حظيت دعوة من قيادي معارض، لروسيا إلى فتح صفحة جديدة مع المعارضة السورية بتنسيق تركي، باهتمام ملحوظ من قبل كثير من المراقبين.
وكان رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم" التابع لـ"الجيش الوطني السوري"، قد دعا في تصريح غير مألوف الروس إلى التوقف عن دعم نظام الأسد، مقابل فتح المعارضة السورية صفحة جديدة مع روسيا.
دعوة سيجري، التي أثارت ردود فعل متباينة وانتقادات حادة، والتي وصفت من قبل البعض بـ"التزلف والتملق السياسي"، أثارت تساؤلات عن احتمالية تغيير في العلاقة بين روسيا والمعارضة السورية، برعاية تركية.
قضايا مستجدة
وليس مستحيلا، من وجهة نظر الباحث في "مركز الحوار السوري"، أحمد قربي، أن يتغير شكل العلاقة بين المعارضة السورية وروسيا، نظرا لوجود عدد من القضايا المستجدة.
وفي حديثه لـ"عربي21"، اعتبر أن جائحة كورونا وأزمة أسعار النفط قد تفرض على الروس الإسراع في إيجاد حل سياسي يتوافق مع رؤيتهم والابتعاد عن فكرة الحسم العسكري، خصوصا وأنه من المتوقع أن يؤثر تطبيق قانون "قيصر"، والضغوط الأمريكية الاقتصادية المرافقة له، سلبا على النظام والقوى الداعمة له.
اقرأ أيضا: نصر الحريري: الأسد وإيران سيعملان على تخريب اتفاق إدلب
وتابع قربي، بالإشارة كذلك إلى ما يبدو خلافات طارئة بين الروس ونظام الأسد، وتحديدا في ما يتعلق بالموقف من الدور الإيراني في سوريا، والانخراط في مسار الحل السياسي، مضيفا أن "النظام ما يزال متمسكا بالدور الإيراني الفاعل داخل سوريا، ولا يريد تقديم تنازلات -ولو بسيطة- للمعارضة وقوى الثورة في مسار الحل السياسي، واللجنة الدستورية على رأسها، على عكس الرؤية الروسية".
وأشار إلى أن روسيا تعتبر الدولة الأكثر تأثيرا وتحكما بالملف السوري، وقال: "هذا واقع يجب علينا الاعتراف به بغض النظر عن موقفنا منه، وهنالك شبه اعتراف من جميع الدول بما في ذلك الولايات المتحدة بهذا الأمر، ولعل تصريحات جميس جيفري الأخيرة حول ضرورة انسحاب جميع القوى من سوريا باستثناء الروس، مؤشر مهم على اعتراف الولايات المتحدة بالدور الروسي في سوريا".
وبالبناء على ذلك، قال قربي: إن فكرة إيجاد مقاربة للحل مع الروس، وتوقيت طرحها قد تكون صحيحة، ولكنها -بالمقابل- غير كافية لتحقيق هدفها، وهو إيجاد صيغة سياسية لإقناع الروس للخروج بحل سياسي يحقق ولو بالحد الأدنى مطالب قوى الثورة والمعارضة، وعلى رأسها إزاحة الأسد من السلطة، حيث أن الوصول إلى مثل هذا الهدف يتطلب تحقيق توافق حول مثل هذه المبادرة داخل صفوف قوى الثورة والمعارضة أولا، وتنسيق هذا التحرك مع القوى الإقليمية والدولية المؤيدة لهذه القوى ثانيا.
الباحث في مركز "جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، قال: "ليست المرّة الأولى التي تتم فيها الدعوة لإعادة النظر في علاقة المعارضة السورية مع روسيا، وهي مواقف مبنية غالبا على مواجهة استحقاق التعامل مع روسيا كقوة ذات نفوذ طويل الأمد في سوريا".
وأضاف لـ"عربي21" أنه عادة ما كانت هذه الدعوات تقابل بالرفض الكبير، مما يؤدي لانكفائها، ويبدو أن قرب توصل القوى الدولية لتفاهم أمني أو عسكري أو سياسي في سوريا، بات يُشكّل دافعاً لتجديد تلك الدعوات، في سياق مواجهة الاستحقاق مرّة أخرى.
بيئة ملائمة
ورأى عاصي، أن ظهور اتجاه غير رسمي في روسيا يدعو إلى إعادة النظر في العلاقة مع النظام السوري ورئيسه، إضافة لتحقيق تقدم مستمر في التفاهمات الثنائية مع تركيا شرق وغرب الفرات، وكذلك تلويح الولايات المتّحدة بإمكانية عقد تفاهم أمني حول سوريا، كل ذلك يُشكّل بيئة ملائمة لإعادة النظر في طبيعة العلاقة مع روسيا ومواجهة هذا الاستحقاق.
غير أن كل ما سبق، لا يعني بالضرورة أن تنجح مثل هذه الخطوة أو أن تلقى قبولاً بين أطياف المعارضة والرأي العام المحلي، وفق عاصي، الذي استدرك بقوله: "لكن قد تكون هناك فرصة حقيقية لتحويل هذه الدعوات التي ما تزال تختبر المزاج العام إلى مبادرات حقيقية صادرة عن المعارضة السورية، وهذا مقترن بتوفير دعم أو ضمانة من تركيا أو الولايات المتّحدة، إضافة إلى وجود رؤية واضحة قائمة على فهم مصالح روسيا في سوريا وتأثير وجودها على مصالح قوى الثورة والمعارضة".
اقرأ أيضا: برلماني بنظام الأسد يشن هجوما حادا على بوتين
وأنهى بقوله: "ليس مستبعدا أن تقوم روسيا في حال لاقت مثل هذه الدعوات انتشارا أو تفاعلا ملموسا بإعطاء رسائل إيجابية، لا سيما وأنّ أحد أبرز أهداف آلية الرقابة في الدوريات المشتركة ضمن مناطق سيطرة المعارضة هي اختبار مدى قبول أو رفض الرأي المحلي لتواجدها، وربّما تعتقد موسكو أنّ النظرة الشعبية في هذا الصدد تختلف عن الصورة الذهنية لإيران".
بالمقابل، شكك الخبير العسكري العميد أحمد رحال، بجدوى أي تقارب بين المعارضة السورية وروسيا، وقال لـ"عربي21": "باعتقادي ما من جدوى بتاتا لهذه الدعوات".
وتعتبر المعارضة السورية، أن تدخل روسيا العسكري، ومساندتها النظام السوري منذ أواخر العام 2015 بشكل مباشر، قد أسهم في انحسار مناطق سيطرتها، وذلك بفعل عدم التكافؤ في ميزان القوى.
على صفيح ساخن.. إليك أقوى 5 أساطيل بحوض المتوسط (شاهد)
نظام الأسد يعلن التعاقد مع إيران لاستخراج النفط... لماذا الآن؟
اتهامات لروسيا بعرقلة وصول مساعدات لمخيم الركبان في سوريا