تتواصل عودة قيادات وكوادر تيار القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان إلى قطاع غزة، تطبيقا لتفاهمات تمت مع حركة "حماس" التي تدير القطاع، وسط تساؤلات حول المتورطين منهم بأحداث العنف، ومن تلطخت أيديهم بالدماء، ودعوات لضرورة ضمانات حقيقية لمنع تكرار الفوضى في القطاع.
ووصل القيادي في تيار دحلان، والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني رشيد أبو شباك، مساء الأحد إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري.
وسبق عودة "أبو شباك" عودة العشرات من قيادات وكوادر تيار دحلان من أبرزهم؛ عبد الحكيم عوض وغسان جاد الله، كنتيجة مباشرة لما سبق أن كشفته "عربي21"، فيما يتعلق بوجود تفاهمات بين حماس والتيار، تزامنت مع التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات الفلسطينية.
وبحسب المرسوم الصادر عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في 15 كانون الثاني/ يناير 2021، سيتم البدء بانتخابات المجلس التشريعي في 22 أيار/ مايو 2021، ثم الرئاسية في 31 تموز/ يوليو 2021، على أن تستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، بناء على نتائج انتخابات التشريعي التي تعد المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 آب/ أغسطس 2021.
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف عن تفاهمات لعودة قيادات تيار دحلان إلى غزة
وفي قراءته لعودة كوادر وعناصر تيار دحلان، قال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، إن "قادة تيار النائب دحلان، يدركون أن وزنهم وقوتهم السياسية بأن يكونوا داخل السلطة التشريعية في ظل استبعاد رئيس التيار (دحلان) في هذه الانتخابات"، لعدم تمكنه من الترشح وفق القانون الفلسطيني، بسبب القضايا المتهم بها أمام القضاء الفلسطيني.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "في هذا السياق، تأتي عودة قادة التيار للمشاركة وحشد الأصوات والتنسيق مع التيارات الأخرى، من أجل خوض انتخابات المجلس التشريعي"، مستبعدا أن "يشارك أنصار التيار مع قائمة الدكتور ناصر القدوة التي أعلن عنها سابقا".
ونبه شراب إلى أن "التيار يهدف لتحقيق إنجاز تشريعي، ومن ثم يتفاوض مع فتح (عباس) بقوه أكثر".
الانتقام وردود الأفعال
وعن المخاوف من عودة قادة وكوادر تيار دحلان، ذكر أن "المخاوف غير مستبعدة، لكن عودتهم تمت بالترتيب مع حركة حماس، التي لها مصلحة في هذا الوضع"، معربا عن خشيته من "عمليات استهداف، تطال بعض من عادوا إلى القطاع من التيار، وهذا مجرد توقع، ويفترض في هذه الحالة، أن توفر لهم الحماية من قبل داخلية غزة (تديرها حماس)، إلا إذا كان هناك من يريد ألا تُجرى الانتخابات".
في المقابل، يرى المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن "السماح بعودة بعض هذه الكوادر، ربما يتسبب بردود أفعال خطيرة، إذا لم تكن العودة ضمن ترتيبات مسبقة، بسبب الأحداث السابقة التي أدت إلى وقوع خسائر خاصة في الأرواح"، مضيفا: "كل فلسطيني له الحق في العودة لوطنه؛ في ظل احترام القانون، والحفاظ على الأرواح والممتلكات والممارسة السياسية السلمية".
وشدد في حديثه لـ"عربي21"، على وجوب "وجود ضمانات حقيقية لضمان عدم الإخلال بالنظام العام وإحداث فوضى، من قبل بعض هذه الكوادر أو العناصر التي سمح أو سيسمح لها بالعودة لغزة"، منوها إلى أهمية العمل على "إيجاد مصالحة مجتمعية حقيقية تنهي بشكل كامل أي نزاعات أو ردود فعل انتقامية متوقعة في المستقبل، جراء عودة بعض هذه العناصر من أنصار دحلان".
ورأى أبو عامر، أنه "يمكن النظر لأنصار دحلان على مستويين؛ أولا المستوى الفردي والجماعي؛ هناك من خرج وليس له علاقة بأي أحداث وقعت سابقا، وهؤلاء عملية عودتهم ليست صعبة ومن السهل عودتهم، أما من لهم علاقة مباشرة بأحداث الانفلات الأمني أو جرائم القتل، فهؤلاء يجب أن تكون عودتهم مرهونة بتحقيق مصالحة مجتمعية حقيقية في قضاياهم؛ عشائرية وقانونية".
