تسعى روسيا إلى إيقاف آلية نقل المساعدات الأممية عبر الحدود التركية إلى الشمال السوري، وذلك ما يؤكده حديثها المتجدد عن رغبتها بتقليص عدد النقاط التي تدخل منها المساعدات إلى واحدة فقط، ولمدة نصف عام.
وأوضحت وكالة "فرانس برس" نقلا عن مصادر دبلوماسية أن الروس "قالوا إنهم يريدون نقطة دخول واحدة ولمدة ستة أشهر" على الحدود التركية، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الروسية من وراء خصر إدخال المساعدات، وبالتنسيق مع النظام السوري.
يذكر أن آلية المساعدات الأممية المطبقة منذ العام 2014، لا تتطلّب أي تفويض من جانب النظام السوري، وتنتهي صلاحيتها في 10 تموز/يوليو القادم، وذلك بعد تقليص مجلس الأمن الدولي عدد المعابر إلى اثنين هما "باب السلامة" بأعزاز و"باب الهوى" بإدلب.
وبدأت ألمانيا وبلجيكا، المسؤولتان عن هذا الملف، مفاوضات لتمديدها. ويتضمن مشروع قرار قدمته الدولتان، الإبقاء على نقطتي الدخول الحاليتين عبر تركيا إلى الأراضي السورية ولمدة عام واحد.
وحتى الآن، لم تحدد ألمانيا التي ترأس مجلس الأمن الدولي في تموز/يوليو أي موعد للتصويت على نص القرار حول آلية إدخال المساعدات.
"ملف إنساني"
وفي حديث لـ"عربي21" بهذا الخصوص، دعا عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض، عبد المجيد بركات، إلى ضرورة إبقاء ملف المساعدات الإنسانية خارج المساومات السياسية والدولية.
وقال "بركات": "كمعارضة نطالب بعزل هذا الملف الإنساني عن الابتزاز السياسي، والمفاوضات السياسية"، مبينا أن "المعارضة تحاول من خلال الدول الصديقة للشعب السوري توضيح إنسانية هذا الملف".
وأضاف بركات، أن على المعارضة مسؤولية كبيرة لمنع تطبيق المخططات الروسية، الهادفة إلى حد بعيد إلى مساعدة النظام السوري على تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمناطق سيطرته، والتي فاقمها سريان قانون "قيصر".
اقرأ أيضا: اقتتال بين فصائل المعارضة بمناطق "نبع السلام" شمال سوريا
المساعدات في مواجهة "قيصر"
وقال عضو الائتلاف، إنها "ليست المرة الأولى التي تحاول فيها روسيا منع دخول المساعدات إلى الشمال السوري، وقد عملت سابقا على حصر إدخال المساعدات عبر النظام السوري، لكنها في كل مرة تقدم مبررات غير مقنعة، لم تجد قبولا لدى المجتمع الدولي سابقا، وكذلك مستقبلا".
وحول أهداف روسيا من ذلك، اعتبر بركات، أن روسيا تتطلع من خلال احتكارها للمساعدات الأممية إلى مساعدة النظام على مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تهدد وجوده، وخصوصا بالنظر إلى زيادة النقمة الشعبية ضد النظام بفعل الفقر والجوع.
وأوضح بركات أن روسيا باتت تخشى اتساع موجة الرفض الشعبي لحليفها النظام، مشيرا إلى التظاهرات التي شهدتها محافظة السويداء، الشهر الماضي، التي نادت بإسقاط النظام، بسبب الاستبداد والفقر.
فك عزلة وتحكم باقتصاد الشمال
وقال المعارض السوري إن روسيا تريد من خلال هذه المساعدات إعادة كسب ود الأوساط الشعبية في مناطق النظام.
وثمة هدف آخر تتطلع روسيا إلى تحقيقه من وراء حصر إدخال المساعدات بالتنسيق مع النظام فقط، يشرحه بركات بقوله: "تتطلع روسيا إلى كسر العزلة الدولية المفروضة على نظام الأسد، عبر إجبار المجتمع الدولي على التنسيق مع النظام، معتقدة أنها بذلك تجبر الجميع على التعامل معه".
واتفق المحلل السياسي أسامة بشير مع ذلك، مؤكدا لـ"عربي21" أن روسيا كذلك تريد الضغط على تركيا لدفع الأخيرة للتنسيق مع النظام بخصوص المساعدات التي ستدخل الشمال السوري، الذي يعد منطقة نفوذ تركية، بشكل أو بآخر.
وبحسب بشير، فإن روسيا تسعى أيضا للتحكم باقتصاد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وإضعاف هذا الاقتصاد وتجويع الأهالي، لزيادة الضغط على تركيا، وتابع، أنه دون النظر إلى التفاهمات الجانبية الروسية – التركية، فإن الثقة بينهما تكاد تكون معدومة.
وقبل أسبوع طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش”، أعضاء مجلس الأمن، بالعمل فورا على السماح مجددا بإدخال مواد الإغاثة الإنسانية عبر معبر اليعربية إلى شمال شرق سورية، إلى جانب المعبرين الحدوديين مع تركيا، معتبرة أن عدم القيام بذلك سيفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، في ظل النقص الحاد في المواد الطبية وغيرها، خاصة مع ظروف وجود فيروس "كورونا" المستجد.
السلفية الجهادية في الأردن.. ركود أم تحوّل؟
ما وراء انسحاب قوات النظام من "عين عيسى" شمال الرقة؟
روسيا تكثف اجتماعاتها بأطراف سورية معارضة.. عن ماذا تبحث؟