حصلت "عربي21" على رسالة موجهة إلى حركة حماس من قبل الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي إبراهيم حامد، يقدم فيها رؤيته لقرار الحركة المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي، ويؤكد فيها أن الانتخابات لن تكون حلا للأزمة الفلسطينية.
ويقضي حامد منذ اعتقاله عام 2006 حكما بالسجن 54 مؤبدا، بتهمة قيادته لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ومسؤوليته عن عمليات قتل فيها حوالي 46 إسرائيليا.
وتنشر "عربي21" ملخصا لأهم النقاط التي تضمنتها الرسالة، بعد أن أثار تقرير نشر سابقا عنها نقاشا كبيرا في الإعلام، وأصدرت حركة حماس بيانا رسميا للرد عليه.
ونفى البيان الموقع باسم "الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون الصهيونية" أن يكون الأسرى قد استثنوا من التشاور بخصوص قرار المشاركة في الانتخابات، ولكنه لم ينف صحة الرسالة المنسوبة للمعتقل إبراهيم حامد في تقرير "عربي21".
وقال البيان: "إننا (الهيئة العليا) جزء أصيل من قرار الحركة ومؤسساتها الشورية، وتمت مشاورتنا بشكل مستفيض في قرار المشاركة في الانتخابات، وما زلنا في إطار التشاور والتباحث حول مخرجات جلسات الحوار وشكل المشاركة".
ومن جهته، أكد مصدر مطلع في حركة حماس لـ"عربي21" أن "حامد" وجه رسالة للحركة بخصوص الانتخابات، ولكنه استدرك بالقول إنها أرسلت قبل إصدار الحركة قرارها بالمشاركة في الانتخابات، على الرغم من أن الرسالة مؤرخة بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد أكثر من أسبوعين من إعلان رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية الموافقة على انتخابات دون اشتراط التزامن بين انتخابات التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني.
وفيما يلي أهم النقاط التي وردت في رسالة الأسير إبراهيم حامد لقيادة حركة حماس، ضمن تغطيتنا الشاملة للانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها في أيار/ مايو القادم:
أولا: إن قرار المشاركة في الانتخابات قرار استراتيجي وأساسي ويفترض أن يتم بطريقة شورية وأن يعرض على أوسع قاعدة ممكنة كما حصل في انتخابات عام 2006، ولكن هذا لم يتم، وقد سمع قطاع السجون بالخبر من الإعلام وتصريحات جبريل الرجوب، ولا ندري هل استشيرت القيادات والوجوه الميدانية في الضفة الغربية بذلك أم لا.
ثانيا: إن موضوع الانتخابات ليس هو المدخل الصحيح لمعالجة الوضع الفلسطيني، لا من ناحية إنهاء الانقسام، ولا من ناحية مواجهة صفقة القرن. وعلى الرغم من أن مبادرة حماس بالتواصل مع حركة فتح من أجل توحيد الموقف الفلسطيني ضد صفقة القرن -حسب تصريحات الشيخ صالح العاروري- هو أمر على درجة عالية من الأهمية، وهو مدخل جيد لتسيير المياه في مجاري الحياة الوطنية والنضالية، ولكن ما تم بعد ذلك هو انحراف نتيجة التواصل باتجاه الانتخابات، وعدم التوصل إلى أي شيء مشترك بين حماس وفتح أو على مستوى وطني جامع على الأرض لمواجهة صفقة القرن.
ثالثا: لقد كانت نتيجة الانتخابات في عام 2006 عمليا هي السبب في الانقسام الحالي، بسبب عدم قبول حركة فتح بالتعامل الإيجابي مع نتائجها، وإن الانتخابات الحالية لن تختلف عن سابقتها، بغض النظر عن سيناريوهات النتائج.
