منذ تأسيسها بداية ثمانينات القرن الماضي، مثلت "أيام قرطاج المسرحية" أبرز فضاء لإضاءة جديد الممارسات المسرحية ضمن ثلاث دوائر تلتقي في تونس: الثقافة العربية، والإفريقية، والمتوسطية. المسرح هنا ليس فضاء فنيا فحسب، بل هو أيضاً فضاء حريات ومقاومة، وهو ما نستشفه من تقييمات عدد من المشاركين في التظاهرات قدموا تقييماتهم لـ"عربي21" حول الدورة الأخيرة التي اختتمت الأحد الماضي.
يعتبر المسرحي التونسي خالد بوزيد، الذي قدّم
العرض الختامي للدورة الأخيرة، أن "أيام قرطاج المسرحية" تضفي نوعا من
الدفء في شرايين مدينة تونس. من الجميل أن يتفاعل الجمهور مع تجارب متعددة من
العالم بقضايا تتجاوز الأيديولوجيات الجاهزة. من الجميل أن يقف هذا الجمهور على
نظرة مستقبلية للوقاع والفن، أن تطرح أمامه قضايا سياسية واجتماعية وفكرية وحضارية
ونفسية. من هنا تكمن أهمية أيام قرطاج المسرحية حين تصقل الوعي وتخلق جمهورها الذي
يتحاور حول الفكر وحول قضايا".
اقرأ أيضا: مهرجان "السجادة الحمراء" يفتتح عروضه في أحد شوارع غزة
يضيف خالد بوزيد في حديثه إلى "عربي21"
أن "أيام قرطاج المسرحية هي أولا لحظة متعة بالنسبة للجمهور التونسي، وثانيا
نوع من الاحتفاء بالمسرح والطمأنينة بأن الثقافة لا تزال بخير، وأنها فضاء للقاء
الثقافات في تنوعها فحاجتنا إلى "قرطاج" هو حاجة للحوار المباشر بين هذه
الثقافات".
وحول التغيير في نسق تنظيم أيام قرطاج المسرحية
من سنتين إلى سنة، يقول بوزيد: "أن تتحول أيام إلى سنوية هذا مهم جدا لأنها
تضرب موعد مع الثقافة والفن في تجدّدهما. نسق سنتين لا يكفي فالتحولات الفنية باتت
متسارعة. نحن في حاجة في بلادنا إلى مواكبة هذا التسارع. بل أكثر من ذلك أتمنى أن
يستمع نسق لعروض في سائر أيام السنة ولا يقتصر على مناسبة أيام المهرجان".
يشير بوزيد إلى أن "ما يميّز هذه الدورة هو مشاركة السجون كفضاءات. مشكورة
إدارة السجون حين فتحت للمهرجان هذه الفضاءات، وهو ما يفيد المسرحي والسجين في نفس
الوقت. إنها رسالة جيدة لكامل المجتمع عن المسرح وعن السجين".
وبخصوص عدد الأعمال المسرحية التونسية المشاركة
في التظاهرة الدولية الذي بلغ الـ 25 عرضا مقارنة بـ18 عرضا مسرحيا فقط عربيا،
قال بوزيد: "تونس من أنشط البلدان العربية على مستوى المسرح لذا أجد من حق
تونس أن تقدم العديد من العروض ما دامت غير متشابهة".
من جهتها، تشير الممثلة المسرحية التونسية
فاطمة بن سعيدان إلى أنه على الرغم من مشاركتها في "مهرجان أغادير
السينمائي" الذي انتظم بالتزامن مع أيام قرطاج المسرحية إلا أنها حرصت على
مواكبة الدورة عن بعد وتتبع أخبارها. ترى بن سعيدان أن أيام قرطاج المسرحية
"لا زالت تحافظ على إشعاعها فهي من أبرز المهرجانات العربية"، وحول
استفادة المهرجان من نسقه السنوي، فهي تعتبر أنه "استفاد من هذا التغيير لعدة
اعتبارات منها أن الجمهور في السنوات الأخيرة لم يعد يذهب لمشاهدة المسرح في
القاعات. فعلى الأقل يكون المهرجان فرصة للفت انتباه الجمهور واستقطابه وخاصة خارج
تونس العاصمة. بالإضافة إلى أن كثافة الإنتاجات المسرحية تفرض أن يكون المهرجان
سنويا".
وحول إن كان تأثير ذلك على جودة العروض، تؤكّد
بن سعيدان على أن "الكثرة تساهم في إفراز أعمال مهمة". وفي تعليقها على
هيمنة المسرحيات التونسية ضمن البرمجة، تميل إلى اعتبار الأمر إيجابياً في وقت
يوجد فيه في تونس أكثر من مئة شركة إنتاج مسرح بالإضافة إلى مراكز الفنون الدرامية".
جدل الرومانسية والتنوير في شعر الشابي
نبوّة عالم الرياضيات: قراءة في رواية "شواش" لأحمد سمير سعد
دانتي.. الشاعر والسياسي (الكوميديا الإلهية)