فرض قرار حكومة النظام
السوري، حل اللجنة المحلية لمخيم اليرموك، للاجئين الفلسطينيين الواقع في دمشق،
وإلحاق المكان بالمحافظة، وقائع جديدة، تهدد كيان المخيم ورمزيته المتعلقة بالقضية
الفلسطينية وحق العودة واللاجئين.
ويبرز المخطط التنظيمي
الجديد، بحسب ما ذكرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، أن تغييرات كبيرة في
الواقع العمراني، الذي كان سائدا قبل الأزمة السورية، سيطرأ على المكان، بما
يتضمنه من اختفاء شوارع وبيوت، لن يجد لها سكانها أثرا.
ولفتت المجموعة، إلى أن
تبرير محافظة دمشق، بأن الفلسطيني ساكن المخيم، كان يملك ما على الأرض، وليس الأرض
ذاتها، وبالتالي عادت إلى ملكية الدولة، ولها حق التصرف فيها، ولا يحق لأصحاب
الأملاك طلب تعويض.
وشددت على أن هذه
الخطوة: "تزيد من حالة التشريد والضياع، التي يعاني منها سكان المخيم، إلى
مناطق أخرى، منذ أكثر من 9 سنوات".
من جانبها شكلت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، لجنة
فنية وقانونية، من عدد من الشخصيات الحقوقية والمهندسين، لدراسة المخطط الجديد، الذي أصدرته محافظة
دمشق، من أجل وضع الاعتراضات القانونية عليه، بما يضمن حقوق اللاجئين وفقا
للقوانين والمراسيم الصادرة عن الحكومة السورية.
اقرأ أيضا: "العودة" يطالب "الأمم المتحدة بالضغط لإعادة إعمار "اليرموك"
وعلى مدار سنوات الأزمة في سوريا،
تعرض مخيم اليرموك، لقصف عنيف، أتى على أغلب الأبنية فيه، وقتل على إثر المواجهات
المئات من اللاجئين الفلسطينيين، فضلا عن تعرض سكانه إلى عمليات تجويع من طرف
النظام، ما اضطر الأغلبية إلى هجره بعد أن تحول إلى منطقة غير صالحة للسكن.
الناشط الحقوقي
علاء البرغوثي، وصف المخطط الجديد للمخيم بـ"الكارثة" بالنسبة للاجئين
الفلسطينيين، الذين أمضوا اكثر من 9 أعوام مشردين خارجه، على أمل العودة إلى
بيوتهم بسبب الحرب الدائرة في سوريا.
وأوضح البرغوثي، لـ"عربي21"، أن المخطط
الجديد، "لن يبقي من المخيم إلا اسمه، لكن الكثير من اللاجئين سيفقدون
منازلهم ومحالهم التجارية، وكل ممتلكاتهم، بعد أن كان المكان الأمل الوحيد للعودة،
بعد سنوات من التشرد بين الأحياء المجاورة، ومعاناتهم الاقتصادية جراء ذلك".
ولفت إلى أن ما يجري يشكل "اغتيالا للمخيم، وما يشكله من رمزية
لمسيرة نضال اللاجئين، ورفد القضية الفلسطينية بالمناضلين والمثقفين والسياسيين
لكافة الفصائل".
وحذر البرغوثي، من أن "يعمم ما يجري على
مخيم اليرموك، على كافة المخيمات الفلسطينية في سوريا، خاصة أنه الأكبر والأكثر
مكانة ومعنوية للاجئين الفلسطينيين والقضية عموما".
وأضاف: "اليرموك هو أول مخيم من المخيمات
الكبيرة في سوريا، الذي يجري تفكيكه، ويخشى من مصير مشابه لمصير مخيم نهرد البارد
في لبنان، بعد تشريد أهله".
ودعا إلى تحرك رسمي فلسطيني، من جانب منظمة التحرير والفصائل
الفلسطينية، والأونروا، للحفاظ على المخيم، وإلغاء فكرة التجديد، "لما تحمله
من مخاطر وآثار سلبية على اللاجئين عموما في سوريا".
بدوره قال الباحث الفلسطيني وأحد سكان مخيم
اليرموك سابقا، ماهر حجازي، إن المخيم وحتى العام 2015 كانت ما يقارب من 90 بالمئة
من أبنيته، قائمة دون دمار، لكن فشل اتفاق المصالحة، فترة سيطرة المعارضة السورية
عليه، ثم تنظيم الدولة بعد ذلك، أدى إلى تدميره بشكل متوال أتى على أغلب ما فيه.
اقرأ أيضا: "العودة" يطالب "الأمم المتحدة بالضغط لإعادة إعمار "اليرموك"
وأشار حجازي لـ"عربي21" إلى أن
"هناك قرارا سياسيا ودوليا بإنهاء المخيم، ولو نجح اتفاق المصالحة، لبقيت
مساكنه على حالها، ولجرى ترميم ما تدمر منها خلال المواجهات".
وقال إن العديد من الفلسطينيين اللاجئين من
أبناء "اليرموك"، ممن يقيمون في مناطق محيطة به، بسبب تشريدهم عن
بيوتهم، "يشتكون من أوضاع اقتصادية صعبة، ستزيد اليوم مع القرار بإنهاء المخيم
وحرمانهم من العودة إليه".
وأضاف: "تصلنا رسائل من اللاجئين،
بضرورة التحرك والضغط على النظام، باتجاه التراجع عن المخطط المعلن عنه، لأنه يعني
تشريدهم إلى الأبد، ومفاقمة نكبتهم، وهناك مساع لتوجيه رسائل، لثني النظام السوري
عن المضي في المشروع".
وألقى حجازي باللائمة على بعض الأطراف
الفلسطينية والسورية، والتي قال إنها "ساهمت في زج المخيم بآتون الصراع، رغم
القرار الفلسطيني بالحياد، وعدم التدخل بما يجري، لأن الثمن سيدفعه
اللاجئون".
واعتبر ما يجري "خدمة مجانية للاحتلال،
لأنه ينهي رمزية كبيرة بالنسبة للاجئين، وعلامة تثبت حقهم في العودة" لكنه
أشار في الوقت ذاته إلى أنه "لا يمكن محو ارتباط فلسطيني سوريا به وحلمهم
بالعودة إليه تمهيدا للحصول على حقهم في العودة الكبرى".
يشار إلى أنه في منتصف العام 2018، تمكنت قوات
النظام من السيطرة على مخيم اليرموك، بعد معارك عنيفة مع "تنظيم
الدولة"، وانتهت باتفاق يقضي بخروج عناصر التنظيم إلى محافظة السويداء
المجاورة، فيما جرى تشريد معظم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه.
ويعتبر مخيم اليرموك من أكبر المخيمات
الفلسطينية في سوريا، ويطلق عليه الفلسطينيون "عاصمة اللجوء"، غير أن
تعرض بنيته للتدمير أدى إلى تهجير كافة أبنائه، باستثناء عدد محدود من عائلات المقاتلين
في صفوف فصائل فلسطينية موالية للنظام السوري.
وتعرض المخيم لحملة نهب واسعة، قام بها عناصر النظام السوري، وتم
توثيقها بمقاطع مصورة، شملت الاستيلاء على كافة أثاث وممتلكات السكان، ومحتويات المنازل،
بعد إخراج تنظيم الدولة منه، وتدمير مبانيه.
لماذا تريد روسيا التحكم بالدعم الأممي للشمال السوري؟
السلفية الجهادية في الأردن.. ركود أم تحوّل؟
ما وراء انسحاب قوات النظام من "عين عيسى" شمال الرقة؟