فإذا فازت حركة حماس هل ستسلم فتح بنتيجة الانتخابات أم سيتكرر سيناريو 2006، وإذا سلمت فتح جدلا بالنتيجة فكيف سيتم التعامل إداريا ونضاليا مع الاحتلال؟
أما إذا فازت حركة فتح، فهل ستسلم حماس قطاع غزة لها (تحت الأرض وفوق الأرض)؟
وإذا فاز تيار وطني أصيل في الانتخابات، فما الذي سيمنع الاحتلال من اعتقال النواب وتعطيل المجلس التشريعي كما حصل سابقا؟
إن الذهاب إلى الانتخابات دون الإجابة على هذه التساؤلات سيكون سببا في التعقيد لا سببا في الحل.
رابعا: إن هدف حركة فتح ومحمود عباس من الانتخابات هو تجديد شرعية عباس وإضعاف شرعية حماس التي حصلت عليها في انتخابات 2006، وهنا يكمن تخوف آخر وهو ألا تتم أصلا انتخابات نزيهة. فإذا كان عباس قد أجرى انتخابات نزيهة تحسب له عام 2006، فإن تجربة الانتخابات المحلية والطلابية وحتى داخل فتح بعد عام 2006 تثير القلق من إمكانية عدم حصول انتخابات نزيهة مرة أخرى، وهو ما سيضع حماس في مأزق كبير. إن وضع الضفة الغربية يقلل من إمكانية حصول انتخابات نزيهة، فقد أصبحت الضفة تحكمها "هياكل قديمة، لا توجد لا حماس، ولا جبهة شعبية ولا ديمقراطية، ولا جهاد إسلامي، ولا حتى فتح، ما يوجد هو أجهزة أمنية بوليسية (النسخة المستحدثة لفتح) تخشى الناس، وتمارس الحكم كأسوأ نموذج من نماذج تلك الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي لا يزال بعض بقاياها في العالم الثالث!"
خامسا: لم تقدم حماس أي مطالب سياسية أو وطنية مقابل الموافقة على الانتخابات، مثل الطلب من عباس الضغط على مصر والاحتلال لرفع الحصار عن قطاع غزة، فضلا عن التوافق على برنامج لمقاومة صفقة القرن.
سادسا: يجب التأكيد على أهمية استقلال قرار حركة حماس، بحيث لا تصبح قراراتها نتيجة لضغوط دول معادية أو صديقة، خصوصا الدول التي لها علاقة مع الاحتلال. يجب أن تكون العلاقة مع الدول منطلقة من مبادئنا، وعلى الرغم من ضعفنا في ميزان القوى العالمية، إلا أن تمسكنا بالحق ورفضنا للتنازل يعطينا مصدر قوة، ومثال ذلك ما حصل من إعلان عباس رفضه لصفقة القرن، وهو الموقف الذي جعل ترامب والدول الإقليمية تتلكأ وتؤجل إعلان الصفقة في تلك الفترة.
سابعا: إن الموقف الأخلاقي يتطلب من حماس الاعتراف بأخطائها، ولكن الترويج لقبول الانتخابات باعتباره تراجعا عن خطأ الانقسام يظهر وكأن الانقسام كان بسبب حماس، مع أن الحقيقة هي أنه كان نتيجة لعدم قبول فتح بنتيجة الانتخابات، وبسبب وجود برنامج لإسقاط حكومة حماس والانقلاب عليها.
ثامنا: إذا كانت المصالحة تتطلب دفع أثمان سياسية، فيجب ألا يكون الثمن الذي ستدفعه حماس هو التصالح مع البرنامج السياسي لمحمود عباس. إن حماس يجب أن تمتلك الشجاعة لتقول إنها لا تريد هذه المصالحة ولا تريد النزول إلى برنامج سياسي لا يشبهها. "لا نريد برنامجا يمحو رايتنا وروايتنا".
