إلى أين سيقود التطبيع الدافئ الفلسطينيين؟ هل سيقود الفلسطينيين لرفع الراية البيضاء والقبول بالأمر الواقع؟ هل سيتحولون إلى ضيوف في أرضهم تنزع منهم متى شاء قادة الكيان الإسرائيلي وحاخاماته ومستوطنوه؟
هل قبول الفلسطينيين بالأمر الواقع الجديد الناشئ عن التطبيع سيقود إلى السلام ولحياة أفضل في الإقليم والعالم، خصوصا في دول الخليج المطبعة؟ هل سيتم توطين الفلسطينيين في دول الخليج المطبعة؛ ويهجر المزيد منهم نحو أوروبا وأمريكا الشمالية؟
هل التطبيع بات أمرا واقعا يجب أخذه بعين الاعتبار على طاولة المفاوضات بحسب السفير الفرنسي ريك دانون في الكيان الإسرائيلي، الذي أكد أن حل الدولتين لم يعد الحل الوحيد القابل للتطبيق في ضوء موجة التطبيع الأخيرة؛ أو كما قال بندر بن سلطان سفير السعودية السابق في واشنطن بأن رفض الفلسطينيين للتطبيع عزلهم عن العالم العربي؟
هل فعلا أنشأ التطبيع واقعا جديدا بحسب زعم المدافعين عنه؟ وهل كان العائق الوحيد أمام فرنسا وأوروبا في تجاوز الحقوق الفلسطينية موقف دول الخليج النفطية؛ لا واقع الاحتلال والشرعية الدولية التي تشدق بها الغرب طويلا في المحافل الدولية؟
هل يقود التطبيع ونتائجة إلى حملة عسكرية وأمنية تستهدف الفلسطينيين بتحريض عربي للقضاء على مقاومتهم ورفضهم المشاريع المستجدة التي يطمح لها المطبعون؟ هل ستنجح الحملة العسكرية أم إن الأمر سيقتصر على خنق الفلسطينيين اقتصاديا وسياسيا؟
هل المواجهة الشاملة مع الاحتلال في الضفة والقطاع باتت حتمية وضرورة سياسية وأمنية؟ هل ستقوض المواجهة مشاريع التطبيع واستقرار المنطقة وتعيد موازين القوى إلى وضعها الطبيعي؟ وهل ستمتد المعركة إلى خارج الأراضي الفلسطينية أم سيقتصر أمرها على الضفة والقطاع؟ هل ستنفجر انتفاضة جديدة أم مجرد هبة عابرة؟
التطبيع مشروع يتوسع بشكل جنوني ومن الممكن أن يتحول إلى فقاعة تثقل كاهل أصحابها بالتوقعات والأحلام الكبيرة التي ستلامس الكثير من الزوايا الحادة في هذا الإقليم؛ ورغم أن أكثرها وضوحا الزاوية الفلسطينية ألا أنها ليست الوحيدة التي ستمثل تهديدا لهذه الفقاعة المتسعة.
الأسئلة كثيرة والتكهنات كذلك؛ فتحديد شكل المواجهة المقبلة غير ممكن؛ إلا أن الدول المطبعة تحث الخطى نحو المزيد من خطوات التقارب مع الكيان الإسرائيلي للوصول إلى السلام الدافئ؛ بل إلى تحالف إقليمي وقبول بالهيمنة الإسرائيلية على المنطقة العربية.
هو تطبيع رفع مستوى التدهور في العلاقات العربية البينية والمحلية بل والإقليمية؛ فالتطبيع يتحول إلى مشروع للمواجهة لا مع الفلسطينيين فقط بل ومع إيران وتركيا وكل من يرفض هذا المشروع ويعترض عليه؛ بل من الممكن أن يتحول إلى مشروع غاز ونفط وتجارة يتهدد نفوذ الصين وروسيا.
التطبيع تسارعت خطاه العمليه وكبرت مشاريعه خلال الأيام القليلة الماضية لتفوق توقعات أصحابه؛ بالإعلان عن لقاءات صحيفية وإعلامية جمعت غانتس زعيم حزب أزرق ـ أبيض بصحفيين من الإمارات والبحرين والسعودية؛ فضلا عن لقاءات استضافتها برلين العاصمة الألمانية جمعت وزير خارجية أبو ظبي عبد الله بن زايد بمسؤلين صهاينة على رأسهم وزير الخارجية الإسرائيلي الجنرال غابي أشكينازي.
بات من الصعب حصر اللقاءات والفعاليات التي تجمع وزراء الدول المطبعة بالمسؤوليين الإسرائيليين؛ فضلا عن تتبع النشاط التجاري؛ فما أن يبدأ الحديث عن وصول أول طائرة حتى ينتقل للحديث عن وصول أول سفينة شحن إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة عام 48 يتبعها الحديث عن وصول النفط الخليجي إلى الكيان الإسرائيلي سواء عبر ناقلات النفط أو عبر الأنابيب المقترحة.
توقعات وأحلام تترافق مع جهود لجر الفلسطينيين للاشتباك مع الدول العربية المطبعة واستدراجهم لمعركة تستنزف مواردهم المحدودة؛ في حين أن المعركة الحقيقية مواجهة الاحتلال والتصدي لإجراءاته الاستعمارية فهي الرهان الوحيد لقلب المعادلة؛ أمر لن يتحقق بدون توافق فلسطيني يربك المشهد الإقليمي ويفرض على القوى الإقليمية والدولية التعامل بجدية مع الفلسطينيين؛ الاستراتيجية ذاتها التي اتبعتها أذربيجان في التعامل مع الاحتلال الأرميني لإقليم ناغروني كارباخ.
ختاما.. التطبيع مشروع يتوسع بشكل جنوني ومن الممكن أن يتحول إلى فقاعة تثقل كاهل أصحابها بالتوقعات والأحلام الكبيرة التي ستلامس الكثير من الزوايا الحادة في هذا الإقليم؛ ورغم أن أكثرها وضوحا الزاوية الفلسطينية إلا أنها ليست الوحيدة التي ستمثل تهديدا لهذه الفقاعة المتسعة.
hazem ayyad
@hma36
مَتَى نُغيِّرُ ما بأَنْفُسِنا لِيَتغَيَّرَ حَالُنا؟!..
الإمارات من "السِفاح" إلى "النكاح"
لا سلام ولا أمن بل عار وتآمر.. في مهرجان ترامب الانتخابي