هاجمت أحزاب يسارية في اليمن السبت، الرئيس عبدربه منصور هادي، واتهمته بخرق الدستور "بشكل فاضح"، على خلفية قراراته الأخيرة بتعيين رئيس لمجلس الشورى ونائب عام للجمهورية.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن الحزب الاشتراكي اليمني
والتنظيم الوحدوي الناصري، في وقت متأخر من مساء السبت.
وقال الحزبان اليساريان: "تابعنا باستنكار وأسف
شديدين الأخبار المتداولة منذ ليلة الجمعة في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية،
عن صدور قرارات جمهورية بتعيين نائب عام للجمهورية من خارج أعضاء السلطة القضائية،
وتعيين أعضاء في مجلس الشورى وهيئة رئاسة للمجلس، بصورة تمثل خرقا فاضحا للدستور وانتهاكا
سافرا لقانون السلطة القضائية".
وكان الرئيس اليمني قد أصدر مساء الجمعة، قرارات جمهورية
بتعيين، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، أحمد بن دغر، رئيسا لمجلس الشورى، ونائبين
له، هما عبدالله أبو الغيث، ووحي أمان.
وقضى في مرسوم ثان، بتعيين الدكتور أحمد الموساوي،
نائبا عاما للجمهورية، بديلا عن سلفه علي الأعوش، الذي عينه سفيرا في وزارة الخارجية
في الحكومة المعترف بها.
واعتبر الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري هذه القرارات
"انقلابا على مبدئي التوافق والشراكة الوطنية وعلى مرجعيات الفترة الانتقالية،
وبالخصوص وثيقة الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار التي نصت على توسيع مجلس الشورى وإعادة
تشكيله بالمناصفة بين الشمال والجنوب، وبما يضمن مشاركة وتمثيل كل المكونات السياسية
المشاركة في مؤتمر الحوار، وتمثيل المرأة والشباب وفق مخرجات الحوار".
اقرأ أيضا: أمريكا ترفض طلبا أمميا بالتراجع عن تصنيف "الحوثي" إرهابية
وأكد البيان أن قرار تعيين هيئة رئاسة لمجلس الشورى يمثل
انتهاكا فاضحا واعتداء سافرا على حق أعضاء مجلس الشورى المطلوب توسيعه، وإعادة تشكيله
في اختيار هيئة رئاسة المجلس، وفقا للإجراءات التي نصت عليها اللائحة الداخلية للمجلس
والصادرة بقانون.
وبحسب بيان الحزبين اليساريين، فإن صدور مثل هذه القرارات،
وتلك التي لا تأخذ بالاعتبار أهمية تحقيق التوازن المطلوب في هذه المرحلة في قرارات
التعيين بين الشمال والجنوب في مؤسسات الدولة المختلفة، من شأنه أن يزعزع الأمل الذي
تولد بتنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية.
وأشار البيان إلى أنها "تحبط التطلعات المعقودة
عليها في تثبيت الأمن والاستقرار، وإجراء اصلاحات جذرية وعميقة، على طريق اقامة نموذج
جاذب للدولة، وإصلاح مسار الشرعية، بما يمكنها من تجاوز كل أخطاء وخطايا الفترة السابقة،
وتعزيز تلاحم الصف الوطني الداعم للشرعية، وتوحيد كل الجهود والطاقات لاستعادة الدولة
وإنهاء الانقلاب، واحلال سلام شامل ودائم".
وحذر حزبا الاشتراكي والناصري من أن تؤدي هذه القرارات
إلى خلق العراقيل أمام تمكين الحكومة من القيام بمهامها، في أجواء وفاق وطني داعم لخطواتها
لمواجهة التحديات.
ودعا البيان الرئيس هادي إلى التراجع عنها، وإعادة تشكيل
مجلس الشورى وفق ما نصت عليه وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار الشامل، وتعيين النائب
العام وفقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية.
وطالبا بـ"إنهاء حالة التفرد والالتزام بالشراكة
والتوافق، وبالمرجعيات ومبادئها الحاكمة لإدارة المرحلة الانتقالية"، وفق ما ورد
في البيان.
وجاء بيان الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، بعد إعلان
المجلس الانتقالي الجنوبي (مدعوم من الإمارات)، وجناح حزب المؤتمر الموالي لنجل الرئيس
الراحل، علي صالح، رفضهما لقرارات الرئيس اليمني واعتبارها "نسفا لاتفاق الرياض".
وقال المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، وعضو
هيئته الرئاسية "علي الكثيري"، إن "المجلس يرفض ما وصفها بـ"القرارات الأحادية الجانب" التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي.
