كتاب عربي 21

هل تنهي مبادرة السراج نزاع المركزي ومؤسسة النفط؟

1300x600

أثار إعلان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الاحتفاظ بإيرادات النفط وعدم تحويلها للمصرف المركزي أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، وكانت الدافع لتحرك المجلس الرئاسي ساعيا لاحتواء النزاع كما ورد في بيانه الداعي لانعقاد اجتماع عاجل يضم كبار مسؤولي الدولة.

مسؤولية الرئاسي عن النزاع

والحقيقة أن موقف المجلس الرئاسي مضطرب وهو يحاول فعل شيء لوقف تداعيات ما وقع كونه طرفا في الأزمة التي تخنق حكومة الوفاق منذ عام تقريبا وتُرتِب وضعا اقتصاديا مأساويا للبلاد والعباد. إذ لا يمكن عزل المجلس الرئاسي عن التطورات المتعلقة بالنزاع حول موارد الدولة، وبالعودة إلى مبادرة سابقة لرئيس المجلس أثناء العدوان على طرابلس دعا السيد السراج إلى التحفظ على عوائد البترول إلى حين الوصول إلى تسوية شاملة.

أيضا صرح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في أكثر من مناسبة بأنه استلم توجيها مباشرا من السراج يقضي بالتحفظ على إيرادات النفط وعدم إتمام الدورة المالية المعتادة المتعلقة بحركة إيرادات البترول.

مضامين المبادرة

انتقل البحث في حل خلاف الإيرادات النفطية إلى مساحة أوسع بكثير خارج دوائر حكومة الوفاق التي يدور النزاع في محيطها إلى رقعة تتداخل مع الضفة الأخرى، حيث الحكومة المؤقتة والمركزي الموازي. إذ دعا بيان الرئاسي بعد الاجتماع إلى تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة (الغرب والشرق) للاجتماع للتنسيق لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي، كما حث مجلس إدارة المصرف المركزي، الذي يضم عناصر من الشرق، للالتئام لمعالجة وضع سعر صرف الدولار.

بوصلة ضائعة

ولج المجتمعون إلى تفاصيل الأزمة الاقتصادية والمالية وكيفية احتوائها دون الخوض فيما أعتبره صلب النزاع وأساس التدهور الحاصل اليوم في مؤسسات الدولة، وهو التعدي على القانون ومصادمة التشريعات والتفرد بقرارات مصيرية تقود إلى كوارث.

الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة هي نتاج العقل الفردي المستبد بدءا من إغلاق النفط ومرورا بقرارات مالية تسببت في هدر الثروة وقرارات عطلت الدورة المالية وصولا إلى قرار احتجاز إيرادات النفط.

قرار المؤسسة الوطنية للنفط غير قانوني وهو تعد صارخ، وجاء ردا على تجاوز المصرف المركزي لصلاحياته ومسؤولياته وتعديه على صلاحيات الحكومة، والذي كان رد فعل على هدر كبير للمال العام من قبل الأخيرة، وهكذا دواليك سلسلة من حلقات التعدي الذي يمكن أن يمتد ليغرق البلاد في مستنقع أكبر مما هو ملموس ومشاهد.

 

الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة هي نتاج العقل الفردي المستبد بدءا من إغلاق النفط ومرورا بقرارات مالية تسببت في هدر الثروة وقرارات عطلت الدورة المالية وصولا إلى قرار احتجاز إيرادات النفط.

 



من ناحية أخرى، فإن ربط معالجة النزاع المترتب على موقف المؤسسة من الإيرادات النفطية قد يطيل الأزمة ولا ينهيها، إذ إن مواقف الحكومة المؤقتة من النزاع منحازة، كما أن التوافق على سياسات متوازنة وموضوعية في اللجنة المشتركة أو اجتماع مجلس إدارة المصرف المركزي سيرتبط بالمسار السياسي، ذلك أن الوصول إلى نتائج غير مرضية لحفتر وعقيلة صالح سينعكس بالقطع على موقف أعضاء اللجنة المشتركة وعلى أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي، فلماذا الدخول في هذا التيه وترك خيار أيسر في التنفيذ ومضمون النتائج؟!

خيارات ملحة ومنتظرة 

ما أدري ما الذي منع المجتمعين من التوافق على تجديد العمل بالإصلاحات الاقتصادية التي تم اعتمادها في أغسطس 2018م والتي كان لها أثر إيجابي ملحوظ على الاقتصاد وعلى الوضع المعيشي للمواطن وتوقفت بسبب العدوان على طرابلس. فقد كان الأولى، بعد إدانة احتجاز عوائد النفط، التركيز على مسألتين حيويتين هما:

1 ـ الاتفاق على تحديد نسبة جديدة للرسوم المفروضة على بيع الدولار ثم رفع كافة القيود على بيعه بنفس السعر لكافة طالبيه من المؤسسات العامة والخاصة والأفراد وقرن ذلك بصرف علاوة أرباب الأسر.

2 ـ إقرار إجراءات ملزمة للتدقيق في حسابات مؤسسات الدولة، خاصة المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وذلك بعد التهم المتبادلة والمتعلقة بفساد صريح، واتخاذ إجراءات تضمن الشفافية والإفصاح، وتهدف إلى التضييق على الفساد والمفسدين.