يخيم القلق على عائلة حسن، التي تقطن مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، عقب تلقيهم نبأ إصابة نجلهم "محمد" الأسير في سجون الاحتلال بفيروس كورونا المستجد، خاصة مع افتقار المعتقلات لأدنى مقومات الإجراءات الصحية.
وللعائلة حكايات مريرة مع السجن في الماضي والحاضر، فخمسة من أفرادها جربوا
الاعتقال على مدار سنوات طويلة بما فيهم الأم والأب.
وفي ساعات فجر الأربعاء الماضي داهمت قوات الاحتلال
رام الله واعتقلت الطالب في جامعة بيرزيت محمد ماجد حسن ابن السنة الدراسية الثالثة
ونقلته إلى جهة مجهولة، وبعد يومين أعلنت مصادر إسرائيلية ومؤسسات حقوقية أنه مصاب
بالفيروس.
وتقول شقيقته تسنيم حسن لـ"عربي21" إن
قوات الاحتلال اعتقلت محمد من منزل عمته حين كان في زيارتها بقرية دير السودان غرب
رام الله، وبعدها لم تعرف عنه العائلة شيئا قبل أن يتم إبلاغهم بأنه نقل إلى مركز المسكوبية
للتحقيق معه.
وتوضح أن الاحتلال عقد جلسة محاكمة داخلية لشقيقها
ومدد اعتقاله لثمانية أيام على ذمة التحقيق إلا أن مؤسسة الضمير الحقوقية أبلغتهم
يوم الجمعة أنه مصاب بالفيروس، وتم نقله إلى عزل سجن الرملة.
وتؤكد تسنيم أن الاحتلال يمارس التكتم على حالة محمد
الصحية، حيث نقله إلى العزل دون الإفصاح عن أي معلومات حوله ودون السماح للمحامين بزيارته
أو التحدث إليه.
وتضيف: "يبدو أن الاحتلال أخضع محمد للفحص منذ
اعتقاله، وحين تبينت إصابته بكورونا نقله إلى العزل ورفض حتى الإفراج عنه، أما نحن
فمنذ أن سمعنا الخبر نعيش حالة ترقب وانتظار وقلق مستمر، لأننا نعلم جيدا أن سجون الاحتلال
بيئة خصبة لأي مرض بسبب ظروف الاعتقال السيئة ومنع مواد التعقيم والتنظيف عن الأسرى".
وتقول إن العائلة خضعت لفحص الفيروس من قبل جهاز
الطب الوقائي بعد أن علمت بإصابة نجلها، لكن نتيجة الفحص كانت سلبية أي سليمة، ما يزيد
الشكوك أن إصابة محمد جاءت بفعل الاحتلال وسجانيه.
وفي ذات الوقت، تمر "شذى" شقيقة
"محمد" بمحنة الاعتقال الإسرائيلي، وهي طالبة بجامعة بيرزيت في سنتها الرابعة؛
وتعد إحدى الناشطات في العمل النقابي عبر موقعها
في رئاسة مؤتمر مجلس طلبة الجامعة.
واعتقلت
قوات الاحتلال "شذى" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وحولتها للاعتقال الإداري
لمدة أربعة أشهر، وبعد انتهاء المدة جددت احتجازها مدة أربعة شهور أخرى.
بدوره يؤكد ماجد حسم والد الأسيرين لـ"عربي21"
أن القلق كان ينتابه على ابنته الأسيرة في ظل انتشار جائحة كورونا، وذلك لأن الاحتلال
لا يقوم بأي جهد لحماية الأسرى أو وضعهم في ظروف صحية ووقائية.
ويشير إلى أنه حين سمع بخبر إصابة محمد بالفيروس
"شعر وكأن يديه مقيدتان ولا يستطيع فعل شيء لحمايته في ظل تعنت الاحتلال وتكتمه
على مصيره وصحته".
