قضايا وآراء

هل يتراجع الكيان الإسرائيلي خطوة للخلف بعد تحذيرات الضيف؟

1300x600

توعد قائد "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" في قطاع غزة، محمد الضيف، إسرائيل "بدفع ثمن غال" إذا لم تتوقف عن إجراءاتها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة.

وأكد الضيف، قائد هيئة أركان "كتائب القسام" في بيان مقتضب نشر مساء أول أمس الثلاثاء عبر موقعها على قناة التلغرام، "أن قيادة المقاومة والقسام تراقب ما يجري عن كثب"؛ البيان اعتبر نقطة تحول مهمة في استراتيجية المقاومة الفلسطينية وحركة "حماس" خصوصا بعد استهداف مستوطنات غلاف غزة بما يقارب الأربعين صاروخا في ذروة الاشتباك بين الشبان المقدسيين في باب العامود وقوات الاحتلال والمستوطنين قبل أسبوعين من الآن. 

البيان "وجه تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا"؛ ربط مباشر بين القدس وغزة من الممكن أن يوسع من مظلة الردع الصاروخية والعملياتية للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" لتشمل القدس والأقصى بعد فشل وتعثر الجهود العربية والدولية لوقف الاعتداءات الصهيونية على المدينة وأهلها. 

المراقبون سجلوا أن تصريح قائد هيئة أركان "كتائب عز الدين القسام" محمد الضيف هو الأول منذ سنوات بعد خطابه الأخير خلال معركة "العصف المأكول" عام 2014؛ والذي جاء بعد بيان متلفز قدمه الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبوعبيدة مذكرا بمعركة العصف المأكول في العام 2014 وبضرورة إتمام صفقة الأسرى التي لا تزال من ضمن أولويات الحركة .

التصريحات لم تقتصر على قادة الجناح العسكري إذ سبقتها تصريحات الجناح السياسي وعلى رأسه رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية عقب إعلان الرئيس عباس تأجيل الانتخابات التشريعية الخميس الفائت الموافق 29 نيسان (أبريل) الماضي؛ فإسماعيل هنية حذر الكيان الإسرائيلي وقادة المنظمات اليمينية المتطرفة من اقتحام المسجد الأقصى المقرر يوم 28 رمضان الموافق الأثنين الـ 10 أيار (مايو) الحالي؛ تحذير عاد وكرره يوم أمس الأربعاء بعد يوم واحد من بيان الضيف المقتضب قال فيه إن "معركة القدس مازالت مفتوحة على مصراعيها، في ظل تهديدات المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى" فالتوافق واضح بين قادة الجناح السياسي والعسكري على المواجهة وضرورة التصدي للاعتداءات الإسرائيلية على المدينة المقدسة.

 

هل يقبل قائد الأركان الصهيوني أفيف كوخافي ورئيس الموساد يوسي كوهين ورئيس الشاباك نداف أرغمان بتحمل نتائج المواجهة؛ أم يعمد هؤلاء إلى كبح جماح الساسة ومنظمات الهيكل لإرجاء مخططاتهم؟

 



يوم 28 رمضان بات يوما حاسما؛ إما أن يتقدم فيه قادة الكيان ومنظماته المتطرفة الداعية لبناء الهيكل خطوة إلى الأمام؛ أو أن يتراجعوا خطوتين إلى الخلف؛ فالاقتحام المزمع يوم الاثنين الموافق 28 رمضان لـ 30 ألف مستوطن للمسجد الأقصى من الممكن أن يفجر مواجهة عسكرية واسعة وشاملة في فلسطين المحتله وخارجها؛ مواجهة لا يبدو الكيان الإسرائيلي مستعدا لها في ظل فشل نتنياهو في تشكيل حكومة وإعلان رؤوفين رفلين رئيس الكيان ترشيح مائير لبيد رئيس حزب "يش عتيد" لتشكيل الحكومة التي سارع نتنياهو لمهاجمتها ومهاجمة الائتلاف المتوقع لليسار واليمين فيها بزعامة لبيد ونفتالي بينت رئيس حزب يمينا إلى جانب القائمة الموحدة لعباس منصور وحزب ميرتس والعمال وحزب حداش.

الساحة الإسرائيلية ورغم أنها غير مهيئة لمواجهة مسلحة مع الفلسطينين نتيجة التوتر الإقليمي الممتد من سوريا حتى الحدود العراقية؛ ومن مياه البحر الأحمر إلى الخليج العربي الذي بات ساحة للتصارع وتسديد الضربات بين الكيان الإسرائيلي وإيران؛ إلا أن الصراعات السياسية الداخلية ورغبة نتنياهو وبعض أجنحة اليمين إفشال جهود بينت ولبيد لتشكيل حكومة تدفع نحو التصعيد في القدس والمضي قدما في مخططات تهجير سكان حي الشيخ جراح؛ وتنفيذ الاقتحام الصهيوني للمسجد الأقصى في 30 رمضان؛ حسابات من الممكن أن تقود لمواجهة مسلحة واسعة وشاملة مع الفلسطينين سرعان ما ستتحول إلى صراع داخلي إسرائيلي وارتباك يقود إلى ذات النتيجية المتوقعه قبل الاقتحام ألا وهي التراجع خطوة للخلف في القدس لنزع فتيل أزمة قد يمتد لهيبها إلى الإقليم بأكملة.

مواجهة من الممكن أن تخرج عن السيطرة باتساع دائرة الاشتباك الإقليمي واضعة قدرات الردع الإسرائيلي في اختبار يقودها للفشل؛ إذ يفوق قدراتها على المواجهة لفترة طويلة ما سيسجل نصرا للمقاومة الفلسطينية في القدس وفشلا سياسيا وعسكريا في الكيان.

الحسابات الإسرائيلية السياسية لنتنياهو في المرحلة المقبلة من الممكن أن تتصادم مع حسابات القادة العسكريين الذي سيضعون العوائق أمام أي قرار بالمواجهة؛ فالبيئة الإقليمية والدولية غير مواتية لهذه المواجهة وارتداداتها على الساحة الداخلية الإسرائيلية ستكون وخيمة إذ ستعظم من أزمة النظام السياسي الإسرائيلي ونخبه .

في ضوء التقديرات الأولية فإن الكيان سيشهد تجاذبا قويا بين المستويات العسكرية والسياسية في المرحلة المقبلة؛ خصوصا بعد تصريحات الضيف الفريدة من نوعها؛ إذ يتوقع أن تقود إلى دفع الكيان خطوة للخلف في الشيخ جراح والقدس؛ ففي حال عدم التراجع فإن المواجهة تبدو حتمية؛ لتفرض على الكيان العودة للخلف خطوة مضافا إليها أزمة سياسية يمتد تأثيرها إلى المؤسسة العسكرية التي ستتحمل نتائج المواجهة والفشل فيها هذه المرة.

ختاما.. هل يقبل قائد الأركان الصهيوني أفيف كوخافي ورئيس الموساد يوسي كوهين ورئيس الشاباك نداف أرغمان بتحمل نتائج المواجهة؛ أم يعمد هؤلاء إلى كبح جماح الساسة ومنظمات الهيكل لإرجاء مخططاتهم؟ إنه سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة فالضيف وضع الساسة والعسكريين في الكيان بمأزق كبير.
   
hazem ayyad
@hma36


الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع