نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تصريحات روسيا بشأن سياستها متعددة النواقل في ليبيا، التي بدأت تفقد مصداقيتها في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا نظيره الروسي
فلاديمير بوتين إلى مناقشة تداعيات هجوم المشير خليفة حفتر على طرابلس، وسط مخاوف
من سقوط العاصمة الليبية بدعم من روسيا.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس التركي
صرّح بأنه في حال ثبت أن الوحدات التابعة للشركات العسكرية الروسية الخاصة منتشرة
في ليبيا، فإنه يحق لأنقرة إرسال قواتها إلى هناك أيضا، ويبدو أن الخلافات القائمة
حول الملف الليبي يمكن أن تؤثر على حل المشاكل السورية العالقة، بداية من الوضع في
إدلب وصولا إلى إنشاء اللجنة الدستورية.
وخلال لقاء جمعه مع مؤسسة الإذاعة
والتلفزيون التركية، صرح أردوغان قائلا: "سنعقد اجتماعا مع الجانب الروسي في
إسطنبول في الثامن من كانون الثاني/ يناير بمناسبة إطلاق مشروع السيل التركي، لكن
قبل اللقاء، أود إجراء محادثة هاتفية مع الروس من أجل مناقشة الوضع في
ليبيا".
اقرأ أيضا: تركيا توضح موقفها من "نشر قوات" في ليبيا
وذكرت الصحيفة أن أردوغان أعرب خلال
اللقاء عن أمله في أن يعيد الرئيس الروسي النظر في موقفه فيما يتعلق بحفتر، الذي
شنت قواته هجوما على طرابلس في نيسان/ أبريل الماضي، وبشكل عام، لم تنجح الحرب
الخاطفة التي شنها حفتر، لكن في الآونة الأخيرة ظهرت معلومات حول إمكانية سيطرته
على العاصمة، ووفقا للرئيس التركي، إذا لم يتغير موقف موسكو من ليبيا، فقد يتحول
هذا البلد إلى "سوريا ثانية".
وأوردت الصحيفة أن أردوغان أعلن عن
استعداده لإرسال وحدات من الجيش التركي إلى ليبيا في حال طلبت حكومة الوحدة
الوطنية المعترف بها دوليا ذلك، وأضاف أردوغان أن "شركة "فاغنر"
العسكرية أرسلت قواتها إلى ليبيا، وبناء على ذلك، إذا تقدمت ليبيا بطلب مماثل خاصة
بعد توقيع اتفاقية التعاون العسكري، فإنه يمكننا إرسال قواتنا العسكرية إلى هناك
أيضا".
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم
الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، عن الإعداد لمحادثة هاتفية سوف تجمع بين فلاديمير
بوتين ورجب طيب أردوغان.
ووفقا لبيسكوف، ترحب روسيا بجميع
المبادرات التي يمكن أن تساهم في التوصل إلى تسوية في ليبيا، أما وزير الخارجية في
حكومة الوفاق، محمد سيالة، لا يستبعد سقوط طرابلس بسبب الدعم العسكري الذي قدمه المرتزقة
الروس لحفتر.
عقوبات ضد روسيا
وكان سيالة قد صرح في وقت سابق بأنه
على الرغم من إقرار روسيا بدعم مبادرات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل
الاستقرار في ليبيا، غير أن ما تفعله على أرض الواقع مخالف تماما، مضيفا أنه "بطبيعة
الحال تكتسي ليبيا أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، التي تسعى إلى كسب موطئ قدم
لها في البلاد".
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات
المتحدة اتهمت روسيا في العديد من المناسبات بالاستفادة من الصراع الليبي، وينظر
الكونغرس الأمريكي حاليا في إمكانية فرض عقوبات ضد روسيا، وتحديدا ضد الشركة
العسكرية الخاصة "فاغنر" والأشخاص ذوي صلة.
ومن جهتها، تعتبر روسيا أن جميع
مزاعم التدخل العسكري الروسي في النزاع الليبي لا أساس لها من الصحة، وعلق بيسكوف
على اتهام موسكو بالتدخل في الصراع الليبي قائلا: "هناك اتهامات دائمة بأن
الشركات العسكرية الخاصة التي تعمل في جميع أنحاء العالم تقرر مصير بعض البلدان
وتزعزع استقرار البعض الآخر".
ووفق مبعوث الأمين العام للأمم
المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، فإن التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن
احتمال مشاركة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في الصراع الليبي أصبح من بين
العقبات التي تقف أمام التوصل إلى تسوية.
اقرأ أيضا: مختصون أتراك: إرسال قوات إلى طرابلس سيغير التوازنات
وخلال لقاء جمعه مع وكالة
"فرانس برس"، رفض سلامة تأكيد أو نفي حقيقة وجود مرتزقة روس في ليبيا،
مشيرا إلى أن الأسلحة تدخل ليبيا من كل حدب وصوب، لافتا الانتباه إلى نمو المصالح
الأمريكية في ليبيا.
وأفادت الصحيفة بأن موقف تركيا من
الأزمة الليبية مهم بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تأمل واشنطن في نشوب نزاع بين
روسيا وتركيا، لا سيما في ظل تغيير عامل تحالفهما في سوريا.
وعلى الرغم أن روسيا وتركيا اتخذتا
مواقف مختلفة بشأن الصراع السوري، إلا أن التعاون مفيد لكليهما، ونتيجة لهذا
التحالف الذي انضمت إليه طهران، استعاد نظام الأسد السيطرة على جزء كبير من
الأراضي السورية، وتقلّص الصراع في شمال سوريا على غرار إدلب والعديد من المناطق الحدودية
المتاخمة لتركيا.
بناء على هذه المعطيات، لا يستبعد
الخبراء إمكانية عقد صفقة بين روسيا وتركيا فيما يتعلق بالملف الليبي، وتجدر
الإشارة إلى أن الرغبة في تجنب "السيناريو الليبي" كانت أحد أسباب تدخل
روسيا في الصراع السوري، في حين ترى أنقرة أنه يجب عدم السماح بتكرار السيناريو
السوري في ليبيا.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في مركز
دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية، أويتون أورهان، أن "تركيا تعتبر دعم حكومة
الوفاق الوطني الليبي المعترف بها من الأمم المتحدة قضية وجودية، خاصة في ظل تنامي
التنافس الإقليمي التركي مع مصر والإمارات العربية المتحدة، الطرفين اللذين يدعمان
قوات حفتر في ليبيا".
أما فيما يتعلق بالقضية الليبية،
يبدو أن روسيا وتركيا تقفان على الحاجز وإذا أرسلت أنقرة قواتها إلى ليبيا، سيزيد
ذلك من احتمال حدوث مواجهة بينهما مرة أخرى، كما وقع في سوريا، وقد يكون ذلك مصدرا
جديدا للتناقضات بين الطرفين، "غير أنه لن يؤثر على التعاون العام بين
البلدين"، بحسب الصحيفة.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أنه
كان على موسكو وأنقرة مراعاة مصالح طهران في الصراع السوري، بينما يمكن أن يضر
تنافسها في ليبيا بمصالح مصر، أحد أهم شركاء روسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويعتقد
رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، العميد سمير راغب، أن الوجود العسكري
التركي في ليبيا سيكون بمثابة إعلان حرب ضد مصر.
الغارديان: كيف بات أطراف النزاع الليبي يعتمدون على الدرون؟
تفاصيل اجتماع روسي تركي في تل أبيض.. وخلاف حول تل تمر
كاتب تركي: موسكو وواشنطن متفقتان على "الأكراد" والأسد بسوريا