خلافا لما كان متوقعا، فقد خرج رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الجملي، خلال ندوة صحفية كانت مخصصة لإعلان تركيبته الحكومية وقال إنه لن يتم الإعلان اليوم عن التركيبة، ليكون الشعب التونسي أمام تأجيل جديد يفتح الباب على التأويلات، وخاصة تأكيد التحليلات التي تتحدث عن وجود خلافات عميقة بين الجملي ورئيس الجمهورية قيس سعيد وبين الجملي وحركة النهضة من جهة أخرى.
منح الثقة بعد اجتماع الشورى
وقال النائب والقيادي في حركة النهضة سمير ديلو: "ما حصل هو عدم وضوح، خاصة على مستوى رئاسة الجمهورية، وما صدر عنها من بيانات متناقضة تتعلق بتوجيه مراسلة للبرلمان لتحديد جلسة منح الثقة، وإثر ذلك بيان ثان يتحدث عن مواصلة المشاورات".
وأفاد ديلو في تصريح لـ"عربي21" بأن حركة النهضة لديها ملاحظات بخصوص الأسماء المقترحة، وطريقة الاختيار وتقديمها، ولكن الأهم الصيغة التي يتم تقديمها للحصول على ثقة البرلمان، وأن يكون للتونسيين حكومة".
اقرأ أيضا: الجملي يستكمل مشاوراته رغم عرضه الحكومة على سعيّد (شاهد)
وعن الخلافات داخل نواب النهضة، وإمكانية ذهاب عدد منهم نحو عدم التصويت عن الحكومة، أجاب ديلو: "نتناقش ونتجادل نعم، ولكن التصويت ليس خيارا فرديا أو مؤسسة فردية ونحن سنناقش في اجتماع الشورى السبت المقبل الوضع السياسي العام والحكومة ومنح الثقة، وما سيقرره الشورى بخصوص التصويت سيتم تطبيقه".
واستبعد ديلو إمكانية عقد جلسة عامة لمنح الثقة قبل السبت، أي مع انعقاد الشورى، ورجح أن تكون بداية الأسبوع المقبل، في ظل تواجد نواب أيضا في الخارج، وفي جهات بعيدة عن العاصمة".
ويرى المحلل السياسي نصر الدين بن حديد أن "هناك صراعا حقيقيا بين الحبيب الجملي والرئيس قيس سعيد، ويمكن أن يمتد، والأخطر أن تخرج الأزمة من الكواليس إلى الشأن العام، بالتالي فإن الديمقراطية في تونس في خطر"، على حد تعبيره.
لماذا الغنوشي من سيعلن الحكومة؟
وتابع بن حديد في حديث لـ"عربي21" بأن الاحترام المتبادل في تونس لم يعد موجودا، معتبرا أن تصريح الجملي بأن رئيس البرلمان راشد الغنوشي، هو من سيعلن عن الحكومة، هروب إلى الأمام، على اعتبار أنه شخص مكلف، وهو إما وضع النهضة في حرج لكي ينال مطلبه ويمرر حكومته كما هي، أو أن يضع البرلمان في مشكلة أمام الشعب، وفق تقديره.
ويذهب المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تحليل لـ"عربي21"، إلى أن "رئيس الحكومة المكلف لا يزال يجد نفسه تحت ضغط التجاذبات من أطراف متعددة، ولكن هو هدفه الحرص على الحصول على الأغلبية، لذلك يبحث عن كفاءات مستقلة، ولكن في الوقت ذاته لا يريد أن يخسر الأحزاب، وفي مقدمتها حركة النهضة، لأن خسارتها يعني وضعا صعبا وتهديدا مستمرا من خلال سحب الثقة".
وقال الجورشي: "بإمكان الجملي تدارك ما حصل إذا نجح في اختيار حكومته، ويمكنه أن يكتسب مصداقية ويعمقها عبر خياراته وأولوياته".
اقرأ أيضا: هكذا علقت "النهضة" على تأخر تسمية الجملي للحكومة بتونس
وأكد الجورشي: "يمكن إيجاد عذر للجملي في ما يتعلق بالارتباك، وما حصل، نظرا لوجود فسيفساء من الكتل البرلمانية، وعدم وجود أغلبية، وعدم وجود ماض سياسي له، ووجود العديد من المناورات السياسية".
وفي ما يتعلق بحديث الجملي عن إعلان راشد الغنوشي للتركيبة الحكومية يفيد الجورشي: "الجملي لم يطمئن بما فيه الكفاية للحزب الذي كلفه، أي حركة النهضة، والعلاقة يسودها الحذر، وأيضا هناك اعتراضات على تركيبته، ما يبرر قوله إنه مستعد للمراجعة، فهو يبحث عن ثقة تامة من الأحزاب، وتقديم حكومة بعيدة عن أي اعتراض أو شبهات".
وعن السيناريو الأقرب للوضع السياسي في تونس عبر منح الثقة للحكومة أو الذهاب إلى حكومة الرئيس أو انتخابات مبكرة، يعتبر بن حديد أن الحكومة "ولدت ميتة، حتى وإن وافق البرلمان، فهي ستكون حكومة ضعيفة ومريضة ومعاقة"، على حد وصفه.
غير أن الجورشي قال إن "الحكومة سيقع التصويت لصالحها، وستمر، خاصة في ظل وجود أسماء تتمتع بوزن وقيمة ونظافة واسعة، على اعتبار ما ورد من تسريب للأسماء".
بالأرقام.. هذه حظوظ حكومة الجملي بعد إعلانه ائتلافا حكوميا
مؤتمر قريب للنهضة بتونس على وقع "خلافات" أم "انشقاقات"؟
هل ترى حكومة الحبيب الجملي النور في الساعات القادمة؟