مقابلات

"عربي21" تحاور أول مرشح عربي لمنصب شرطي بأمريكا (شاهد)

الضابط الأمريكي عزام محمد قال إن "بعض مراكز الشرطة ليس لديها ميزانية لشراء الأسلحة"- عربي21

قال الضابط الأمريكي من أصول فلسطينية، عزام محمد، وهو أول مرشح عربي ومسلم لمنصب مدير شرطة ولاية أمريكية، إن سبب ارتفاع عدد قطع السلاح لدى المدنيين الأمريكيين يرجع إلى المادة الثانية من الدستور الأمريكي التي "تؤكد على حق المواطن في الدفاع عن نفسه في حالة طغيان الحكومة ضده"، مشيرا إلى أن "هناك استخدامات أخرى للأسلحة مثل الرياضة، والتدريب، والمسابقات، والصيد، وغيرها".

ورأى، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، أن "الأسلحة الكثيرة التي بحوزة المواطنين لا تُشكّل خطرا على المجتمع؛ فالذي يُشكّل خطرا على المجتمع هو الشخص الذي يستخدم السلاح بشكل خاطئ، وهؤلاء نسبتهم ضئيلة للغاية بأمريكا"، مشدّدا على أن "المجرمين، وتجار المخدرات، والعصابات، والخارجين على القانون هم الذين يستفيدون من منع الأسلحة عن المواطن الصالح".

 


ولفت الضابط الأمريكي إلى أنه ترشح لمنصب مدير شرطة مقاطعة دالاس الأمريكية، لأنه أراد أن يكون "جسرا للتواصل بين المواطن وأجهزة الأمن، ولمحاولة سد الفجوات التي وُجدت خلال الأعوام الماضية، بسبب عدم الثقة المتبادلة بين المواطن والشرطة، ما أحدث تباعدا اجتماعيا بين الطرفين، وأيضا لمحاولة التحفيف من المعدلات المرتفعة لنسب الجريمة".

ورغم أن "محمد" لم يُوفق في تلك الانتخابات الشرطية التي جرت مطلع العام الجاري، إلا أنه عبّر عن أمله بالنجاح في الانتخابات الجديدة، داعيا الجاليات العربية والإسلامية إلى مساندته والوقوف بجواره.

ونفى وجود حصانة لأفراد الشرطة الذين أكدوا أنهم مثل باقي المواطنين الأمريكيين الآخرين، مشدّدا على أن "فرد الشرطة إذا ارتكب جريمة أو خرج عن القانون يُعاقب بشكل مضاعف عن المواطن، ويُحاكم بشكل سريع، ليكون هناك ردع له، وليصبح عبرة لغيره".

وتاليا نص المقابلة مع "ضيف عربي21":

 

كيف ترى سلوك الشرطة في الولايات المتحدة تجاه المواطنين بشكل عام والسود بشكل خاص؟


القوانين التي نقوم بتطبيقها تستند إلى الدستور الأمريكي، وأيضا تعليمات وسياسات وقوانين مراكز الشرطة التي نعمل بها، ونتعامل مع جميع المواطنين على حد السواء بغض النظر عن عرقهم أو لونهم أو جنسهم أو دينهم.

هل ممارسات الشرطة الأمريكية قد تختلف من ولاية إلى أخرى؟


هي ذات الممارسات، لكن ما قد يختلف من ولاية لأخرى هي القوانين التي يكون بها بعض الاختلافات البسيطة.

صحيفة "واشنطن بوست" وثقت وقوع أكثر من 5 آلاف حادثة قتل لمدنيين بأيدي الشرطة منذ عام 2015.. ألا يُعد هذا الرقم "مروعا" و"مخيفا"؟


ينبغي أن نطرح سؤالا: ما الذي أجبر الشرطة خلال هذه الأعوام على استخدام القوة القاتلة؟ وأي خسارة لأي روح من الأرواح سواء من المواطنين أو الشرطة أمر مؤسف للغاية، ولا أحد يتمناه، لكن أحيانا يضطر الشرطي أو المواطن إلى إيقاف الخطر عن طريق استخدام القوة القاتلة، فلو نظرنا إلى هذه الأرقام مقارنة بعدد سكان الدولة البالغ أكثر من 370 مليون شخص سنجد أنه عدد قليل، إلا أنه يظل رقما كبيرا لأن أي خسارة لأي روح شيء غير مقبول تماما.

