نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها للشؤون الأمنية، جوليان بارنس، يقول فيه إن العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، الذي يسيطر على الفصيل الأقوى في ليبيا، متهم بتعذيب الليبيين، مشيرا إلى أن البعض حاول يوم الثلاثاء استخدام المحاكم الأمريكية وسيلة للمقاومة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ضحايا القوات العسكرية التي يقودها حفتر يأملون بأن يستخدموا ممتلكاته في أمريكا ضده، مستغلين قانونا أمريكيا قليل الاستخدام، لاتهامه بالتعذيب ومحاكمته في المحكمة الفيدرالية في فرجينيا يوم الثلاثاء.
ويورد بارنس نقلا عن ليبيين، قولهما إن أفرادا من عائلتيهما تعرضوا للتعذيب حتى الموت على يد قوات حفتر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، في وقت سادت فيه الفوضى ليبيا، ما أدى في المحصلة إلى تجدد الحرب الأهلية، مشيرا إلى أن تلك العائلات تطالب بالتعويض من حفتر وأبنائه.
وتذكر الصحيفة أن قانون حماية ضحايا التعذيب، الذي تم اعتماده عام 1991، يسمح لعائلات ضحايا الإعدام خارج القانون والتعذيب بمحاكمة الأشخاص المسؤولين، مشيرة إلى أن القانون مصمم ضد مرتكبي التعذيب الذين يعملون ظاهريا تحت سلطة حكومية.
ويلفت التقرير إلى أن عددا من القضايا الشبيهة التي تم رفعها بموجب القانون ذاتها فشلت في تحقيق تقدم بسبب قلة الممتلكات التي يمكن للمحاكم وضع يدها عليها لتنجح تلك القضايا، مستدركا بأن حفتر وأولاده يملكون ما لا يقل عن 17 عقارا في فرجينيا تصل قيمتها إلى 8 ملايين دولار.
ويفيد الكاتب بأن ماضي حفتر المعقد، بصفته مواطنا يحمل الجنسيتين الليبية والأمريكية، يجعله عرضة للمحاكمة في المحاكم الأمريكية، لافتا إلى أنه كان خلال إدارة ريغان عميلا لوكالة الاستخبارات المركزية؛ أملا بأن يكون بإمكانه قيادة انقلاب ضد معمر القذافي، ثم كان حفتر لفترة بعد سقوط معمر القذافي قائدا للجيش الليبي التابع للحكومة المعترف بها دوليا، فيما تحاصر الآن قوات حفتر العاصمة الليبية، طرابلس، ويقاتل الحكومة المؤقتة، ويقود الفصيل الذي تدعمه روسيا وكثير من الدول العربية، وتعارضه أوروبا وأمريكا.
وتنوه الصحيفة إلى أن المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف استؤنفت ثانية يوم الثلاثاء، بعد يوم من موافقة الاتحاد الأوروبي على بدء حظر سلاح على ليبيا.
ويجد التقرير أن عمل حفتر مع وكالة الاستخبارات المركزية، مثل كثير من عمليات الجاسوسية، يحيط به الغموض، فبعد أن كان مساعدا للعقيد القذافي، انقلب على الزعيم الليبي عام 1987، وجندته المخابرات الأمريكية، مشيرا إلى أن انقلابا تم التخطيط له لم يتحقق، وتم جلب حفتر ورجاله في الأخير إلى أمريكا، واستقر حفتر وأبناؤه في شمال فرجينيا، حيث اشترى عدة عقارات.
ويقول بارنس إنه عندما قامت الثورة الليبية ضد القذافي عام 2011، وأدى ذلك إلى التدخل الأمريكي وحلف الناتو، عاد حفتر إلى ليبيا وشكل فصيلا قويا، وفي عام 2014، ومع وجود الحكومة الانتقالية بعد موت القذافي، قام حفتر وقواته بشن هجوم واسع على بنغازي، أطلق عليه عملية الكرامة؛ بهدف اجتثاث التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مشيرا إلى أن ابنيه خالد وصدام، خدما بصفتهما ضابطين تحت قيادته، وقادا القتال في بنغازي.
وتفيد الصحيفة بأنه خلال هجوم في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، تعرضت عائلتان للعنف، مشيرة إلى أنه بحسب الدعوى القضائية، فإن المدعين يقولون بأن قوات حفتر استولت على منزل عائلة سويعد، وعندما عاد الأب عادل سلام السويعد وابنه إبراهيم سريعا إلى البيت لإنقاذ عائلتهما تم القبض عليهما واختطافهما، وفي اليوم التالي عثر على جثمانيهما وعليهما علامات التعذيب.
ويشير التقرير إلى أنه بعد يومين، قامت قوات أخرى تعمل تحت قيادة حفتر بمهاجمة بيت عائلة كرشيني، وقتلت فردين من أفراد العائلة، وأخذت ستة أخوة للسجن، واتهمتهم بأنهم أعضاء في تنظيم الدولة، وتمت تعرية إبراهيم الكرشيني، الذي أصيب بعينه أثناء الهجوم على البيت، ثم تم ضربه على رأسه بالأنابيب والكابلات والعصي، بحسب أوراق القضية، ثم تم تعريضه على مدى ساعات السبع ونصف التالية للصدمات الكهربائية.
ويلفت الكاتب إلى أنه تم إطلاق سراح الكرشيني في النهاية، لكنه فقد عينا بسبب الاعتداءات التي تعرض لها، بحسب أوراق القضية، أما جثمان أخيه مصطفى فوجد بعد أيام، وكانت يداه مربوطتين خلفه مع وجود آثار رصاص في رأسه وصدره، فيما قتل الأخ الآخر، علي، بالرصاص أيضا وثلاثة آخرين جرحوا.
وتنقل الصحيفة عن المحامي لويغين ودانا، الذي يمثل العائلتين، كافين كارول، قوله: "في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 تم سجن عشرة رجال من العائلتين، وتم ضربهم وصعقهم بالكهرباء وإطلاق النار عليهم من قوات حفتر.. وهاتان العائلتان لن تحصلا على العدالة في بلد يسيطر حفتر على معظمه".
وبحسب التقرير، فإن القضية تتهم حفتر وابنيه باستخدام الجيش الوطني الليبي لشن "حرب عشوائية ضد الشعب الليبي"، وتعذيب وقتل المئات دون أي عملية قضائية، مشيرا إلى قول متحدث باسم حفتر إنه لم يكن على علم بالقضيتين، ورفض التعليق على تلك التهم.
ويورد بارنس نقلا عن مدير فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفرع الأمريكي من منظمة العفو الدولية، فيليب ناصيف، قوله إن قوات حفتر لطالما استخدمت الاختطاف والتعذيب والاغتصاب لفرض السيطرة على ليبيا، وأضاف: "إنه وضع سيئ على الأرض في ليبيا"، وأشار إلى أن هناك القليل من التوثيق للفوضى التي تسود ليبيا، ما يجعل من الصعوبة بمكان فهم حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول ناصيف: "نقوم بتوثيق هذه الاعتداءات بأفضل ما نستطيع، لكننا نعلم أنها رأس جبل الجليد، وأنه قد يكون هناك الكثير من الانتهاكات تحدث، معظمها في المناطق التي تسيطر عليها قوات حفتر".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
التايمز: هكذا حوّلت الطائرات المسيرة سير معركة طرابلس
NYT: لماذا تجنبت الأمم المتحدة ذكر الإمارات بتقريرها عن ليبيا؟
فايننشال تايمز: هذه تداعيات استمرار التدخل الخارجي بليبيا