نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لكاتب العمود، ديفيد فون دريل، تحت عنوان: "لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة تجنب الشرق الأوسط؟".
ويبدأ دريل مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "تعد سجلات الثورات الكارثية والانتفاضات التي اجتاحت الشرق الأوسط في عام 2011 من بين الأسوأ، وما أطلق عليه الربيع العربي قام بتشويش أنظمة الطغيان، وهذا أمر جيد باستثناء عندما كان البديل هو الفوضى".
ويشير الكاتب إلى أنه "في تونس، مهد الانتفاضات، أدت الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، قبل تسعة أعوام، إلى حكومات شعبية فاشلة، مع أن القصة التونسية تظل ناجحة مقارنة مع مصر التي قايض فيها المصريون ديكتاتورا بآخر، أما اليمن وليبيا وسوريا فقد دخلتا في حروب أهلية قاتلة".
ويقول دريل إن "الربيع العربي قاد إلى تحولات وانحرافات وتحول إلى كابوس على الحدود السورية التركية، فهناك حوالي مليون سوري، معظمهم من النساء والأطفال، يعانون من البرد القارص، في وقت تحاول فيه تركيا عبر تحالف سام السيطرة على جبهتها السورية، وأدت الفوضى إلى وضع حلف الناتو على الحافة، في وقت تهدد فيه روسيا بإعادة أزمة اللاجئين التي وضعت الاتحاد الأوروبي أمام نقطة الانهيار".
ويلفت الكاتب إلى أنه "بالعودة إلى الانتفاضة السورية، فإنها قد هزت نظام بشار الأسد لكنها لم تستطع إخراجه من السلطة، واتسمت محاولات الأسد في سنوات الحرب الأهلية واستعادة السيطرة على البلاد بالعنف الوقح والوحشية: من الهجمات الكيماوية التي استهدفت المدنيين، إلى الغارات على المستشفيات والمدارس، وظل حلفاؤه الرئيسيون هم الإيرانيون والروس".
وينوه دريل إلى أن "حرب الأسد الطاحنة أدت إلى تشريد نصف سكان البلاد، وهناك حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا، بشكل زاد من الضغوط على مصادر هذا البلد، وهناك أكثر من مليون وصلوا إلى أوروبا، ما أدى إلى انتشار المشاعر المعادية للمهاجرين، ويخوض الأسد الآن مواجهة ضد الجماعات التي تدعمها تركيا في معقلها الأخير في إدلب، وأجزاء من محافظة حلب، شمال غرب البلاد".
ويفيد الكاتب بأن الحملة التي بدأت في كانون الأول/ ديسمبر أدت إلى فوضى مروعة، مشيرا إلى قول الأمم المتحدة إن "هناك أعدادا كبيرة من الناس تم تشريدهم إلى منطقة صغيرة، وفي فترة زمنية قصيرة، ولا مكان أمامهم للهروب إليه، ومخاطر تعرض المدنيين للخطر مرتفعة جدا، في وقت يتم فيه تجاهل القوانين والأعراف الدولية، وهم عرضة للظروف الجوية الباردة والمصاعب الاقتصادية، وفر الكثيرون دون أي شيء، ولم يكونوا قادرين على جلب المواد الأساسية معهم… فيما هرب آخرون بكل شيء استطاعوا حمله معهم، وحملوا ما يمكن حمله لأنهم لا يتوقعون العودة إلى بيوتهم، وشرد عمال الخدمات الإنسانية والجهات التي تقدم الدعم، وتحطمت البنى التحتية ومنشآت الإمدادات التي تقدر قيمتها بملايين الدولارات".
ويذكر دريل أن تركيا، وهي عضو في الناتو، حملت في الأسبوع الماضي روسيا مسؤولية الهجوم الذي أدى إلى قتل 33 من جنودها، ما رفع من مستويات الكارثة، ورد فلاديمير بوتين بإرسال بوارج حربية من البحر الأسود، عبرت الشواطئ التركية ومضيق البسفور باتجاه إدلب، مشيرا إلى أنه مع تزايد مستوى التوتر، فإن تركيا تتوقع دعما من الغرب، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن فتح الحدود أمام اللاجئين السوريين من إدلب، والسماح لهم بالمرور إلى أوروبا.
ويرى الكاتب أن "القارة الأوروبية عانت لاستيعاب موجة سابقة للاجئين السوريين، فماذا سيكون حالها في ظل تدفق مليون لاجئ سوري فقراء وجوعى وسط اندلاع موجة فيروس كورونا؟ وسيكون وصولهم بمثابة السيناريو الذي ينتظره المعادون للمهاجرين، وسيكون تهديدا حادا للاتحاد الأوروبي القائم على التجارة الحرة، ويواجه معضلة خاصة، وهي خروج بريطانيا من الاتحاد".
ويقول دريل: "ربما يفهم الرئيس دونالد ترامب اليوم السبب الذي جعل وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس يصر على الاحتفاظ بالقوات الأمريكية الخاصة في سوريا بصفتها قوة داعمة للاستقرار، ولماذا استقال احتجاجا على قرار الرئيس سحب القوات الأمريكية من هناك".
ويشير الكاتب إلى أنه "منذ هجمات 11/ 9 ارتكب الرؤساء الأمريكيون الخطأ الفادح تلو الآخر، من سحب القوات الأمريكية من المنطقة ليعودوا إليها مرة أخرى، ورسم خطوط حمراء لم يلتزموا بها، والترحيب بسقوط طغاة في المنطقة ثم التعاون مع آخرين ودعمهم فيها، حاولنا كل شيء لكن دون استراتيجية".
ويعتقد دريل أن "الشرق الأوسط يربك الخطاب الأمريكي، فسواء كنا نروج للتدخل الأجنبي أو ننتقده فإننا نقيس أفعالنا بناء على إجراءات خيالية من الطهورية الأخلاقية، ونريد الوقوف ومع الأخيار ضد الطغيان، وأن نكون نورا ضد الظلام، وفي النهاية نريد انتصارا مرتبا وأي شيء غير الهزيمة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "تظل المنطقة وهما خياليا، وبعودة ترامب مرة أخرى إلى الأزمة السورية فيجب أن يكون الدرس هو أن الولايات المتحدة لا تستطيع الفرار من الشرق الأوسط، فهو على مفترق طرق الكرة الأرضية وجذع الدماغ للثقافة الإنسانية، وستظل مشكلاته حاضرة على أجندة العالم، وفي المستقبل المنظور، وسيتم التعامل معها وإدارتها وليس حلها، وقد تدفعنا خيبات الربيع العربي لأن نتركه مرة وللأبد، لكن فشل الثورة يعني أن لا مفر من الشرق الأوسط".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NYT: من الذي يدعمه ترامب في سوريا.. بوتين أم أردوغان؟
FA: هذا هو الحل الأفضل لمواجهة الأزمة الإنسانية في إدلب
واشنطن بوست: هل غدر بوتين بأردوغان في إدلب؟