لماذا لا تعلن الولايات المتحدة عن الإحصاءات الرسمية الدقيقة لضحايا إطلاق رجال الأمن الرصاص بشكل خارج عن القانون؟


أي إطلاق للنار سواء داخل الوظيفة أو خارجها لابد أن يكون هناك تقرير عنه، وفي حالات إطلاق النار للدفاع عن النفس سواء من المواطن أو فرد الشرطة لابد أن يتم توثيق ذلك عبر التقارير، وأي سلوك لأي عنصر أمني خارج عن إطار القانون سواء داخل أو خارج الوظيفة شيء غير مقبول ويُحاسب عليه الشرطي ومركز الشرطة ومسؤول الشرطة بالولاية، وهذا شيء لا نقاش فيه. وفي جميع عمليات إطلاق النار يتم إبلاغ وكالة الأف بي آي FBI (وكالة استخبارات داخلية تابعة لوزارة العدل الأمريكية)، وكذلك للمواطن الأمريكي الذي من حقه معرفة هذه المعلومات.

أظهر استطلاع رأي لمعهد "غالوب" انخفاض ثقة الأمريكيين في عناصر الشرطة لأدنى مستوى منذ 26 عاما، كما أظهر فجوة كبيرة بين ثقة المواطنين السود والبيض في الشرطة.. كيف قرأتم نتائج هذا الاستطلاع؟ ولماذا تراجعت ثقة الأمريكيين في الشرطة كثيرا؟


بسبب عدم نقل الصورة بشكل واضح للمواطن، فعندما يشتبك عنصر من عناصر الشرطة أو حتى من المواطنين للدفاع عن نفسه أو غيره يقوم طرف ثالث في بعض الأحيان بتسجيل وقائع ما يحدث لكن في منتصف أو نهاية الأحداث وليس في بدايتها، ووسائل الإعلام تنقل الصورة بشكل غير كامل مما قد يؤدي إلى إصدار أحكام ناقصة ودون أن تكون لديهم الصورة كاملة، لمعرفة أبعاد وملابسات ما جرى تحديدا.

أمريكا هي الدولة الأولى عالميا من حيث عدد قطع السلاح لدى المدنيين لوجود أكثر من 300 مليون قطعة.. فما السبب في ذلك؟


المادة الثانية من الدستور الأمريكي تؤكد على حق المواطن في الدفاع عن نفسه، مما يؤدي إلى كثرة حمل السلاح، والدستور يقول إنه في حالة طغيان الحكومة على المواطن، للمواطن حق الدفاع عن نفسه حتى لو كان ذلك ضد الحكومة؛ فما بالك لو كانت الجريمة صادرة من مواطن آخر.

والرقم المُشار إليه قد يبدو مرتفعا مقارنة بالبلاد الأخرى، إلا أن هذا يتسق مع القانون، فضلا عن أن استخدام الأسلحة ليس فقط من أجل الدفاع عن النفس، بل للرياضة، والتدريب، والمسابقات، والصيد، والعديد من الاستخدامات الأخرى.

هل انتشار السلاح بشكل هائل بالولايات المتحدة يُعد أمرا خطيرا يُهدد المجتمع الأمريكي أم لا؟


الأسلحة التي بجوزة المواطنين ليست كبيرة ولا تُشكّل خطرا على المجتمع؛ فالذي يُشكّل خطرا على المجتمع هو الشخص الذي يستخدم السلاح بشكل خاطئ، وهؤلاء نسبتهم ضئيلة للغاية، ولو عدت إلى موقع دائرة الأمن العام في ولاية تكساس ستتأكد مما أقول، لكن المجرمين وتجار المخدرات والعصابات هم الذين يستفيدون من منع الأسلحة عن المواطن الصالح، وبالتالي فالخطر يكمن في الأشخاص الخارجين على القانون.

وهل هذا هو سبب تسلح الشرطة بعتاد يفوق هذه الأسلحة لاحتواء تهديداتها؟


معظم مراكز الشرطة ليس لديها أسلحة تفوق الأسلحة التي بحوزة المواطنين، فالأسلحة التي نستخدمها كثيرا ما تكون بدائية في العديد من مراكز الشرطة، خاصة أن ميزانيتها تكون محدودة، وأعرف كثيرا من مراكز الشرطة تطلب من كل أفراد الشرطة العاملين فيها إحضار أسلحتهم الخاصة، لأن بعض مراكز الشرطة ليس لديها ميزانية لشراء طلقات الرصاص، فما بالنا بالأسلحة، إلا أنه حينما يبدو تسلح الشرطة بشكل كبير فهذا يكون من أجل المحافظة على المواطن، وليس لاستخدامها إلا في الحالات الاضطرارية. ومجرد اقتناء الأسلحة لا يعني استخدامها يوميا.

