اختتم الأحد الماضي، 29 كانون الأول/ ديسمبر 2019، المعرض الوطني للكتاب التونسي في دورته الثانية. دورة حملت جديدها ليس فقط على مستوى الإصدارات، من رواية وشعر ودراسات أدبية وفكرية، بل أيضا من خلال التصوّرات ومحاولات تقريب الجمهور الموسّع من صناعة الكتاب في تونس. حول هذه الدورة كانت لنا مجموعة من اللقاءات مع عدد من الناشرين ومنظّمي المعرض.
إيمان بوخبزة (مديرة المعرض): نعم، المواطن التونسي يقرأ
في حديث خصّت به "عربي 21"، أكّدت مديرة الدورة الثانية من المعرض الوطني للكتاب التونسي، أن الإقبال على المعرض جاء على عكس ما تروّج له بعض الإحصائيات بأن المواطن التونسي لا يقرأ.
تشير محدّثتنا إلى أن المعرض لم يكتف بانتظار القرّاء في مكان انعقاده في "مدينة الثقافة" في تونس العاصمة، بل إنه حاول الإشعاع على فضاءات أخرى بتوقيع شراكات مع عدة هياكل، ومنها المؤسسة السجنية، وهنا تشير إيمان بوخبزة إلى تفاعل المؤسسة السجنية مع مبادرة المعرض بزيارة أحد السجون وإدارة لقاءات أدبية، مضيفة أن نجاح التجربة فتحت الشهية لأنشطة ثقافية طيلة السنة مع المؤسسة السجنية، كما كشفت أن وزارة الشؤون الثقافية ستنظم مهرجان الإبداع السجني.
على مستوى الأرقام، أكدت مديرة المعرض أن "الدورة قد سجلت مشاركة حوالي 70 ناشرا وجرى عرض قرابة 15 ألف عنوان، كما كان هناك لقاءات ثمينة بين مهنيّي الكتاب من ناشرين وموزعين وكتّاب ومسؤولين، إضافة إلى القراء". وتضيف: "هذه المعطيات الإيجابية تدفع إلى العمل على تطوير التجربة وفتحها على كامل مدن تونس، ليكون معرضا وطنيا موزعا على كل الجهات". يذكر أن هذه المبادرة قد انطلقت بالفعل من خلال تنظيم معارض كتب في صفاقس وسوسة بشكل متزامن.
محمد معالج (رئيس اتحاد الناشرين التونسيين): "وفر الكتاب للتونسيين وسيقتنونه"
من جهته، أكد رئيس اتحاد الناشرين التونسيين، محمد معالج، أن المعرض الوطني للكتاب التونسي -الذي هو في الأصل مبادرة من اتحاد الناشرين وشكر بالمناسبة وزارة الثقافة على تلبيتها الطلب – قد فتح نافذة جديدة للناشر التونسي، في ظل الأزمة التي يعاني منها الكتاب خصوصا على مستوى الترويج، حيث إنه بتنظيم معرض خاص بالكتاب التونسي، يصبح للناشرين موعدان مهمان للاشتغال عليهما والترويج للكتاب، وهما المعرض التونسي للكتاب والمعرض الدولي في ربيع كل سنة. كما نوّه إلى أن اختيار مدينة الثقافة لتنظيم المعرض، هو اختيار صائب ومهم لوجودها في قلب تونس العاصمة.
وأضاف معالج قائلا: "عملنا على الاشتغال على أدق التفاصيل لتقديم الكتاب التونسي في أحلى صورته، انطلاقا من تقسيم أجنحة الناشرين بطريقة فيها جمالية وهندسة تجذب الأنظار إليها لاختلافها عن المتداول".
