تخيلت نفسي جليل حسب وكريم نسب من آل سايكس- بيكو، مضاربي لا تبعد عن خرائب ممانعة أو مزارع عسكر أو شبوكه طال عمره أكثر من مرمى حجر.
أما وقد أنعم الله عليّ وعلينا بنعمة الأمن والأمان ورضا ولي أمرنا السلطان طال عمره، واشرأبت أعناق "خوِيّانه" إلى يوم الدين وقد صرنا - للأسف - بلا دنيا ولا دين، فهل لنا أن نهمس على "الخاص" فلا يسمعنا أحدهم فنصير وراء الشمس خلفهم:
ترى هل نعتبر شبوك
آيا صوفيا قضيتنا الأولى، أم إن اعتراف أُمّنا أمريكا بشبوك القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وما تبقى من شبوك الضفة الغربية حلالا زلالا للمحتل في مقدمة قضايانا المحورية؟
قضيتنا الأساسية هل هي بيع أم عدم بيع رهبان اليونان كنيسة آيا صوفيا للسلطان محمد الفاتح كي يتمكن المسلمون من أداء الصلاة، أم أن هي بيع رهبان اليونان عقارات القدس وفلسطين لمحتليها داخل أسوار القدس القديمة وخارجها؟
قضيتنا بالأساس أهِيَ ملاحقة ما اقترفه السائرون على نهج الصليبيين من المستعمرين من مجازر في القدس أو بعيدا عن القدس، أم إن قضايا السلخ والإبادة تسقط بالتقادم؟
قضيتنا الأولى (بالأمس واليوم وغدا وما بعد غد) أهِي الاقتصاد والرخاء والتنمية، أم تسبقها قضايا الحقوق والحريات في واقع أمسى معه سقف حرية التعبير المتاح، هو شتم الفاتح والإخوان والمحمدين وأردوغان، والويل كل الويل لكل من تسول له نفسه التفكير في مقتضيات سيادته طول عمره؛ كالشأن العام والمال العام وغير العام وحقوق أبناء الجيل الحالي الذي يليه وكل من يلي من يليه؟!
اتفقت معه أم لم تتفق، يعتبر البعض آيا صوفيا شأنا داخليا لبلد له دستور ويحكمه قانون، يمكنك من خلاله على الأقل النيل من أردوغان وسياسات أردوغان وتعمل (وفق قواعد لعبة
الديمقراطية) ما تشاء للإطاحة بحزب أردوغان وبكل من جاء بهم أردوغان، فكيف بالمقابل لساكن على مرمى حجر من خربة أو شبوك أو مزرعة "لا إحِم ولا دستور"، أن يدلي بدلوه المثقوب في واقع بلد انتخابات وقانون وبرلمان ودستور؟
من مثّل القانون في قضية آيا صوفيا كان المحكمة وليس رئيس الدولة، الذي ألغى قرار مجلس الوزراء عام 1934 بتحويلها من مسجد إلى متحف، كان المحكمة وليس رئيس الدولة. أما الرئيس فليس له إلا الاعتراض أو التوقيع؛ أي تعطيل أو إنفاذ قرار المحكمة.
أما المدّعون في تلك القضية فكانوا جمعيات محلية. وأما من قاد الحملة فمؤرخ محلي يدعى مصطفى أرمغان، وبجهد ضخم على مدى 36 عاما، أثبت الرجل أن الوضع القانوني لآيا صوفيا مسجد وليس متحفا، وأن توقيع أتاتورك على قرار المتحف مزور؛ لأنه جاء قبل تعيينه أصلا، وأن ملكية آيا صوفيا تعود لمحمد الفاتح، وقفا لا يقبل التعديل ولا ينقضي بزمن.
عندهم إذا محكمة مختصة دأبها على مدى سنوات فحص 27 ألف وثيقة، وصولا لإجماع قضاتها على إلغاء صفة المتحف، تماما كما لدى شبوكنا محكمة تجهد نفسها منذ إطلاقها على تحويل إرادته وأعوانه (عبر هاتفه طال عمره) أحكاما قضائية بقوة شرعه وقانونه أدام الله سلطانه.
ترى ما دور من شاءت له الأقدار سكنى على أعتاب خربة وشبوك أو مزرعة، وآل بيت سايكس- بيكو ليس لهم اليوم ناقة ولا جمل ولا أقل من بعر جمل؟
إن سألتم الترك فسيقولون لكم: صحيح أننا لم نحافظ على الدولة العثمانية ولم نمنع سقوطها، غير أننا في موقعة "جناق قلعة" حُلنا دون سقوط إسطنبول هي الأخرى. إذا فآيا صوفيا شأن محلي، ومن لم يعجبه أمرها، فليعتبره شأنا لنا وحدنا.
أيها القوم؛ إن كُنتُم أهلا لها وقد بعدت بكم عن آيا صوفيا الشقة وليس لكم من أمركم في ديار ولي أمركم - والله - سوى العنت والمشقة، قدس الأقداس قدسكم تناديكم.. أعلِنوها (ولو بالتشفير كي لا يسمعكم من أعرض وتولى من رَبعكم) شبوكا لولي أمركم، إن لم تعد بعد اليوم شأنا لكم، وإلا فالويل ثم الويل لكم بعدها ممن سيأتي بعدكم.
twitter.com/j_saqr