تاسعا: وافقت حماس على الانتخابات دون التمسك بشرطين أساسيين كانا معلنين سابقا، الأول أن تتم الانتخابات بالتزامن بين المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، والثاني أن تتوقف السلطة عن التنسيق الأمني. لقد توقفت محادثات القاهرة سابقا بسبب عودة السلطة للتنسيق الأمني، فلماذا تم التغاضي عن هذا الأمر الآن؟ وألا يمكن أن يظهر قرار المشاركة في الانتخابات بدون التنازل عن التنسيق الأمني حركة حماس وكأنها توافق ضمنيا على التنسيق؟
عاشرا: لماذا لا تطرح حماس في حواراتها مع فتح، مثل الحوار الأخير، قضايا وطنية، مثل المطالبة بالاعتذار والتخلي عن الاعتراف بالاحتلال وعن مسار أوسلو وعن التنسيق الأمني، وغيرها من القضايا الوطنية.
حادي عشر: لم تتم مراعاة التغيرات الدولية والإقليمية والداخلية في قرار المشاركة في الانتخابات، وأهمها إدارة بايدن وفريقها الصهيوني وبرنامجها لدعم التطبيع، وتنامي حلف إسرائيل بالمنطقة، واستعدادات الحرب على إيران، وانفراط عقد الجامعة العربية، وغياب حماس المؤثر في الضفة الغربية وحرمانها من نشاطها بقرار من السلطة. وبأخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار، هل فكرت حماس بكيفية التعامل مع الوضع إذا خسرت شرعيتها في الانتخابات، وطلب منها مثلا نزع سلاحها؟
ثاني عشر: يتحدث اتفاق القاهرة عن انتخابات منظمة التحرير بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية. فهل جرى نقاش داخل حماس أو على المستوى الوطني عن طبيعة المنظمة التي نريد؟
"ماذا عن السياسات غير الوطنية والقرارات والاعترافات المنحرفة منذ عام 1974؟ هل لدينا جهاز قانوني لإعادة النظر واقتراح ما نراه يلبي رؤيتنا ورؤية فئات وشرائح واسعة من أبناء شعبنا؟
ماذا عن علاقات منظمة التحرير الدولية، والقيود المحكومة لها، ما حاجتنا لكل هذا العبء؟ هل نريد أن نحكم أم نريد أن نحرر: أين هي المهمة المركزية؟ وما هي الصيغ التنظيمية المناسبة لهذه الأمور؟! ما هي اجتهاداتنا ومقارباتنا وسعينا لإرساء ثقافة وعناوين وطنية يمكن الدعوة لها وجمع الآخرين حولها؟ أين هو مسعانا ودورنا في بلورة إجماع فلسطيني جديد؟ إذا كان المجلس الوطني الفلسطيني العتيد القادم سيمثل ال (13) مليون فلسطيني فما هو البرنامج الجامع الذي يلبي احتياجات وتطلعات كل فئة منهم؟ ماذا عن برنامج "تحرير فلسطين" هل يمكن إعادة الاعتبار له، أم الارتكاس عنه في برامج التيه والضياع التي سعت وتسعى لإسقاطه، وهل يوجد برنامج آخر غيره، قادر على أن يعكس ويترجم طموحات وتطلعات جميع أبناء شعبنا الثلاثة عشر مليونا؟ هل عالمنا، الذهني والفكري يدور حول هذه المسائل أم هو مفرغ منها؟ هل يوجد لدينا مذهبنا الخاص في التحرير، يتعدى الحالة الخطابية؟ هل فعلا نريد تحرير فلسطين، عندما نكتب هذا الشعار ونرفعه في وثائقنا وبياناتنا، هل نعني ما نقول؟ وهل نبني سياساتنا واتصالاتنا ومقارباتنا ودبلوماسيتنا ومقاومتنا على هذا الأساس وأخذا بهذا الاعتبار؟!".
مصر والأردن تضغطان على عباس لمصالحة دحلان قبل الانتخابات
حصري: عناصر وقادة بحماس في الضفة غاضبون من الانتخابات
شخصيات مستقلة بغزة تتحدث لـ"عربي21" عن رؤيتها للانتخابات