ونبه إلى أن "العودة يجب أن تكون في ظل اتفاق سياسي، واحترام لقواعد اللعبة السياسية والنظام العام والقانون الفلسطيني، خشية أن تشكل عودة هؤلاء خطرا على السلم المجتمعي مرة أخرى، وربما يدفع الناس لمواجهات مجتمعية لا تحمد عقابها، يدفع ثمنها الجميع".
من جانبه، ذكر الكاتب والمحلل السياسي، محسن أبو رمضان، أن "مسألة عودة العديد من الكوادر المحسوبة على تيار دحلان تأتي في سياق من التفاؤل بما يتعلق بالعملية الانتخابية وإمكانية تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية الداخلية وإنهاء حالة الانقسام".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "هذا الأمر يتم في سياق التفاهمات ما بين حماس والتيار، باتجاه توفير كل المناخات المناسبة لحالة من التصالح الوطني بعد فترة من الخصومة والاحتقان والتوتر".
وعن الأهمية السياسية لعودة هذه الكوادر في ظل عزم تيار دحلان خوض الانتخابات التشريعية، أكد أبو رمضان، أن "هذه الكوادر وبكل تأكيد، ستعلب دورا مهما، سواء على مستوى التيار نفسه أو بدعم قوائم أخرى، لأنها كوادر لها خبرة وتجربة وباع طويل في العمل السياسي، ووجودها رصيد معنوي وقوة لصالح هذا التيار، خاصة إذا خاض الانتخابات". حسب قوله.
وعن المخاوف من انتقام بعض عائلات ضحايا الانقسام ممن ثبت ضلوعه في أعمال الانفلات الأمني عام 2007، رغم جهود مختلف الفصائل في القطاع لإتمام المصالحة المجتمعية، قال المحلل: "المجتمع الفلسطيني تسود فيه العشائرية والعائلية والقبلية ونزعات الانتقام وردود الأفعال، ولكن في ذات الوقت، لديه نزعات من التسامح والصفاء والأخوة في حال أدرك أن المصالحة المجتمعية يمكن أن تقود لحالة من السلم الأهلي والاستقرار".
التوافق والعمل المشترك
ونبه إلى أن لجنة المصالحة المجتمعية المكونة من مختلف الفصائل، "لعبت دورا مهما في المرحلة الماضية باتجاه تسوية بعض القضايا والخلافات التي نشأت عن حالة الانقسام، ولكن هذا الأمر بحاجة إلى المزيد من الجهود من قبل القوى السياسية ولجنة المصالحة، وإعادة تفعيل دورها باتجاه إزالة أي شكل من أشكال الاحتقان وتهدئة النفوس، وإخماد أي محاولات للتوتر أو الأخذ بالثأر".
وقدر الكاتب أبو رمضان، أن "أحد أهداف سماح حركة حماس بعودة كوادر التيار، يرمي إلى إضعاف التيار الرسمي في حركة فتح (محمود عباس)، خاصة مع وجود خلافات وحالة من التباين بين التيار الإصلاحي وتيار اللجنة المركزية، وبالتالي هناك اعتقاد أنه مع وجود كوادر من التيار، سيساهم هذا في إضعاف تيار فتح الرسمي"، بحسب قوله.
اقرأ أيضا: كيف سيؤثر انقسام فتح وقائمة القدوة على فرص عودة دحلان؟
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أنه "من حق أي مواطن فلسطيني أن يعود إلى أرضه، فلا يوجد لا قانون أو عرف أو أخلاق تمنع الفلسطيني من العودة إلى أرضه"، مضيفا: "فيما يتعلق بعناصر التيار، علينا العمل جميعا على مسح مرحلة الاقتتال الداخلي وكل تداعيات الانقسام".
وشدد في حديثه لـ"عربي21"، على أهمية العمل من أجل زيادة الوعي الجمعي بكل الوسائل، داعيا إلى تجديد "انطلاق قطار المصالحة المجتمعية، وصولا إلى التوافق والعمل المشترك، فالكل بحاجة إلى الكل".
واعتبر الدجني، "هذه الخطوة إيجابية ومهمة ويجب أن يتم تعززيها، والعمل على جبر كل خواطر العائلات التي تضررت من الانقسام، سواء الجرحى أو الشهداء وحتى من تضرر ماليا".
ولفت إلى أهمية "جعل محطة الانتخابات التشريعية، محطة للانطلاق نحو نظام سياسي ديمقراطي تعددي، يقبل الكل ويتعايش الكل معا، من أجل إنجاز المشروع الوطني التحرري".
ما هي أسباب ودلالات التوتر الأخير بين الأردن والاحتلال؟
كيف سيؤثر انقسام فتح وقائمة القدوة على فرص عودة دحلان؟
بوجود عدة قوائم لها.. توقعات بخسارة "فتح" انتخابات التشريعي