أورد الرئيس التونسي المؤقت ورئيس البرلمان السابق محمد الناصر، أن علاقته بقضية فلسطين ودعم حركة التحرير الفلسطينية وقياداتها، تعود إلى أكثر من ستين عاما، عندما كان قياديا في اتحادات نقابات الطلاب في تونس والدول المغاربية، ثم عند توليه مسؤوليات عليا في الدولة التونسية، وفي مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف.
كما عاش محمد الناصر بين القاهرة وسيناء أجواء معركة العبور في تشرين أول (أكتوبر) 1973.
في هذا السياق أورد الرئيس محمد الناصر في شهادته لـ "عربي21": " قصتي مع فلسطين بدأت مثل غالبية شباب تونس والدول العربية في الخمسينيات من القرن الماضي. كنت طالبا وعضوا في قيادة اتحاد الطلاب التونسي وفي اتحاد طلاب بلدان شمال أفريقيا، مع شخصيات وطنية تونسية ومغاربية تولت لاحقا مسؤوليات عليا في الدولة بينها الطاهر بلخوجة، الذي عين وزيرا للداخلية والإعلام في السبعينيات والثمانينيات".
ويمضي محمد الناصر قائلا: "أعتز اليوم أني خدمت من المؤسسات الأممية والدولية في جنيف ملفات قضية فلسطين الوطنية وحقوق الإنسان الفلسطيني، وأني توليت مرارا رئاسة المؤتمر العالمي للشغل التابع لمؤسسة المكتب الدولي للشغل، الذي يشارك في أشغاله سنويا ممثلون عن الحكومات ومنظمات رجال الأعمال ونقابات العمال من العالم أجمع".
"كما ساهمت في خدمة المطالب الوطنية والإنسانية لشعب فلسطين في مناسبات عديدة، عندما ترأست لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة".
ويضيف: "وأعتز اليوم أن أستحضر مسيرتي في جنيف في المكتب الدولي للشغل ولجنة حقوق الإنسان الأممية، وتمسكي بالانحياز لمواقف وفد فلسطين والقيادة الفلسطينية بزعامة الرئيسين ياسر عرفات ثم محمود عباس".
ويمضي الرئيس التونسي السابق محمد الناصر في تقديم شهادته وقد غلبته عبراته، قائلا : "أذكر خاصة أنه في عام 1976 نظم المكتب الدولي للشغل مؤتمرا دوليا حول التشغيل، حضرته وفود الحكومات ونقابات رجال الأعمال والنقابات من أغلب دول العالم، لمناقشة انعكاسات "حظر النفط" الذي قررته الدول العربية بعد حرب أكتوبر ـ رمضان 1973 على اقتصاديات الدول الغربية وعلى فرص التشغيل عالميا. وكانت الأجواء متوترة ضد العرب وضد الشعب الفلسطيني بعد ارتفاع أسعار المحروقات في الدول الصناعية الغربية. كنت رئيس المؤتمر ممثلا عن الدولة التونسية والمجموعة العربية. وكان من المقرر أن تحضر المؤتمر كالعادة المنظمات غير الحكومية بما فيها منظمة التحرير الفسلطينية، التي منحت سابقا صفة عضو مراقب".
وتابع: "لكنني فوجئت أن بعض الدول العظمى قامت بتعديل النظام الداخلي للمؤتمر، وقررت منع منظمة التحرير الفلسطينية من المشاركة وإقصاءها، بحجة أنها لا تمثل دولة. اتصل بي وفد من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ليلة المؤتمر وأعلمني بقرار الإقصاء، وأن الدول العربية قررت الانسحاب في صورة منع الوفد الفلسطيني من الحضور".
يضيف الناصر: "وجدت نفسي مخيرا بين الاستقالة أو قبول رئاسة المؤتمر مع الموافقة على إقصاء وفد فسلطين وعلى انسحاب وفود أغلب الدول العربية. فكرت ثم قررت الضغط على منظمة العمل الدولية التي تعرفني جيدا؛ لأنني سبق أن ترأست دورات سابقة للمؤتمر. وكان الترتيب المعمول به أن تنتخب الجلسة العامة للمؤتمر بعد الافتتاح رئيسا للمؤتمر ونائبيه، فقررت حضور جلسة افتتاح الأشغال، وبعد انتخابي رئيسا تطبيقا لتوافق سابق مع الدولة التونسية، رفعت الجلسة ومنعت المؤتمر من انتخاب نائبي الرئيس واستكمال الأشغال قبل الموافقة على إلغاء قرار منع الوفد الفلسطيني من الحضور.
