بعد إعلان "كتائب
حزب الله" في العراق عن "تهدئة مشروطة" للهجمات ضد القوات
الأمريكية، برزت تساؤلات ملحة عن مدى قبول الولايات المتحدة لها، وهل هي مناورة من
المليشيات؟ أم أنها استشعرت بخطر حقيقي يهدد وجودها؟
ومن الأسئلة التي
أثيرت أيضا، إلى أي مدى يمكن أن تستجيب الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي إلى
الشروط الواردة فيها؟ وهل لوقت طرح هذه التهدئة علاقة بانتخابات الرئاسة
الأمريكية؟
إدانة صريحة
من جهته، قال الخبير
الأمني مؤيد الجحيشي، في حديث لـ"عربي21"، إن "إعلان التهدئة يعدّ اعترافا كاملا دون تخفّ من طرف الفصائل، بأنهم هم من كانوا يقصفون السفارة، ويستهدفون البعثات الدبلوماسية، وفي رقبتهم دماء المدنيين والعسكريين العراقيين
الذين قتلوا بسببها".
وأضاف
لـ"عربي21" أن "الاعتراف يعد إدانة لهم، بأنهم منذ عام ونصف كانوا
هم من يستهدف مطار بغداد والمعسكرات التي يتواجد فيها جنود عراقيون، وأن إعلان التهدئة
يثبت كلام زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، بأن رؤساء الحكومات السابقة كانوا
يغضون النظر عنهم".
استشعار للخطر
وبخصوص توقيت إعلان
"التهدئة"، قال الجحيشي "إنهم يعلمون أن هذه الفترة حرجة بسبب
الانتخابات الأمريكية، فهم يناورون ويستشعرون بخطر يهدد وجودهم، فإذا أقدموا على
أي فعل في هذا الوقت، فإن أمريكا سترد بقوة، والأمر حينها سيرفع من رصيد ترامب، وهم
يعولون على خسارة الأخير".
ورأى أن "ترامب
إذا فاز بولاية ثانية، فإنه سيضيق الخناق عليهم وعلى إيران التي ترعاهم، لكنه لن
يشن حربا"، مضيفا: "أعتقد أن إيران هي من وجهتهم بإعطاء مجال، لحين
انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
أما حديث الفصائل عن
تعقيد المشهد بسبب نية واشنطن غلق سفارتها، فقال الجحيشي إنهم "يعلمون أن هذا
الموضوع أكبر منهم، ولا طاقة حتى للحكومة نفسها به؛ لأن نحو 18 سفارة ستلتحق
بواشنطن، وبذلك يبقى العراق من دون غطاء دولي".
مؤشر إيجابي
وفي المقابل، رأى
الخبير الأمني والاستراتيجي، فاضل أبو رغيف، أن "إعلان التهدئة يعدّ إيجابيا،
وبداية تبشر إلى أن هذه الفصائل ليس هدفها إقلاق الأوضاع في العراق، والواضح أن هناك
استعدادا منهم للحوار طالما أنه سيكون هناك انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية".
اقرأ أيضا: خطوات حكومية ضد "الحشد الشعبي".. هل يسعى الكاظمي لتفكيكه؟
وأضاف أبو رغيف في
حديث لـ"عربي21": "الأمر الآخر أن الإعلان يعدّ إشارة من هذه
الفصائل إلى أننا نتكهرب بالوضع السياسي"، مؤكدا أن "هناك كتلا سياسية في
البرلمان لعبت دور الوساطة، وهي من دفعت باتجاه حلحلة الوضع والتوصل إلى التهدئة".
وبخصوص ارتباط التهدئة
بالانتخابات الأمريكية، قال أبو رغيف: "لا أعتقد أن هذا الأمر له شأن
بانتخابات أمريكا؛ لأنها شأن خارجي، رغم أن سياسة المرشح الديمقراطي جو بايدن تختلف
عن السياسة الراديكالية التي عليها الرئيس الحالي دونالد ترامب".
وأعرب أبو رغيف عن
اعتقاده بأن "الوعد الذي قطعته هذه الفصائل سيكون أكثر جدية وقدرة للتنفيذ،
خصوصا أن البلد يمر بمنعطف اقتصادي وجائحة كورونا، والانسدادات السياسية بين
الكتل، فضلا عن المناكفات التي تجري بين الحين والآخر".
تهدئة التوترات
واتفقت الفصائل
العراقية المسلحة المدعومة من إيران، أمس الأحد، على إيقاف مشروط للهجمات
الصاروخية على القوات الأمريكية، بحسب ما تحدث به الناطق باسم كتائب حزب الله
العراقي لـ"رويترز".
وقال محمد محيي، المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي، إن الفصائل اتفقت فيما بينها على تعليق
هجماتها الصاروخية على القوات الأمريكية، شريطة أن تقدم الحكومة العراقية جدولا
زمنيا لانسحاب القوات الأمريكية.
أوضح محيي أن المجموعة
تضم جميع فصائل ما وصفها بالمقاومة المناهضة للولايات المتحدة، بما فيها الفصائل
التي تستهدف القوات الأمريكية.
وقال المتحدث:
"التهديدات الأمريكية بإغلاق السفارة جعلت الأمور "معقدة جدا" في
العراق، واستدعت تهدئة التوترات". لكنه أكد أن الفصائل العراقية
"ستستخدم كل الأسلحة المتاحة لها" إذا بقيت القوات الأمريكية لأجل غير
مسمى.
ويأتي ذلك، بعد رسالة
تهديد شديدة اللهجة كانت قد بعثتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحكومة
العراقية والقوى والمليشيات الشيعية، على خلفية استمرار الهجمات الصاروخية
واستهداف البعثات الدبلوماسية.
وبحسب وسائل إعلام
عراقية، فإن الرسالة أرسلت عبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرئيس
العراقي برهم صالح، الذي أوصلها بدوره لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، والأخير أبلغ
بها القوى الشيعية في اجتماع عقد أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
بدوره، قال الكاظمي
للقادة الشيعة، إن بومبيو أبلغ الرئيس صالح بأن واشنطن ستُغلق سفارتها في بغداد،
وتنتقم من فصائل شيعية، على اعتبار أنها "أهداف مشروعة" إذا لم توقفوا
الهجمات على البعثات الدبلوماسية، وطالبهم بالإدانة والتخلي عن تلك الأفعال علنا.
تشكيك بحادثة "انتحار" مدير مشروع "الفاو" العراقي.. لماذا؟
هل تدفع إيران ثمن تطبيع العلاقة بين نظام الأسد و"إسرائيل"؟
ما الرسائل التي حملتها الهجمات الصاروخية على أربيل؟