اقرأ أيضا: داخلية اليمن: حوثيون وإيرانيون ولبنانيون وراء هجوم المطار
وأضاف في تصريح عبر موقعه الإلكتروني للمجلس أن "هذه
القرارات تعد تصعيدا خطيرا وخروجا واضحا عن ما تم التوافق عليه"، متابعا بالقول:
"تعد أيضا، نسفا لاتفاق الرياض".
وأشار الكثيري إلى أن هيئة رئاسة المجلس "تتدارس
ما حدث وستعلن موقفا رسميا في القريب العاجل".
وكان أحمد بن دغر، القيادي في حزب المؤتمر (جناح الشرعية)،
قد رحب بقرار الرئيس هادي تعيينه رئيسا لمجلس الشورى.
"رأب
الصدع"
وقال في تغريدة بموقع "تويتر" مساء السبت:
"لقد مارستم حقكم الدستوري، وترجمتموه بما رأيتم فيه خيرا لليمن واليمنيين، وخطوة
مهمة في الطريق"، مضيفا أنكم "منحتمونا فرصة للعمل معكم. سنكون إن شاء الله
عند حسن ظنكم بنا، وفي مستوى الأمل الذي يعلقه شعبنا على قراراتكم الوطنية الصائبة".
وتابع: "يحدونا الأمل أن يكون المجلس مقدمة لرأب
الصدع بين الإخوة في الهدف والموقف، وفي التصدي للعدو الحوثي المدعوم إيرانيا، ووسيلة
في الدفاع عن الشرعية المنتخبة، وقناة لمساندة التحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة
المملكة، في معركة العروبة في اليمن".
وأعرب رئيس مجلس الشورى اليمني الجديد عن أمله في أن يكون
المجلس "خيمة" وواحة جديدة، لممارسة الديمقراطية والتعبير الحر عن الحقوق،
بديلا للعنف، مؤكدا أن المجلس سيكون منبرا للدفاع عن القيم والثوابت الوطنية، الدستورية
والقانونية، وفي أساسها وجوهرها الجمهورية والوحدة والدولة الاتحادية.
وتنص المادة 28 من الدستور اليمني على أن يتم انتخاب رئيس ونائبي رئيس مجلس الشورى بطريق الاقتراع السري، بعد فتح باب الترشح لمنصب الرئيس والنواب، على أن يحصل الفائز على الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس ذاته.
أيام معدودة
من جهته، أعلن الجناح الموالي للإمارات وأحمد علي عبد الله صالح، النجل الأكبر لمؤسس الحزب الرئيس اليمني الراحل، في حزب المؤتمر، رفضه القاطع لقرارات هادي الأخيرة.
وفي بيان صادر عنه، قال إنه يرفض ما أسماها "الخروقات
والتجاوزات المتتالية" التي ترتكبها قيادة الشرعية والمخالفة للدستور اليمني والمبادرة
الخليجية والتوافق السياسي، منذ وصولها إلى الرئاسة لقيادة البلاد كرئيس انتقالي حتى اللحظة.
وأضاف أن حزمة القرارات المتضمنة تعيين رئيس مجلس الشورى
ونوابه وقرارات أخرى تمثل "خرقا واضحا وفاضحا للدستور واتفاق الرياض الذي رعته
السعودية بين القوى اليمنية والذي لم يجف حبره بعد".
واتهم بيان جناح المؤتمر الموالي لأبوظبي، الرئيس هادي
بـ"محاولة اختراق اتفاق الرياض والتنصل منه" عبر هذه الخطوات والقرارات،
داعيا القوى السياسية الداعمة للشرعية إلى التماسك والالتفاف حول بعضها من أجل إنجاح اتفاق
الرياض وتفويت الفرصة على المتربصين باليمن وأمنه واستقراره.
وحذر البيان من أن أيام الشرعية ستكون معدودة حال
لم يتم تنفيذ خطوات جادة، في إعادة النظر لمسار الشرعية وتصحيح نهجها.
ويأتي هذا التصعيد في ظل تعثر استكمال تنفيذ الشق الأمني
والعسكري من اتفاق الرياض في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، ومدينة زنجبار، المركز الإداري
لمحافظة أبين، رغم تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب بمشاركة المجلس الانتقالي
الذي يرفض سحب قواته من المدينتين، كما هو منصوص في الاتفاق.
ما دلالات التغييرات الإدارية الجديدة في السلطة الفلسطينية؟
ما دلالات إصرار رئيس "الانتقالي" على الانفصال باليمن؟
اليمن يعاني زيادة قياسية في الجوع ونقصا حادا في التمويل