وكان نجاح الدورة الأولى من الكتاب التونسي في السنة الماضية، قد شجع على الدخول في التجربة مجددا، خاصة وقد حقّق المعرض هذا العام قرابة أربعين ألف زائر. يفسّر معالج هذا الإقبال باهتمام التونسيين من مختلف الشرائح بالمطالعة والكتاب، يقول: "وفر الكتاب للتونسي وسيشتريه" في إشارة إلى النقص الكبير في عدد المكتبات التي تبيع الكتاب الثقافي في تونس، وحتى الموجودة منها لا يمكنها أن توفر كل العناوين، وهو ما يجعل القارئ التونسي متعطشا للمعارض.
سامية نصري الرصّاع (دار سحر للنشر): مبادرة مهمة
وتقول ممثلة دار سحر للنشر، سامية نصري الرصاع، في حديث إلى "عربي 21"، إن تنظيم مثل هذه التظاهرات للكتاب التونسي مهم جدا من أجل الترويج له، في وقت يعاني فيه الكتاب التونسي من نقص في الدعاية والتسويق. كما نوهت إلى أهمية تنظيم معرض أيضا في مدينة صفاقس لخلق حركية وحيوية في البلاد، لتكون نهاية السنة الإدارية موسم الكتاب بامتياز.
تشير الرصّاع إلى أن تعدد المعارض يتيح فرصة أكبر لوصول المؤلفات لمن يحتاجها، فمثلا قدّمت "دار سحر" على مدى ثلاثة عقود منذ تأسيسها قرابة 800 عنوان في كل الاختصاصات، ولا يمكن لهذه الأعمال أن تبرز في موعد سنوي وحيد كما جرت العادة.
محمد سلايمية (دار نقوش عربية): قرّاء المستقبل
من جانبه، يشير محمد سلايمية، عن "دار نقوش عربية" إلى أهمية تخصيص معرض للكتاب التونسي وحده، كما ينوّه بحسن اختيار موعده في نهاية السنة، وهي فترة تقابل فترة العطل المدرسية.
يعتبر سلايمية بأنه ينبغي الانتباه إلى دخول الكتاب ضمن العادات الشرائية لفئات موسعة من التونسيين، وهؤلاء ينبغي توفير فضاءات عرض كثيرة لهم كي يصلوا إلى الكتب التي يبحثون عنها، وإن كانت كتب الأطفال تشكّل إلى اليوم الجزء الأكبر الذي تخصص له ميزانيات المواطنين التونسيين، وهو أمر إيجابي من زاوية أنه يربّي الأطفال على المطالعة، وهم قرّاء المستقبل.
التيجاني زايد (دار مسكلياني للنشر): مكسب للكتاب التونسي
تعدّ "دار مسكلياني" من دور تجارب النشر القليلة في تونس التي حقّقت رواجا لكتبها في أسواق عربية متنوعة بحضور منتظم في معارض الكتب العربية، وهو ما يجعل لحضورها في معرض محلّي رونقا.
يقول مدير الدار، التيجاني زايد مدير، "إن المعرض الوطني للكتاب التونسي مكسب لعدة أسباب: أولا لأن الكتاب التونسي في حاجة إلى مزيد من التعريف به، فكل مناسبة للتعريف به تعود بالنفع للناشر، خصوصا أنه يجد صعوبات في التنافس مع كتب منتجة خارج تونس، بالإضافة إلى أهمية الموقع فالمعرض الدولي للكتاب ينتظم في ضاحية الكرم، أي بعيدا عن حركية وسط العاصمة".
لمين النصيري (مدير دار شامة للنشر): مبادرة للاستمرار
ويعتبر لمين النصيري، مدير دار شامة، بأن "تنظيم معرض للكتاب التونسي قبل أشهر من معرض دولي، مبادرة طيبة تخدم الكتاب التونسي، على أن تستمر هذه التظاهرة مع مزيد من تطوير الدعاية له، بما يستقطب عددا أكبر من الزوّار".
أيام قرطاج المسرحية: دورة أخرى تنقضي.. ماذا قال عنها المسرحيون؟
ايسيسكو: القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية لسنة 2020