أثارت عودة سعد الحريري إلى المشهد
الحكومي مجددا في لبنان، بعد عام على استقالته، ورفضه مرارا اختياره ليكون رأسها
لها، والتي كان آخرها قبل يومين من تكليفه، تساؤلات بشأن الجديد الذي يحمله هذه
المرة، خاصة أنه استقال قبل عام، بعد احتجاجات واسعة، وقدرته على النجاح في هذه
المهمة المعقدة، في ظل إخفاق مكلفين آخرين خلال الأشهر الماضية.
ووفقا لما يرشح عن الحكومة الجديدة، فإنها
ستعتمد المبادرة الفرنسية، أساسا لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي، لوضح حد
للانهيار الاقتصادي في لبنان، خاصة بعد تعمقه وتفاقمه إثر الانفجار المدمر الذي
وقع في مرفأ بيروت.
وحدد الحريري ترشحه بأنه يأتي ضمن ثوابت
المبادرة الفرنسية، والحديث عن مهمة محددة، تركز على إجراء إصلاحات عاجلة، من أجل
عودة الدعم الدولي للبنان.
وأشار الحريري إلى أنه يستهدف تشكيل حكومة
"اختصاصيين، من غير الحزبيين"، وحتى اللحظة لم تصدر تصريحات مضادة
للاختيار الجديد للحكومة اللبنانية، إن كانت الولايات المتحدة، مصرة على ابتعاد
حزب الله عن التشكيلة.
حكومة تقنيين
المحلل السياسي كمال ذبيان قال إن الحريري
هو من تقدم بالترشيح لرئاسة الحكومة، لأول مرة في تاريخ الحكومات، وتبنى المبادرة
الفرنسية، وتكليفه يأتي في إطار تحقيق إصلاحات اقتصادية ومالية، في حالة انهيار
للمصارف، وتوقفها عن الدفع للمودعين.
وقال ذبيان لـ"عربي21"، إن
الحريري يأتي هذه المرة بشعار جديدة، من أجل تحرير سعرف صرف الليرة، ووقف دعم بعض
القطاعات مثل الكهرباء، وربما تحقيق الكثير من شروط البنك الدولي، للحصول على
الدعم من أجل لبنان، وتركز الخطة الإصلاحية على القطاع المالي في البلاد.
ولفت إلى أن هذه
الحكومة هي الرابعة بالتشكيل، "لأن السابقين أخفقوا بسبب العقد الطائفية
والسياسية ومشاكل أخرى عديدة داخليا وخارجيا، لكن هذه الحكومة سقفها دعم فرنسي،
وخليجي وإن كان غير ظاهر، بالنظر إلى العلاقات التي يمتلكها الرئيس الحريري هناك،
وخاصة في السعودية، التي لا تريد رؤية حزب الله في الحكومة".
وتساءل ذبيان عن
قدرة الحريري على تشكيل حكومة "غير حزبية، وبالتالي تعود المساعدات؟"،
مشيرا إلى أن الأمر "معقد فالدعم الفرنسي حاضر، ولم يتضمن فيتو على حزب الله،
علما بأنهم اجتمعوا بوفد من الحزب في بيروت مؤخرا".
وأشار إلى أن
الموقف الأمريكي لا يزال رافضا للحزب، وبومبيو يطلب إبعاده عن الحكومة، "والمهمة
أمام الحريري ليست معبدة كذلك مع المسيحيين، خاصة أن التيار الحر يشترط ممثلا له
داخل الحكومة، ورغم حديث عون عن تداول الحقائب الطائفية إلا أنه لن يوقع على حكومة
يبعد عنها المسيحيون".
اقرأ أيضا: فرنسا تحذر من غرق لبنان.. وعون يخاطب الحريري
وقال ذبيان إن
الحريري ولمواجهة المطالب الطائفية في الوزارات، خرج بموقف يوافق فيه على منح
حقيبة المالية للطائفة الشيعية لمرة واحدة، خاصة أن اتفاق الطائف يحتوي على تفاهم
بشأن هذا الملف، والتقسيمة الطائفية للحقائب والمناصب الكبرى في البلاد.
وعلى صعيد ترسيم
الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، وإمكانية تأثيره على الحكومة، قال ذبيان،
"هذه المسألة بالأصل تقنية، لكن في حال انحرف مسارها إلى الموضوع السياسي،
وهو ما ترغبه إسرائيل، سيكون الحريري أما تحد داخلي، بشأن المسار بالكامل وربما
يتوقف كل شيء".
ضمانات دولية وعربية
من جانبه قال
الكاتب نبيه البرجي، إن القراءة الأولية للمسار السياسي في لبنان، يقول إن الرئيس
الحريري لم يكن بعد أيام من إعلانه بأنه ليس مرشحا، ثم تقدمه عقب ذلك للترشيح، سوى
أنه "تلقى تأكيدات فرنسية، مدعومة أمريكيا، ومغطاة سعوديا، بإن يمضي في هذا
الملف، لتشكيل الحكومة".
وأوضح البرجي لـ"عربي21":
"أن الحريري، حصل على ضمانات دولية، وغض طرف عربي، لإن تشكيل حكومة بات أمرا
ملحا للجميع، وإلا فإن الوضع في لبنان سينهار بالكامل بسبب الأزمات
المتلاحقة".
ورأى بأن هنالك
تفاؤلا كبيرا لدى الحريري، بأن يشكل الحكومة خلال وقت قياسي، وهو مجرد أسابيع،
وإلا فإن البلد مقبل على أزمة كبيرة ربما تؤدي لانهياره، وقد تختصر الأشهر التي
عادة ما تشكل بها الحكومة في الأسابيع القليلة المقبلة".
واعتبر أن ما
يمكن أن يساعد هذه الحكومة على سرعة التشكيل، هو عدم وجود حزبيين فيها، والحريري
يتحدث عن اختصاصيين، لكن يمكن أن تستشار الكتل الحزبية في الأسماء، لكن لن يكون
هناك وزراء لا للحزب ولا للتيار أو غيره، الأمر الذي سيضع فيتو أمريكيا عليها.
وشدد على أن
الحريري، لم يكن ليتقدم خطوة واحدة تجاه رئاسية الحكومة، "لو لم تكن هناك
ضمانات حقيقية، وإلا فإن البديل كما قال عون هو الدخول في جهنم، لأن كل مؤسسات
الدولة تمر في أزمة سواء المصارف أو الصناعة أو الزراعة، وتعثر الحكومة هذه المرة
ذهاب إلى المجهول، ونحن أمام الفرصة الأخيرة، ولا يمكن انتظار أشهر لتشكيل حكومة
جديدة كالسابق".
ترامب أم بايدن.. مع من تكمن مصلحة عمّان؟
هل تنجح مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان والاحتلال؟
عودة الحريري لتشكيل الحكومة يحل أزمات لبنان أم يعقدها؟