هل جذور العنصرية في الشرطة الأمريكية متأصلة ولم يتم تطهيرها بالكامل إلى الآن؟


لا توجد عنصرية ملموسة لدى الشرطة الأمريكية. نحن في الشرطة لا ننظر لجنس أو عرق أو لون أو دين المواطن، وهذا ما ينفي وجود العنصرية كحالة عامة، وتطبيق القانون يتم على الجميع بلا تفرقة.

كيف تأثرت صورة الشرطة الأمريكية بوقائع العنصرية الأخيرة والاحتجاجات التي صاحبتها؟


أكثر شيء تعاني منه الشرطة هي العنصرية، على عكس ما يتوقع الكثيرون، لأن الشرطة أحيانا ما تواجه ممارسات عنصرية ضدها في الحياة العامة.

هناك مَن يرى أن الشرطة جزء من المشكلة وأنه يجب التوقف عن استثمار الأموال والسلطة والشرعية فيها.. ما تعقيبكم؟


التفكير في تطبيق هذه الفكرة يُعد اعتداءً على المواطن نفسه، فلو تم إلغاء كل مراكز الشرطة، ولم تكن هناك عيون شرطية ساهرة لحراسة المواطن فمَن سيحرسه إذن، وبالتالي فهذا اعتداء على المواطن قبل أن يكون اعتداءً على الشرطة، ومثل هذه الأفكار تؤذي المجتمع.

هل قوة اتحادات الشرطة الأمريكية تحول دون إصلاح الجهاز سيء السمعة كما يقول البعض؟


لا. لأن اتحادات الشرطة الأمريكية هدفها حماية الشرطي نفسه من الاضطهاد الذي قد يتعرض له من مركز الشرطة الذي يعمل به لسبب أو لآخر، كما أنها تعمل على ضمان استقرار الأوضاع المهنية والاجتماعية لأفراد الشرطة، وتتصدى لمحاولات إلغاء مراكز الشرطة أو تقليل مرتبات العاملين فيها، وذلك كي يستمر الشرطي في تأدية عمله على أكمل وجه.

هل الشرطة تتصرف اليوم وكأنها وحدات عسكرية داخلية وتستخدم أساليب مخصصة للقتال أكثر منها لحفظ السلم الاجتماعي وأمن الأمريكيين؟

 

أساليب الدفاع عن النفس هي للدفاع عن أنفسنا وعن المواطنين، ونستخدم القوة وفقا للقانون، وأساليب هجومية تكون فقط أثناء المداهمات لأوكار العصابات والمافيات والمخدرات، لكن لا توجد أي هجمات أو أساليب عسكرية لدينا.

الرئيس السابق باراك أوباما وضع قيودا لكيفية استخدام الشرطة في عام 2015، ولكن إدارة دونالد ترامب نقضت معظم هذه القيود بعد توليها السلطة.. كيف ترى هذا الأمر؟


ما يمكنني قوله في هذا الصدد إن الأحزاب السياسية تستخدم الشرطة في معاركها السياسية.

هل "الحصانة المشروطة" لعناصر الشرطة والتي تحصنهم من الدعاوى القضائيةتساهم في زيادة ارتكاب الجرائم والعنف ضد المواطنين؟


بالعكس، لا توجد حصانة لأفراد الشرطة، لأنهم مثل باقي المواطنين الآخرين، بل إنه إذا ارتكب الشرطي جريمة أو خرج عن القانون يُعاقب بشكل مضاعف عن المواطن، ويُحاكم بشكل سريع، ليكون هناك ردع له، وليصبح عبرة لغيره.

ما مدى واقعية المطالب الخاصة بحل أجهزة الشرطة؟ وهل هناك سوابق تاريخية في هذا الصدد؟


حسب علمي، لا توجد سوابق تاريخية تم فيها حل أجهزة الشرطة أو إلغاؤها بشكل كامل، لكن الذي يحدث هو استبدال العناصر الموجودين في مراكز الشرطة بعناصر أخرى، ولا أتصور أن هذه المطالب غير واقعية، لأن آثارها ستكون سلبية وخطيرة جدا على أي مجتمع، وستؤدي لسيادة الفوضى والاعتداءات وكافة أشكال الجرائم المختلفة. وهذا يمثل اعتداء على المواطن نفسه.

وما نسبة العرب والمسلمين العاملين بالشرطة الأمريكية؟


التحقت بالشرطة قبل نحو 20 عاما، وكنت أول عربي ومسلم يعمل بشرطة ولاية تكساس، وخلال السنوات الماضية التحق الكثير من أبناء الجاليات العربية والإسلامية بالشرطة، وهم يقومون بخدمة المواطنين بشكل عام والجاليات التي ينتمون لها بشكل خاص.

