أبو العوف التي أبيدت في حي الرمال بمدينة غزة، حيث فقدت العائلة 15 فردا جملة واحدة.
ومن بين من بقي حيا من العائلة، علاء أبو العوف الذي بات يقضي أكبر وقت ممكن بجانب سرير زوجته ديانا زياد أبو العوف التي وضعت في مستشفى الشفاء وهي تعاني من عدة كسور في الحوض، وهي غير قادرة على الكلام أو الحركة باستثناء عينيها، اللتين كانتا تتجولان في الغرفة، وغالبًا ما تكونان غارقتين بالدموع.
وقبل أيام دفن أبو العوف -تقول صحيفة واشنطن بوست في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"- ابنتيه شيماء وروان، ولم يتمكن من إعداد نفسه لإخبار زوجته بأنهما استشهدتا قبل أسبوعين تقريبًا في نفس الضربات الإسرائيلية التي تركتها في حالة حرجة، ونقلت ديانا الأربعاء إلى مستشفى في الضفة الغربية لتلقي العلاج الذي تحتاجه بشدة.
وانهار مبنى سكني بأكمله، حيث كان يعيش أبو العوف وعائلته، في وقت مبكر من يوم 16 أيار/ مايو، وتحول إلى أنقاض بعد أن غطت "إسرائيل" المدينة بضربات جوية، حيث استشهد 14 فردا من عائلته.
وأبو العوف، 48 سنة، لا يستطيع التفكير في إعادة البناء، كونه يركز حاليا على زوجته والأطفال الباقين على قيد الحياة، وقال: "أطلب منها أن تكون قوية، وأن تتحسن حتى تتمكن بناتنا من رؤيتها.. أطلب منها أن تعود إلينا".
وقال أبو العوف: "أنا أتألم، لكني أحاول عدم إظهار ذلك.. من المفترض أن يكون رب الأسرة هو المسيطر".
لكنه استمر في العودة إلى تلك الليلة، عندما فقد الكثير. في مقطع فيديو لـ"واشنطن بوست"، يروي هو وابنته ميسا قصتهما.
اقرأ أيضا: شهداء عائلة الحديدي.. حين تقتل الصواريخ أطفالا بملابس العيد
في موازاة حالة علاء أبو العوف، لم تمضِ ساعاتٍ طويلة حتى تمكن إسماعيل أبو العوف أيضا الذي يقيم في بلجيكيا من الاطمئنان على أفراد عائلته وأقاربه في غزة، مهنئاً إياهم بعيد الفطر، حتى بدأ بمتابعة أخبار العدوان الصهيوني على قطاع غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كغيره من المغتربين.
ومنذ اللحظة الأولى لاستهداف شارع الوحدة في حي الرمال الحيوي الذي كان يُعرف بأنّه الأكثر أماناً في الاعتداءات الصهيونية السابقة، بدأ القلق يتسلل إلى قلب إسماعيل على أبناء عائلته، سيما أنّه بدأ يجري اتصالاته بهم دون أن يتلقى أي ردٍّ منهم، ما زاد قلقه كثيرًا جدًّا.
يقول إسماعيل لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "إنّ اللحظات الأولى لاستهداف منزل عائلته المكون من خمسة طوابق في غزة، كانت مليئة بالخوف والقلق".
وأضاف: "اتصلت بأهلي أكثر من مرة، ولم يجبني أي أحدٍ منهم أبدا، وظللت أنتظر رداً حتى علمت أنّ الاحتلال الصهيوني ارتكب مجزرة بحق عائلتي، وبقيت ساعات طويلة أنتظر لا أعرف من مات فيهم ومن بقي تحت الركام ومن تم انتشاله، وبقيت أتمنى من أي أحد من غزة أن يفيدني بأي معلومة حول مصيرهم".
العائلة بأسرها
أكثر ما كان يؤلم إسماعيل أبو العوف هو استشهاد أفراد عائلته جميعهم وهو بعيد عنهم لا يستطيع أن يودعهم أو أن يدفنهم، أو أن يكون إلى جانب الجريح منهم.
وكتب أبو العوف في صفحته على "فيسبوك" يقول: "يا وجع القلب.. عمارتنا بسكانها صارت ذكريات في مجزرة شارع الوحدة. الرحمة للشهداء بنت أخي روان، وبنت أختي ديما، وابن عمي أيمن وزوجته وأطفاله، والبقية ومن ضمنهم عمي وخالتي وعمتي وأختي وغيرهم تحت الأنقاض. في عداد الشهداء".
وعائلة أبو العوف من أشهر عائلات مدينة غزة الممتدة، ويعمل معظم أبنائها في التجارة والصناعة، وهو ما يؤكّد استباحة الاحتلال الصهيوني للمدنيين المسالمين في قطاع غزة بلا أي تفرقة لينفذ بذلك حرب تطهيرٍ عرقي ضد الفلسطينيين عامةً.
مربع سكنيّ
وارتقى من عائلة أبو العوف حتى اللحظة 15 شهيداً وشهيدة منهم 9 أطفال و4 نساء، في حين أصيب عدد آخر منهم بجراحٍ مختلفة، ويبقى الشهداء ضمن 45 شهيداً ارتقوا في مجزرة مروعة ارتكبتها الطائرات الحربية الصهيونية ضد مربع سكني مدني في شارع الوحدة بحي الرمال وسط مدينة غزة، ما أدى إلى إبادة عائلات بأكملها كانت عائلة أبو العوف إحداها.
وشهداء عائلة أبو العوف هم: الحاج الدكتور توفيق أبو العوف وزوجته مجدية، والدكتور أيمن أبو العوف وزوجته ريم وأبناؤهم جميعاً، توفيق وعمر وتالا وروان، والشهيدات شيماء وصبحية، والدكتورة رجاء أبو العوف "الإفرنجي" وأطفالها ديما ويزن وأمير وميرا.
هكذا عبر "غزّيون" عن فداء القدس والأقصى رغم العدوان (شاهد)
شهيدان بالضفة واشتباكات مسلحة مع الاحتلال نصرة للقدس
هكذا استقبل المقدسيون صواريخ المقاومة.. زغاريد وتكبيرات