قال الشاعر والكاتب السوداني المرموق عبد القادر الكتيابي؛ إن القضية الفلسطينية هي "هم شخصي" وأواصر دم ولسان وثقافة، وفوق ذلك كله علاقة عقائدية. ورأى بأن استنكار "المؤامرة ضد فلسطين" صادق وعميق، رغم اختلاف مواقف الحكومات؛ "للسياسة شأنها وللشعوب مواقفها".
ويجلس الكتيابي على تأريخ زاخر بمجالات الفنون المختلفة على صعيد الكتابة الإبداعية أو المسرح أو الشعر، وله دواوين شعر منتشرة في السودان والدول العربية، من بينها: (رقصة الهياج) و(هي عصاي) و(قامة الشفق)، وحسب موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية، فقد سبق للكتيابي أن أحرز المركز الأول في مسابقة الندوة الأدبية للقصة القصيرة على مستوى القطر 1976م، وشارك في عدد من المؤتمرات والمهرجانات الأدبية والسمنارات العلمية للمجامع اللغوية والجمعيات والروابط العربية في عدة مجالات، وأعد للنشر كتابه (صريف الأقلام) الذي يحتوي على مجموعة من المقالات والبحوث، وله ديوان بالعامية (أغنيات على سفر)، التي تغنى بها العديد من رموز الغناء السوداني، كما عرض من أعماله مسرحيا النص التوثيقي (طلع البدر).
بالنسبة للكتيابي، فإن الشعر السوداني قد تأسس على "هم فلسطين"، ويقول في هذا الخصوص: "معروف أن تاريخ الأدب السوداني عامر وضارب في القدم من خلال مجالس الأدب وعند طفرة النشر، وكان للهم الفسطيني تأثير على أول اتحاد للأدباء السودانيين، بل يكاد يكون هو السمة المركزية البارزة في الأدب السوداني".
وأشار إلى أن كثيرا من معلميهم وكبار الشعراء الراحلين في السودان صاغوا أعذب الأشعار عن فلسطين وإنسانها وأرضها وتاريخها، وما يزال الشعراء السودانيون يملؤون الآفاق والمنابر بكلماتهم، "لذلك؛ فإن القضية الفلسطينة حاضرة، بل أنا أعجب عندما أسأل الآن عن فلسطين؛ لأنها بالنسبة لنا قضية مركزية".
"إن أهل السودان، وخاصة عرب السودان تربطهم بأهل فلسطين ـ على اختلاف ثقافاتهم ـ أوصال الدم واللسان والثقافة، وفوق ذلك كله العقائد، لذلك فإن الهم الفلسطيني بالنسبة لنا هم شخصي".
ويبدي الشاعر السوداني دهشته من اختزال الإعلام للقضية الفلسطينية في "عبارة مستهلكة ومكرورة مثل تضامنا مع الشعب الفلسطيني"، ورأى أن كلّ ما قيل من أشعار وخطب وهتافات ومواكب وتغريدات على الوسائط، يختزله الإعلام في هذا العبارة، بينما حقيقة الأمر أنها قضية شخصية لكل صاحب ضمير حي؛ سواء كان مسلما أو مسيحيا أو من الشعوب الحرة في أنحاء العالم، "فالقضية الفلسطينية تضمنت كل المقومات لتكون قضية إنسانية بحتة".
وأردف؛ "إن أهل السودان وخاصة عرب السودان تربطهم بأهل فلسطين ـ على اختلاف ثقافاتهم ـ أوصال الدم واللسان والثقافة، وفوق ذلك كله العقائد، لذلك فإن الهم الفلسطيني بالنسبة لنا هم شخصي".
وأوضح بأن علاقته بالقضية الفلسطينة لا يؤرخ لها بتاريخ، وقال: "ولدنا والمؤامرة قد تبلورت وأخذت شكلها الذي برز على السطح، ونشأت أجيال سارت في مسار الاستنكار الصادق والعميق لما يجري في فلسطين من المجازر التي تمت، والدماء الطاهرة التي أريقت، والتعامل الوحشي الذي وقع على هؤلاء الأبرياء الوادعين القابعين في بيوتهم، والذين أخرجوا منها أو دمرت على رؤوسهم. لذلك؛ فإن القضية الفلسطينية هم شخصي، وحتى ولو اختلفت مواقف الحكومات، فللسياسة شأنها ولكن للشعوب مواقفها، وكما هو منشور في الإحصاءات 88% من الشعوب في العالم تناصر القضية الفلسطينية".
وللكتيابي علاقة "مودة عميقة وعظيمة" بالشعراء والأدب الفلطسيني، يقول: "العلاقات الشخصية ربطتني بشعراء كبار، من بينهم العلامة وشاعر الأجيال الراحل محمود درويش عبر لقاءاتنا معه في السودان وفي دولة الإمارات، فكانت بيننا مودة عميقة وعظيمة، وكذلك أصدقاء عاصرناهم وعملوا معنا مثل الأستاذ الشاعر محمود مرزوق، فضلا عن قراءاتنا القديمة لسميح القاسم، فنحن تأسسنا على الأدب الفلسطيني".
وحول شيوع الذائقة الشعرية المتأثرة بالقضية الفلسطينية في السودان، يقول الكتيابي: "الشعر ينضح بما يحمله صاحبه من هموم في كثير من النصوص، حتى ولو لم تكن مخصصة للقضية الفلسطينية، لكنها تطل برأسها".
وعن هذا التأثر، يروي الكتيابي لـ "عربي 21" قصة النص الذي كتبه بعنوان: (يا عبد الله.. الله الله!) إلى ولدي عبد الله، وذكر أن النص خرج بغير قصد وانسربت الخواطر وأخذت مجراها، بعد أن "تلقيت بشريات مولد ابني الأول عبد الله".
مقتطفات من نص القصيدة:
***
ياعبد الله.. الله الله ..!
يا بن الموتى وأخا الموتى ..
يا شبها غلب الأشباه
أنبت كأبيك بغرب النيل.. وكن رأسيا
بين البيت وبين البيت ..
فإن المولى
مولى المولى
والمولى مولى مولاه ..
...
.. فبحق السادة من بدر ..
حتى تاريخ صلاح الدين
بالحجر الواعد بالتمكين ..
بالأربعمائة المطرودين
بخيولك يا عبد الله نجوس خلال فلسطين ..
فالعن كل المغضوب عليهم والضالين
وقــــل آمين ..
أكاديمي سوداني: هذه علاقتي بفلسطين وقصة لاءات الخرطوم
الرئيس التونسي السابق محمد الناصر: هذه قصتي مع فلسطين