كنت أول مرشح عربي ومسلم لمنصب مدير شرطة مقاطعة دالاس الأمريكية.. لماذا ترشحت؟ وكيف كانت ردود الفعل حينها؟


ترشحت لأني أردت أن أكون جسرا للتواصل بين المواطن وأجهزة الأمن، ولمحاولة سد الفجوات التي وجدت خلال الأعوام الماضية، بسبب عدم الثقة المتبادلة بين المواطن والشرطة، ما أحدث تباعدا اجتماعيا بين الطرفين، وأيضا لمحاولة التحفيف من المعدلات المرتفعة لنسب الجريمة، ومن أجل تحقيق برامج وأمور أخرى سأعمل عليها خلال المرة المقبلة.

وكانت ردود الفعل مفاجئة للكثيرين كوني مرشحا عربيا ومسلما يشارك في هذه الانتخابات، لكن مع ذلك تلقيت كثيرا من الدعم، وحصلت على أكثر من 22 ألف صوت، وهذا رقم كبير خاصة بالنسبة لشخص يخوض الانتخابات لأول مرة، وتعرفت على الكثيرين حينها.

هل تعتزم الترشح مجددا لهذا المنصب؟ وهل تتوقع النجاح في الانتخابات الجديدة؟ 


نأمل أن يكون النجاح حليفنا، ونطلب من الجميع أن يقفوا بجوارنا، وسأقدم ما يمكنني فعله للجاليات العربية والإسلامية بغض النظر عن الموقع الذي أشغله، وهذا النجاح لن يكون لي شخصيا، بل لكل المجتمع والجاليات العربية والإسلامية.

ما أبرز المفارقات التي واجهتك أثناء عملك؟


وجودي بالشرطة الأمريكية لم يكن شيئا مألوفا، وكان مُستغربا لأفراد الشرطة، في ظل توتر الأوضاع في بعض الأحيان، وكثيرا ما كان يتم إيقافي ويتم سؤالي عن إثبات الهوية، وبطاقة التوظيف، ويتم التحقق من ذلك، لكن مع مرور الوقت بدأت تلك المشكلة في الانتهاء. كما استغرب بعض المواطنين الأمريكيين وجودي بالشرطة أيضا.

كيف يمكن للمواطن الأمريكي من أصول مختلفة أن يكون عنصرا فعالا في المجتمع خاصة عندما يأتي من بلد عربي أو إسلامي؟


ينبغي لهؤلاء التخلي بشكل كامل عن العقيلة التي كانوا يعيشون بها داخل بلادهم العربية والإسلامية، ثم يسعون إلى أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع الجديد.

"الضابط الأمريكي عزام محمد في سطور"


ضابط في الشرطة الأمريكية بولاية تكساس برتبة رقيب، وهو أول شرطي عربي مسلم في مدينة دالاس وشرق ولاية تكساس.

وُلد بالولايات المتحدة عام 1975 في جزيرة "بورتو ريكو" Puero Rico، ويحمل الجنسية الأمريكية، ويجيد اللغات العربية، والإنجليزية، والإسبانية. عاش فترة طفولته بأمريكا ثم سافر إلى عدد من الدول العربية، وتعلم اللغة العربية ثم عاد لأمريكا ثانية، والتحق بكلية الحقوق لدراسة القانون والمحاماة. بعد فترة من الدراسة قرر الالتحاق بسلك الشرطة، الذي كان حلم حياته وهو صغير، ولم يستطع الالتحاق بسلك الشرطة في الدول العربية كونه أمريكي الجنسية.

التحق بأكاديمية الشرطة الأمريكية، وتخرج وتوظف في شرطة دالاس عام 2001. ثم انتقل إلى شرطة البحث عن المطلوبين ثم إلى شرطة الجامعات، حيث كان مسؤولا في وحدة التدخل السريع لمقاومة الإرهاب.

وبعد 7 سنوات انتقل إلى مراكز شرطة أخرى لوحدة الدوريات ومكافحة المخدرات والسائقين تحت تأثير الكحول والمخدرات، وكان المدرب الميداني للعناصر الجديدة، وما زال يعمل بهذا المجال حتى الآن، بالإضافة إلى كونه مدربا في أكاديميتين لتدريب أفراد الشرطة الجدد (كليات شرطة)، وهو متخصص في مجالات عديدة مثل الأسلحة النارية، واستخدام القوة الرادعة، والقانون الجنائي والمرور، والتحقيق في قيادة السيارات تحت تأثير الكحول، والصاعق الكهربائي TASER، والعديد من الدورات الأخرى.

وفي مطلع العام 2020 ترشح لانتخابات مدير الشرطة بمدينة دالاس الأمريكية، وكان أول مرشح عربي مسلم في الولايات المتحدة يخوض هذه التجربة.