قضايا وآراء

هل تطيح رؤية بوتين 2036 برؤية محمد بن سلمان 2030؟

1300x600

مباشرة وبعد إعلان روسيا رفع إنتاجها من النفط 300 ألف برميل، علقت الرياض تداول أسهم أرامكو في أسواق الأسهم الثلاثاء لتجنب مزيد من الخسائر في قيمة الشركة إلى ما دون ترليون و400 مليون دولار.

 

روسيا مستعدة

خروج أرامكو من الأسواق جاء سريعا ومفاجئا بعد المواجهة المباشرة مع الشركات الروسية وعلى رأسها (روسنفت) التي تنتج 40% من النفط الروسي؛ ورغم أن الشركة الروسية تعاني من عقوبات أمريكية أعلن عنها منوشين وزير الخزانة الأمريكية في شهر شباط (فبراير) الماضي بحجة خرق العقوبات على إيران وفنزويلا؛ إلا أن روسنفت تمكنت من امتصاص الصدمة المرتبطة برفع السعودية إنتاجها من النفط إلى أكثر من 10 مليون برميل لترد روسيا برفع الإنتاج 300 ألف برميل.

فروسيا وعلى لسان وزير ماليتها أنطون سيليانوف أعلنت أنها مستعدة لتحمل انخفاض كبير في سعر برميل النفط تصل لغاية 25 دولار للبرميل ولمدة تزيد عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز الست سنوات؛ إذ أنها ستمول العجز الناجم عن ذلك من صندوقها السيادي المقدر بـ 150 مليار دولار ويمثل 9% من ناتجها القومي الإجمالي؛ خصوصا أن مستوى التوازن في الموازنة بالنسبة لروسيا يقدر بـ 40 دولار للبرميل في حين أنه يقدر في السعودية 80 دولار للحفاظ على موازنة مستقرة ولعل ذلك يفسر الخروج السريع لارامكو من سوق الأسهم وبشكل مثير للفزع.

حرب الأسعار التي أعلنتها الرياض فشلت في تحقيق أهدافها ولم تدفع روسيا إلى الخلف بالقبول بخفض الإنتاج ؛ ورغم أن روسنفت الروسية عانت من العقوبات الأمريكية وخسرت ما يقارب 24% من قيمة أسهمها إلا أن قدرتها على التحمل كانت عالية واستعداداتها كانت مكتملة على عكس أرامكو التي لم تحتمل خسارة 9.1% من قيمة أسهمها؛ لتسارع بالخروج من سوق الأسهم في ما يشبه حالة من الهلع والذعر.

 

مخاطر على الاقتصاد السعودي


فالحرب التجارية ستزيد من حجم المخاطر التي يعانيها الاقتصاد السعودي وسترفع من حجم الضغوط على الموازنة السعودية التي ستعاني من عجوزات إضافية تنضم بدورها للضغوط والخسائر الناجمة عن حرب اليمن؛ وستضاعف كلف المرحلة الانتقالية بين عهدين والتي يعبر عنها برؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 رؤية تخللها بين الحين والآخر هزات كبيرة داخل المنظومة السياسية والأسرة الحاكمة  كان آخرها اعتقال الأمراء الثلاثة أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف ونواف بن محمد.

حالة الإرباك والخروج السريع لأرامكو أقلق الإدارة الأمريكية التي عولت على الرياض في تحقيق ما لم تحققه العقوبات الأمريكية لكبح جماح شركات النفط الروسية وإنقاذ شركات النفط الأمريكية المتعثرة؛ دافعة الرئيس ترامب للاتصال بولي العهد محمد بن سلمان يوم الثلاثاء 10 آذار (مارس) الحالي لتشديد الضغوط على روسيا على أمل وقف العملاق النفطي الروسي عن سحق الشركات النفطية الأمريكية المعتمدة على التكسير الهيدروليكي المكلف مقدمة دفعة جديدة للمواجهة برفع السعودية إنتاجها إلى أكثر من 12 مليون برميل في اليوم على أمل حسم المعركة في زمن قياسي.

 

 

حالة الإرباك والخروج السريع لأرامكو أقلق الإدارة الأمريكية التي عولت على الرياض في تحقيق ما لم تحققه العقوبات الأمريكية لكبح جماح شركات النفط الروسية وإنقاذ شركات النفط الأمريكية المتعثرة؛

  
فعنصر الزمن والإنتخابات يبدو حاسما في أمريكا؛ ولا يعمل لصالح ترامب على عكس الرئيس الروسي بوتين المهيمن على كافة المؤسسات والشركات؛ فترامب يعاني من ضغوط شركات النفط وارتفاع كلف الإنتاج واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والعداء الكبير للديمقراطيين لإدارة الرئيس الأمريكي وتشككهم بحلفائه في المنطقة؛ خصوصا بعد الإطاحة بمسؤولين مقربين من المؤسسات السيادية الأمريكية على رأسها الـ  CIA و الـ FBI  كان أبرزهم ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.

في النهاية تحاول واشنطن التواري في الظل؛ فترامب قلق من غضب شركات النفط ومن خذلان الكونغرس له؛ في حين أن السعودية قلقة من تداعيات الأزمة والحرب النفطية على المرحلة الانتقالية فيها وعلى شركة أرامكو التي تمثل رأس الحربة في رسم معالم المستقبل الذي يزداد غموضا وفوضوية؛ أما الرئيس بوتين مطمئن للغاية؛ إذ لم يكن مصادفة إعلانه يوم أول أمس الثلاثاء 10 آذار (مارس) الحالي من على منبر مجلس الشعب الروسي (الدوما) النية لإجراء تعديلات دستورية تتيح له الترشح حتى العام 2036.

ختاما بوتين تجاوز رؤية 2030 السعودية بخطوات كبيرة بحديثه عن رؤية 2036؛ وروسنفت الروسية باتت قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بأرامكو السعودية وسحق شركات النفط الأمريكية.