كبرتُ وأنا منهمكٌ مثل “ساعاتيٍّ” عجوز، يعالجُ الوقتَ من لسعةٍ غامضة، أو أدرّبهُ على الهرب من “عقربين” سامَّين، وشرهين، يركضان ورائي.
يمرضُ الوقتُ، مثل الكائنات. أو ينسرقُ، أيضاً، مثل باقي الحاجيات.
نربحه، أو نخسره، في رهان.
نُضيّعه في قاع خزانةٍ ثقيلةٍ، أو نتركه وراءنا في زيارة غير محسوبةٍ. ويقعُ مِنّا في الجبال.
حتّى وهو مُعلَّقٌ في الرسغ مثل تميمةٍ؛ ينزفُ الوقت.
أو يرشحُ مثل جِرار العسل.
وينمحي مثل أثر الطائرات الأبيض المراوغ في السماء.
لا يَعلقُ منه بالبدن غير تلك التجاعيد الهائلة على ظاهر الكفّ، كأنَّها الفوضى التي خلَّفتها أرجل العقربين.
ومثل مطرٍ خفيفٍ لا يظلُّ منه شيء.
“الوقت” جائزةٌ. “الوقت” عِقابٌ. “الوقت” طائرٌ في الأعالي لا تقبضه يد.
والوقت دائريٌّ مثل فكرتنا عن “الوقت”. أو طولانيٌّ مثل طريقٍ مُسيَّجةٍ بالأعاجيب.
ننهبه كأنَّه آخر طعامنا. ونؤجلهُ كأنه طمأنينة دائمة.
يجري كالغزلان الهاربة، أو يُطيّر كلَّ شيءٍ في طريقهِ كالريح.
نبدّدهُ كأنَّه أعطية لن تنتهي.
“الوقت” جهنَّم الانتظار. وحسرة النقصان الفريد: لا يكفي لتمدّ يدك من النافذة. ولا يكفي لكي تستعيدها.
لا يكفي ليلتفّ على خصر امرأةٍ واحدةٍ مرَّتين!
ولا يكفيها أن تعود إلى بيتها.
“الوقت” خُسرانٌ دائمٌ. وينفد بسرعة الكلام عنه.
“الوقت” ذريعةُ الميت وهو يماطلُ: لم آخذ حصّتي من “الوقت”.
و”الوقت” ذريعةُ الأحياء وهم يتبادلون “بطاقات المعايدة”.
عن الغد الأردنية