نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا كشفت فيه كيف أن فيروس كوفيد-19 ترك بصمة واضحة في الاقتصاد العالمي.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إيطاليا وإسبانيا والهند والمملكة المتحدة من بين البلدان التي دخلت في حالة إغلاق تام.
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة يوم 13 آذار/ مارس حالة طوارئ وفرضت قيودا كبيرة شملت عدة ولايات منذ ذلك الحين.
وفي الواقع، تُعتبر حكومات الولايات والبلديات المعزولة وبوابات المدارس الموصدة والمطاعم المغلقة جزءًا من غيبوبة اقتصادية مستحثة، على أمل أن يحدث الانتعاش عندما تمر أزمة فيروس كورونا.
وأضافت المجلة أنه وسط بعض المنافسة القوية، أصدرت مؤسسة غولدمان ساكس أكثر التوقعات تشاؤما حتى الآن للاقتصاد الأمريكي، قائلة إن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بنسبة 24 بالمئة في الربع الثاني.
من جهته، حذّر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد، من أن البطالة في الولايات المتحدة يمكن أن تصل إلى 30 بالمئة في نفس الفترة.
وأوردت المجلة أن قادة مجلس الشيوخ اتفقوا على حزمة تحفيز بقيمة 1.8 تريليون دولار تشمل الخصومات الضريبية والقروض وأموال المستشفيات وحزم الإنقاذ.
وأثناء مناقشة هذه الإجراءات، وقع التطرّق إلى سابقة تاريخية تُدعى "مشروع مارشال"، الذي يشير إلى الصفقة التي أعادت بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
أما الكساد الكبير الذي بدأ في سنة 1929، فهو سابقة أخرى وقع التطرّق إليها. ولكن بالنظر إلى الطبيعة المطولة لهذا الركود الذي استمر لعقد من الزمان، لم يقم الاقتصاديون بإجراء المقارنة حتى الآن.
والفرق الرئيسي اليوم هو أنه على عكس الأزمات المالية الأخرى، فإن المخاوف الصحية تفوق الأزمات الاقتصادية.
ونقلت المجلة عن جوليان جيسوب، وهو زميل اقتصادي في معهد الفكر للشؤون الاقتصادية، أن "الهدف هو أننا نريد بالفعل ركودًا لأننا نريد من الناس أن يتوقفوا عن القيام بما يفعلونه عادة.
نحن بحاجة لقبول فكرة أن الاقتصاد سوف ينكمش بشكل حاد، نحن بحاجة إلى قبول فكرة أن هذا الأمر سيحدث. هذا ما نريده بالنظر إلى أننا نريد تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي للحد من الخسائر في الأرواح".
اقرأ أيضا : مؤشرات الركود العالمي تظهر في سنغافورة
وأضافت المجلة أنه من الناحية المالية، لن يتسامح هذا الوباء مع أي بلد، حيث من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي على مدار السنة إلى الصفر، وذلك وفقا لتقدير صادر عن مركز الأبحاث "أوكسفورد إيكونومكس" الذي وصف التأثير على الاقتصاد الأوسع بأنه "عميق". كما حذّر هذا المركز من أن التجارة العالمية لهذه السنة ستنكمش للمرة الثانية منذ منتصف الثمانينيات.
وأفادت المجلة بأن هذا الركود جعل الحديث عن برامج التحفيز الحكومية على رأس جدول الأعمال، لكن ماثيو ليش، رئيس الأبحاث في معهد آدم سميث، قال إن الأدوات المعتادة لمساعدة النمو لا تنطبق على مثل هذه الكارثة الصحية.
وأضاف ليش: "يجب على الحكومات أن تتذكر أن هذه ليست أزمة عادية. إن النهج الكينزي المعتاد المتمثل في 'مال المروحيات' لتعزيز الإنفاق الخامل ليس منطقيا كالمعتاد، ولا حتى إزالة الحواجز الحكومية أو خفض الضرائب لتحفيز النمو".
وأردف ليش قائلا: "نريد في الواقع أن يتوقف الناس في الوقت الحالي عن الإنفاق. نحتاج إلى ضمان وصول الأفراد العاطلين عن العمل إلى الدعم المناسب واستمرارية الشركات حتى ينتهي هذا الأمر ونحقق الاستقرار المالي على نطاق أوسع".
وذكرت المجلة أن توقعات الحكومات والبنوك المركزية التي ترجح إمكانية حدوث ما يسمى بالركود على شكل حرف "في"، حيث يرتد الاقتصاد بسرعة بمجرد رفع القيود، ستعتمد على مقدار الدعم الذي تتلقاه الشركات.
في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، قدم المستشار ريشي سوناك حافزا للشركات لعدم تسريح العمال، مشيرا إلى أن حكومته ستتكفّل بنسبة 80 بالمئة من أجور العمال.
ونقلت المجلة عن ماريا باولا رانا، المحاضرة في الاقتصاد والتمويل في كلية سالفورد للأعمال في شمال إنجلترا، قولها إن "التحديات الاقتصادية التي نواجهها حاليًا مع فيروس كوفيدـ19 غير مسبوقة.
لهذا السبب، من الصعب جدًا إجراء أي مقارنة مع فترات الركود السابقة مثل الكساد الكبير أو الأزمة المالية في سنة 2008. إن أسباب الركود مختلفة والعلاجات التي نجحت في ذلك الوقت قد لا تكون كافية الآن".
وأضافت باولا رانا أنه "ينبغي أن تكون أولوية الحكومات هي وقف انتشار الفيروس والحفاظ على استمرار الاقتصاد المشلول.
لا يبدو أن الحزم المالية والنقدية غير المسبوقة قد طمأنت الأسواق. بدلا من ذلك، يبدو أن السيطرة على الفيروس هو الأمر الذي سيبعث الطمأنينة في الأسواق".
وبيّنت المجلة أن إغلاق المصانع في الصين والتأثير اللاحق على سلاسل التوريد دفع نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين من شركة الأبحاث كابيتال إيكونومكس، إلى إطلاق تحذير الشهر الماضي من أن فيروس كورونا يهدد طبيعة العولمة نفسها.
وأوضح شيرينغ أن الانكماش الاقتصادي هذه السنة سيكون أعمق بكثير مما رأيناه في أي مرحلة من فترات الكساد العظيم أو الأزمة المالية لسنة 2008، ذلك أن انحدار الخسارة في الناتج أكبر بكثير.
وأفادت المجلة بأنه بناء على "الخبرة التاريخية"، فإنه يمكن توقّع رجوع قويّ إلى الأوضاع السابقة بمجرد تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي، وعمل التحفيز النقدي والمالي، وعودة الناس إلى الإنفاق مرة أخرى.
في الوقت نفسه، قدّم مايكل ماكماهون، أستاذ الاقتصاد في جامعة أكسفورد، نظرة متفائلة قائلاً إنه بمجرد انتهاء الاستجابة الصحية، يمكن أن يكون هناك انتعاش سريع، على الرغم من اعتماد الكثير على مقدار الدعم الذي تقدمه الحكومات للشركات بينما كان الاقتصاد متضررا.
الصين تخصص نحو 16 مليار دولار لجهود مكافحة فيروس كورونا
خفض الفائدة يصعد بالذهب.. والنفط يتخلى عن مكاسبه
كورونا يتسبب بإفلاس شركة طيران بريطانية