أعرب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" عن خشيته من "أنّ إجراء الانتخابات الرئاسية الجزائرية في أجواء غير توافقية، وإعلان نتائجها اليوم، لن يرسّخ العملية الديمقراطية، وسيفضي إلى مزيد من التعقيد في الأزمة المستمرة منذ شباط (فبراير) من العام الحالي".
واتهم الأورومتوسطي، في بيان له اليوم الجمعة أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، السلطات الجزائرية بإقصاء وإسكات جميع الأصوات الرافضة لإجراء الإنتخابات، ونفّذت في سبيل ذلك حملات تشويه وترهيب واعتقال، وأصدرت أحكامًا بالسجن على عدد من النشطاء، كان آخرها سجن رئيس مكتب الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في مدينة وهران قدور شويشة عامًا مع النفاذ بتهم، قال المرصد بأنها "غير عادلة".
وعبّر المرصد الدولي ومقرّه جنيف، عن بالغ قلقه إزاء محاولة السلطات الحاكمة فرض نتائج الانتخابات الرئاسية بصفتها أمرًا واقعًا، محذرًا من تطويع القوانين الجنائية لتقييد حرية التعبير في البلاد، واستخدام القانون غطاء لتعطيل المسار الديمقراطي في البلاد.
وذكر الأورومتوسطي أنّ السلطات الجزائرية استدعت شويشة يوم 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري من أجل استعادة هاتفه الذي تمت مصادرته قبل نحو شهر، لكن عند وصوله إلى مركز الشرطة في وهران، اقتيد للمثول أمام النائب العام الذي أحاله إلى قاضي التحقيق لتتم محاكمته مباشرة بعد ذلك، حيث وجهت إليه عدد من التهم بينها "المساس بسلامة وحدة الوطن" التي يعاقب عليها بالسجن من عام إلى 10 أعوام، بموجب المادة 79 من قانون العقوبات، واتُهم أيضا بـ "العصيان" بموجب المادة 183 من قانون العقوبات، بسبب منشورات له على "فيسبوك"، خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عارض فيها إجراء الانتخابات الرئاسية، وانتقد سياسة الجيش في إدارة شؤون البلاد.
ووفق الأورومتوسطي، فقد اعتقل الأمن الجزائري نحو 300 شخص في مناطق متفرقة من البلاد خلال النصف الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تعرّض بعضهم للتعذيب والضرب والإهانة قبل أن يفرج عنهم، بينما أُودع آخرون الحبس الاحتياطي بتهم منها التحريض على "التجمهر غير المسلح" و"الدعوة للعصيان المدني".
وذكر الأورومتوسطي أنّ شخصيات معارضة بارزة تعرضت للاعتقال أو الملاحقة لدورها في الحراك، مثل حكيم عداد مؤسس جمعية "تجمع عمل الشبيبة" (راج)، ورئيسها الحالي عبد الوهاب فرساوي، إضافة إلى المعارض البارز كريم طابو، الأمين العام السابق لحزب "جبهة القوى الاشتراكية".
وقال أنس جرجاوي مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إنّ الانتخابات الرئاسية الجزائرية جرت في أجواء لا يمكن وصفها بالديمقراطية"، مؤكدا، أنّ "الأساس في العملية الديمقراطية هو التعبير عن صوت الشارع بمختلف أطيافه، وهو ما كان مفقودًا بشكل لافت في تلك الانتخابات".
وأضاف جرجاوي: "إنّ جميع المرشحين للانتخابات كانوا منخرطين بشكل مباشر أو غير مباشر في النظام السياسي الذي خرج الجزائريون إلى الشارع من أجل تغييره، مبيّنًا أنّ الانتخابات لا ينبغي أن تكون عملية صورية لفرض خيار محدد على الشعب، بل يجب أن يراعي القائمون على حكم البلاد تهيئة أجواء ديمقراطية تتيح للجميع فرصًا متساوية للتنافس، بما يضمن انتخاب قيادة جديدة تعبّر بشكل حقيقي عن إرادة الشارع الجزائري".
ولفت الأورومتوسطي إلى خطورة الزج بالقضاء الجزائري في الأزمة الحالية واستخدامه أداة لإسكات الأصوات المعارضة للإجراءات التي تتبعها السلطات الحاكمة، مبيّنًا أنّ القضاء يجب أن يكون مستقلًا في جميع الظروف، ولا يجب بأي شكل من الأشكال استخدامه لإقصاء أو تغييب الأصوات المعارضة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن قرار حبس الناشط شويشة، إلى جانب احتجاز عشرات آخرين، ينذر بتصعيد جديد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني، ويأتي في سياق حملة أمنية منظمة لتكريس الانتخابات ونتائجها بصفتها أمرًا واقعًا يتوجب على الشعب الجزائري التسليم به.
ودعا المرصد الدولي السلطات الجزائرية إلى عدم إقرار نتائج الانتخابات الرئاسية، وإلى إطلاق حوار وطني جامع لتمهيد أجواء ديمقراطية تجري فيها الانتخابات، ويختار فيها الجزائريون بكل حرية رئيسًا جديدًا للبلاد.
وحث الأورومتوسطي في ختام بيانه، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على الضغط على قيادة الجيش الجزائري لوقف تدخلاتها في الحياة السياسية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية وإتاحة الفرصة للشعب الجزائري للتعبير عن تطلعاته في تحول ديمقراطي حقيقي، وفق البيان.
إقرأ أيضا: عبد المجيد تبون.. تعرف على هوية رئيس الجزائر الجديد
وأعلنت السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، اليوم الجمعة، فوز رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، حسب نتائج رسمية أولية.
وقال رئيس السلطة محمد شرفي في مؤتمر صحفي له اليوم: "إن المرشح تبون (مستقل) حصل على نحو 58.15 بالمائة من الأصوات، متبوعا بالمرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة بقرابة 17.38 بالمائة من الأصوات، وحل رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس في المركز الثالث بـ 10.5 في المائة وعز الدين ميهوبي بـ7.26 في المائة من الأصوات وعبد العزيز بلعيد بـ 6.66 في المائة من الأصوات أخيرا.
وتعلن النتائج النهائية في ظرف أسبوع من قبل المجلس الدستوري، وفق قانون الانتخابات.
والخميس، أعلنت سلطة الانتخابات أن 9 ملايين و672 ألف شخص شاركوا في الانتخابات بالداخل ما يمثل نسبة 41.14 بالمائة من عدد الناخبين المسجلين.
كما أن المشاركة للجالية بالخارج بلغت 914 ألفا 308 أشخاص، أي بنسبة مشاركة بلغت 8.69 بالمائة، لتستقر النسبة الأولية الاجمالية للتصويت في الداخل والخارج عند 39.93 بالمائة.
وتعيش الجزائر منذ 22 شباط (فبراير) الماضي، أزمة سياسية معقدة، ومسيرات شعبية مستمرة كل أيام الجمعة والثلاثاء تطالب بالتغيير الجذري للنظام.
إقرأ أيضا: انقسام مستمر.. مظاهرات رافضة لتبون بالجزائر وأنصاره يحتفلون
السجن عاما في الجزائر لناشط حقوقي
منظمة العفو تندد بـ"تصاعد القمع" في الجزائر
جزائريون يتظاهرون في عواصم غربية ضد "الفايسبوك"