لوّح إسلاميو الجزائر إلى إمكانية العودة إلى الشارع والانضمام إلى الحراك الشعبي المطالب بالانتقال الديمقراطي من أجل فرض الإصلاح السياسي المنشود، والوصول إلى دستور توافقي يؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي.
وحذّر رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية "حمس" (الإسلامية التوجه) عبد الرزاق مقّري من أن هناك محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والالتفاف على المطالب الشعبية وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
واعتبر مقّري في تصريحات مصورة له نشرها اليوم الثلاثاء على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن اللجوء إلى الشارع مرة أخرى سيكون نتيجة حتمية لأي نكوص من السلطات الرسمية عن التوافق.
وقال: "إذا كان هناك نكوص عن التعهدات ومحاولة للاحتيال على الحريات والديمقراطية وإرجاع الوضع إلى ما كان عليه في عهد بوتفليقة، أكيد يجب أن يكون هناك حراك شعبي آخر.. ما في ذلك شك، فالأمر مرتبط بالنتائج".
وأضاف: "إذا تمكنا من الذهاب إلى دستور توافقي حقيقة فسيكون الأمر مختلفا، لكن الدستور الحالي الموجود لا أحد يثني عليه غير جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي".
وأكد مقّري أن المؤشرات الموجودة لا تنبئ بجدية التوجه إلى التوصل إلى دستور توافقي، وقال: "الدستور الذي يثبت عبر الزمن هو الدستور التوافقي، الذي يمثل توجه الأغلبية الساحقة، وهذا غير موجود الآن".
وأشار إلى إمكانية تكرار سيناريوهات الانتخابات المزورة، وقال: "إننا إذا رأينا إرجاع جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي وهما حزبان ثار عليهما الشعب، فإننا نستغرب كيف أن حزبا سياسيا إذا أراد عقد أحد مؤتمراته يجد مشقة في إيجاد مكان لذلك، بينما يجد هذان الحزبان أرقى وأفخم الأماكن العمومية التابعة للدولة، فهذه إشارات إلى أن هناك إرادة للرجوع إلى ما كنا عليه".
وأضاف: "إذا كانت هناك إرادة للعودة إلى العهد البوتفليقي، فإن الحراك يجب أن يعود.. أما إذا ذهبنا إلى التوافق وما يجمعنا وما يحقق الديمقراطية وما يعطي أملا بتحريك الاقتصاد والتنمية وتحقيق العدالة فلن نحتاج إلى الحراك.. الحراك هو آلية للدفاع عن الحقوق.. الحراك هو النضال ضد الديكتاتورية وضد الهيمنة وضد الفساد، وضد السيطرة.. هذا هو الحراك"، على حد تعبيره.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها زعيم إسلامي جزائري إلى دستور توافقي، فقد كان المرشح السابق لرئاسة الجزائر عبد القادر بن قرينة وهو أيضا رئيس "حركة البناء الوطني"، قد دعا في عيد الفطر الأخير إلى التعاون لصياغة الدستور وبناء مؤسسات تستند إلى اختيار الشعب الحر.
من جهة أخرى وفي خطوة لافتة ومفاجئة أيضا، سمحت وزارة الداخلية الجزائرية لحزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، بعقد مؤتمرات استثنائية لانتخاب قياداتهما بعد اعتقال القيادات القديمة على خلفية اتهامات بالفساد.
وقد زكى مؤتمر اللجنة المركزية لحزب "جبهة التحرير الوطني" بعجي أبو الفضل أميناً عاماً جديداً، خلفاً للأمين العام السابق محمد جميعي الموقوف في السجن بتهمة الفساد ونهب المال العام.
وكان حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" قد عقد مؤتمره الاستثنائي، نهاية أيار (مايو) الماضي أيضا، وانتخب الطيب زيتوني أميناً عاماً جديداً، خلفاً للأمين العام السابق ورئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى الموقوف في السجن، بعد إدانته وحبسه 15 سنة؛ بسبب تورطه في قضايا فساد.
وتأتي هذه الخطوات بالتوازي مع
سياسة استهداف قيادات الحراك الشعبي واعتقالهم، ورفض الترخيص لأربعة أحزاب فتية، أسسها شباب ناشطون في الحراك، بعقد مؤتمراتها التأسيسية، والحصول على رخصة النشاط السياسي كـ"حركة عزم" و"التيار الشعبي" و"بداية" و"السيادة الشعبية".
ووزعت الرئاسة الجزائرية على الطبقة السياسية، في 7 مايو/ أيار الجاري، مسودة تعديل دستوري، من أجل مناقشتها وإثرائها، اقترحت استحداث منصب لرئيس الجمهورية لأول مرة منذ استقلال الجزائر العام 1962.
وأفادت الرئاسة بأن لجنة خبراء ستجمع المقترحات التي تصلها لدراستها، قبل صياغة نهائية للمشروع، وإحالته على الاستفتاء الشعبي.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن تبون اعتزامه "إجراء تعديل عميق للدستور، وإعادة النظر في منظومة الحكم"، لــ"بناء جمهورية جديدة".
ومنذ عام 2008، أدخل الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة (1999 ـ 2019)، تعديلات متتالية على الدستور، عززت صلاحيات رئيس الجمهورية، مقابل تقليص صلاحيات رئيس الحكومة.
إقرأ أيضا: دستور جديد للجزائر جاهز للمناقشة.. ما أبرز مواده المثيرة؟