وجد المعادون أنفسهم في ورطة.. قمت بمفاوضات في الكواليس مع كبار المسؤولين في المنظمة الدولية وفي الأمم المتحدة وممثلي الدول، حتى وافقوا على تعديل النظام الداخلي مجددا وعلى حضور وفد فلسطين. افتككنا هذه الموافقة، فاستأنفنا أشغال المؤتمر وانتخبنا نائبي الرئيس، وأعطيت الكلمة لممثل فلسطين في الجلسة العامة، وسط تصفيق كبير من غالبية وفود العالم.
أعرب ممثلو الوفد الأمريكي وحلفاء إسرائيل عن استيائهم. في المقابل وجه الزعيم ياسر عرفات لي برقية شكر باسمي وباسم تونس.
وأضاف الناصر متحدثا عن علاقته بالقضية الفلسطينية: "في سياق متصل، خضنا معارك عديدة لصالح قضية فلسطين في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خلال اجتماعاتها في جنيف. وقد ترأست كثيرا منها، وكان لدي اتصال وتنسيق مع الوفد الفلسطيني وقيادة المنظمة ومع الرئيسين ياسر عرفات ومحمود عباس".
ويختتم الرئيس محمد الناصرشهادته قائلا: "مواقفنا من عدالة الحقوق الوطنية الفسلطينية مبدئية. بالنسبة لنا كانت علاقتنا بفلسطين تحكمها الثوابت؛ لأنها قضية دعم الحقوق المشروعة والتحرر من الاحتلال. عشنا دوما ونحن نؤمن أن شعب فلسطين إخواننا في الدم والدين، في العروبة والإسلام، ومكافحة الاستعمار عالميا".
"عشت العدوان الثلاثي والحروب العربية الاسرائيلية. كنت مستاء من موقف عبد الناصر الذي حضرت أحد الاجتماعات معه وأنا وزير في حكومة الحبيب بورقيبة. لكن تنكر عبد الناصر للزعيم بورقيبة عام 1965 بعد أن وافقه على إعلان مبادرته في أريحا، كانت غلطا أربك العرب وأساء في نظري لفلسطين".
وتابع: "كما زرت القاهرة في عهد الرئيس محمد أنور السادات، وكنت وزيرا في الحكومة التونسية وحضرت مناسبات قومية في علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي. وكنت شاهدا على انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر رمضان 1973 عندما أجبروا قوات الاحتلال الإسرائيلية على الخروج من سيناء. واكبنا معركة أكتوبر والعبور.. وقد نقلونا إلى سيناء للاطلاع على نتائج المعركة وعلى إنجازات أبطال جيش العبور".
وحول اتفاق السلام المصري ـ الإسرائيلي قال الناصر: "في المقابل، عشت مع جيلي من السياسيين بمرارة أجواء اتفاق كامب ديفد المصري الإسرائيلي لعام 1979، واعتراضات الرأي العام الفلسطيني والعربي على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس المحتلة وإلى الكتيست الإسرائيلي".
ويختتم الناصر شهادته قائلا: "عرفت عن قرب الزعيم ياسر عرفات ورفاقه ثم الرئيس محمود عباس، الذي زارني في مكتبي في رئاسة البرلمان في قصر باردو . وأعتقد أن معضلة فلسطين اليوم هي الانقسام الداخلي بين الصفة الغربية وقطاع غزة والفصائل.. لا بد من دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية. وفي كل الحالات أعتقد أن الإرادة الفلسطينية سوف تنتصر؛ لأن الحقوق الوطنية المشروعة تنتصر طال الزمن أم قصر".
واجب انتماء الأمة لفلسطين وانتهاء فلسطين للأمة
مصطفى بن جعفر لـ "عربي21": هذه قصتي مع فلسطين
لماذا أدافع عن فلسطين؟ معن بشّور يجيب