بالمعنى الفعلي للكلمة، وفي الوقت الراهن، ليست هناك تحركات جادة لإتمام صفقة تبادل للأسرى بين حركة
حماس، والجانب الصهيوني، الجديد الذي طرأ هو دخول طرفٍ ثالث على خط المعادلة، متمثلاً بجائحة
كورونا، وتفشي الوباء داخل الكيان الصهيوني، ومن ضمنه بطبيعة الحال السجون التي تعج بالآلاف من المعتقلين الفلسطينين والأردنيين والعرب، ما يشكل تهديداً حقيقياً على حياتهم، وما لذلك من كُلف كبيرة قد يكون من الصعب على بنيامين نتنياهو (المأزم حكومياً) احتمالها.
عملياً، فيروس كورونا قدم للجانب الصهيوني سلّماً للنزول به في مسألة الأسرى، فحماس غير معنية بهذه الجزئية (سوى مخاوفها المعلنة على حياة كافة الأسرى)، في ظل تفشي فيروس كورونا، كالجانب الصهيوني الذي يوجد لديه 5500 أسير وأسيرة، من كبار السن والمرضى والصغار والنساء على حدٍ سواء، بينما تشير معظم التقديرات إلى أن حركة حماس تحتفظ بأربعة أسرى لديها، ليس معلوماً إن كانوا أحياء أم أنها تحتفظ بجثثهم فقط.
صحيح أن مبادرة السنوار نجحت في تحريك المياه الراكدة في قضية الجنود الأسرى لدى كتائب القسام منذ ستة أعوام، لكنها جاءت هذه المرة في سياقٍ إنساني وليس سياسي أو تكتيكي، ما يعطي الفرصة للمناورة أكثر في تحديد شكلٍ آخر لمعادلة
المفاوضات، وفق رؤية جديدة تعتمد على محددات ومرتكزاتٍ مختلفة، ربما تؤدي في المدى المنظور للخروج بصيغةٍ توافقية. الأهم من كل ذلك، أن أزمة كورونا أوجدت فرصةً حقيقيةٍ للذهاب في الحديث عن صفقة الأسرى لأبعد مدى في ظرفٍ استثنائي، وهو المطلوب.
لا شك، سيكون لفيروس "كورونا" الكلمة الطولى لشكل الاتفاق النهائي بين حماس، والجانب الصهيوني، لجهة الحديث عن صفقة الأسرى. فالفيروس يعصف بالكيان الصهيوني بصورةٍ فتاكة، وكشف عجز جبهته الداخلية، وأحدث اختراقاً وانهياراً بنظامه الصحي، ما كشف عن حالة من التخبط والإرباك لدى الحكومة الصهيونية لجهة التعاطي مع الفيروس، والأخيرة غير معنية بفتح جبهة الأسرى الفلسطينيين في حال (لا قدر الله) تفشى المرض في سجون الاحتلال وسقط على إثر ذلك عدد من الشهداء، ما يعني تصعيداً جديداً مع المقاومة في لحظة ضعف وانكسار، الأمر الذي يشكل كابوساً للاحتلال.
الصورة تغيرت، وبالتالي ما كان محرماً قبل أسابيع أصبح أمراً وارد الحدوث الآن، وهذا ربما الذي سيجبر الجانب الصهيوني على التعاطي بإيجابية كاملة مع مبادرة السنوار. فالوقت يمر وما يطرح اليوم ربما لا يكون مقبولاً غداً، والعقل الصهيوني يدرك ذلك تماماً.