ويتابع: "محمد شعلة من النشاط والطاقة وهو مميز
بين الطلبة في تقديم الخدمات النقابية لهم وهو مجتهد في دراسته؛ لكنه الآن معزول مصاب
بفيروس ما زال يحيّر أكبر دول العالم؛ ومع ذلك يرفض الاحتلال الإفراج عنه ويرفض حتى
زيارته من المحامين، نحن قلقون للغاية ونناشد كل المعنيين بالضغط على الاحتلال للإفراج
عنه".
اقرأ أيضا: فلسطينيون يشيعون أسيرا توفي بسجون الاحتلال (شاهد)
وفي شهر رمضان الفضيل تعيش هذه العائلة أياما ثقيلة
بالتفكير في مصير نجلها، فهي ترى أن مكانه المناسب الآن "المراكز الطبية لمتابعة
صحته بدلا من زنازين العزل الضيقة الرطبة".
وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت والد "محمد"
عدة مرات أمضى خلالها ما مجموعه عشرة أعوام في السجون الإسرائيلية؛ كما تعرضت والدته
للاعتقال لخمسة أشهر، واعتقلت شقيقته شذى وكذلك شقيقه عبد المجيد، ولكن هذه الفترة
هي الأصعب بالنسبة للعائلة بسبب إصابة محمد بالفيروس.
تحذير مستمر
وفي ظل توارد نبأ إصابة الأسير محمد، حذرت مؤسسات
حقوقية من الخطر المحدق بالأسرى، في ظل امتناع الاحتلال عن توفير الظروف الصحية الملائمة
لهم، وهي تحذيرات تكررت منذ بداية انتشار الفيروس خاصة.
وتقول مديرة مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان سحر فرنسيس
لـ"عربي21" إن محاميها تواصل هاتفيا مع الأسير الطالب محمد حسن الخميس الماضي (بعد اعتقاله بيوم واحد وقبل معرفة إصابته)، حيث
كان متواجدا في مركز تحقيق المسكوبية.
اقرأ أيضا: ما المطلوب لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال؟
وأوضحت أن إدارة سجون الاحتلال أبلغت المحامي بإصابة
الأسير بالفيروس، وبدورها أعلمت المؤسسة وزارة الصحة الفلسطينية وهيئة الصليب الأحمر
لمتابعة الأمر.
وتؤكد فرنسيس أن إدارة السجون أجرت فحصا ثانيا للأسير
وتبينت النتيجة سلبية أي أنه غير مصاب، ولكن يجب إجراء فحص ثالث له للتأكد من النتيجة.
وتشير إلى أنه تم نقل الأسير محمد إلى عزل سجن الرملة
دون وجود أي أعراض عليه، كما أنه لم يخالط الأسرى منذ اعتقاله لأنه نقل فورا إلى مركز
التحقيق الذي يتكون عادة من زنازين صغيرة تتسع لأسير واحد.
وقالت إن "الظروف الاعتقالية للأسرى سيئة وتفتقر
لأدنى مقومات الحياة الإنسانية".
ويعتبر الأسير محمد حسن ثاني أسير فلسطيني يصاب بالفيروس
في سجون الاحتلال بعد إصابة الأسير المحرر نور الدين صرصور من رام الله عقب الإفراج
عنه.
وبحسب جهات فلسطينية، فإن الاحتلال يحاول التكتم
على قضية انتشار الفيروس في السجون خاصة وأن فرص نقل السجانين والمحققين وموظفي إدارة
السجون العدوى للأسرى عالية ف ظل احتكاكهم بالمجتمع الإسرائيلي الذي تتفشى فيه العدوى.
وطالبت
مؤسسات حقوقية بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال خشية انتقال عدوى الفيروس
إليهم في ظل هذه الظروف، ونظرا لطبيعة السجون المزدحمة والمفتقرة لشروط الوقاية من
المرض.
"الشعبونية".. عادة نابلسية اختطفها كورونا هذا العام
الاحتلال يتعمد إخفاء حصيلة كورونا الفلسطينية بالقدس
مخاوف فلسطينية متصاعدة من إصابة الأسرى بكورونا (شاهد)