ناشد ناشطون سوريون المجتمع الدولي والأمم المتحدة بزيادة الضغط على روسيا لوقف المجازر الناجمة عن القصف الجوي الروسي والسوري المكثف لبلدات ومدن بريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
يأتي ذلك، في ظل استمرار حملة تصعيد أدت إلى نزوح ما لا يقل عن 30 ألفا من سكان ريف إدلب، في غضون أسبوع واحد، وأودت بحياة العشرات من المدنيين.
وذكر مدير منظمة "منسقو استجابة سوريا"، محمد الحلاج، أن 25 ألف مدني نزحوا من مناطقهم في منطقة "خفض التصعيد" بإدلب إلى الحدود التركية خلال آخر آوسبوع، جراء هجمات النظام السوري وروسيا.
وأضاف الحلاج لوكالة "لأناضول"، أن الأزمة الإنسانية في منطقة إدلب تتفاقم تدريجيا، جراء التصعيد العسكري لقوات النظام وروسيا على منطقة "خفض التصعيد" شمال غربي سوريا.
وقال إن "نحو 450 ألف مدني يعيشون في مدن معرة النعمان وسراقب وأريحا وريفها. إذا امتدت الهجمات إلى هذه المناطق بنفس الشدة، سوف يزداد عدد المدنيين النازحين".
ولا يبدو في الأفق أي مؤشرات على وقف روسيا تصعيدها العسكري على إدلب، مع انسداد مسار العملية السياسية واللجنة الدستورية، وهو الأمر الذي أكده عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض، عبد المجيد بركات.
انعكاس للفشل السياسي
الحلاج قال لـ"عربي21"، أن ما يجري من تصعيد، هو ارتداد لفشل العملية السياسية، في جنيف، وذلك في إشارة إلى عدم التقدم في ملف اللجنة الدستورية.
وقال بركات، من الواضح أن القصف الروسي ليس بهدف ممارسة الضغط على الفصائل في إدلب، بل لهدف التقدم والسيطرة على المزيد من المساحات، دون أخذ بالاعتبار للاتفاقات التي وقعتها روسيا في "أستانا".
ووفق بركات، فإن الهدف الروسي الواضح هو السيطرة على الطرق الدولية المارة في إدلب.
من جانب آخر، انتقد التخاذل والصمت الدولي حيال ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان في إدلب، مؤكدا في هذا السياق أن "أطرافا أوروبية أبلغت المعارضة، أنها لا تملك أي خيارات لوقف التصعيد في إدلب".
وأعرب في هذا السياق عن استياء شديد من العجز الدولي، وقال "لا توجد جهة قادرة على ضمان استقرار الوضع في إدلب، في ظل تفرد روسيا، وإصرارها على فرض سياسة الأمر الواقع في سوريا".
وعن الدور التركي الضامن، أكد بركات أن تركيا غير قادرة بمفردها على كبح روسيا في إدلب، وذلك نتيجة لغياب الدور الأمريكي والأوروبي الداعم لأنقرة في هذا الشأن.
ومتفقا مع بركات، تساءل المحلل السياسي، محمد سليمان دحلا لـ"عربي21"، عن قدرة تركيا على التأثير في الاستراتيجية الروسية التي تهدف إلى سيطرة النظام على الشمال السوري.
وقال "حتى الآن، لا نرى مواقف قوية تركية حول التصعيد في روسيا، ولم نلمس بوضوح إرادة تركية في هذا المجال"
وتابع دحلا بأن المعارضة وقوى الثورة لم تفلح في جعل نفسها شريكا للقرار التركي في الملف السوري.
ضغط روسي على تركيا
وفي سياق الحديث عن الدور التركي، اعتبر مصدر من المعارضة السورية، أن الهدف من التصعيد الروسي في إدلب، دفع أنقرة إلى الموافقة على عقد لقاء مع النظام السوري، في الجولة الجديدة من محادثات أستانا، التي ستعقد خلال أيام.
وقال المصدر لـ"عربي21" طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن روسيا دعت تركيا إلى مثل هذا اللقاء، غير أن تركيا لم ترد على هذه الدعوة، وهذا ما دفع بالروس إلى زيادة التصعيد في إدلب، للقول بأن ضمان الهدوء في إدلب ثمنه فتح تركيا بابها للحوار مع نظام الأسد، وفق تأكيده.
وتابع، بالإشارة إلى أن تركيا تعد من أكبر المتضررين من التصعيد في إدلب، لأن من شأن استمراره تدفق المزيد من النازحين إلى حدودها، أو إلى أراضيها بطرق غير شرعية.
وعدّ المصدر تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بقاء قواته في سوريا، بأنها في إطار الرد على الضغوط الروسية، والتصعيد في إدلب، وفق تقديره.
وكان أردوغان، أكد، السبت، أن بلاده لن تسحب قواتها من سوريا إلا بعد أن يطلب ذلك الشعب السوري.
وأضاف خلال اجتماع للمجلس الاستشاري لـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، أن القوات التركية موجودة في سوريا بـ"دعوة الشعب السوري وبموجب اتفاق أضنة" المبرم بين البلدين عام 1998.
وأشار أردوغان، إلى أن قوات بلاده ستخرج من سوريا بعد انسحاب الدول الأخرى، مضيفا أن "جميع الزعماء الذين تحدثنا إليهم يسألوننا متى ستخرجون من سوريا ونحن نقول لهم أنتم ماذا تفعلون هناك؟".
تفاؤل بالحد من التصعيد
بدوره، ربط الكاتب الصحفي إبراهيم إدلبي، بين الجولة الجديدة من محادثات أستانا المرتقبة، وبين التصعيد الروسي في إدلب.
وفي حديثه لـ"عربي21" قال: إن الجميع متضرر من التصعيد في إدلب، وتركيا تحاول بما تمتلك من أوراق وقف التصعيد، تجنبا لكارثة إنسانية بدأت تلوح بالأفق.
وبسؤاله عن مستقبل التصعيد العسكري الحالي في إدلب، بدا إدلبي متفائلا باحتمال نجاح تركيا في الحد من درجة التصعيد، قائلا: "لننتظر الجولة القادمة من محادثات أستانا".
وفي الاتجاه ذاته، أعرب الخبير في العلاقات التركية- الروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، في تصريحه لـ"عربي21" عن أمله في أن تكون تركيا في موقف أفضل في الملف السوري بعد توقيعها مذكرة التفاهم مع ليبيا على ترسيم الحدود البحرية.
ورأى أنه "قد يتيح الانتهاء من ذلك الملف الشائك لتركيا المزيد من التفرغ للملف السوري".
وفي أواخر آب/أغسطس الماضي، أعلنت روسيا عن وقف إطلاق نار أحادي في شمال غرب سوريا، لكنها عاودت التصعيد في الشهر الماضي.
إدلب تحت النار
إلى ذلك، وثق "الدفاع المدني السوري" عدد القتلى والجرحى والمناطق المستهدفة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في محافظة إدلب.
وذكر الدفاع المدني في بيان: أن "عدد ضحايا المحافظة بلغ 109 شهداء من المدنيين، بينهم 14 سيدة، و35 طفلا، ومتطوع في الدفاع المدني السوري، فيما بلغ عدد الجرحى 249 مدنيا، بينهم 59 طفلاً، و46 سيدة، و14 من الدفاع المدني السوري".
ووفق الإحصائية إلى فإن طائرات النظام وروسيا نفذت 723 غارة جوية على مناطق سيطرة المعارضة، واستخدمت 409 صواريخ، و1914 قذيفة مدفعية، و83 صاروخ "أرض-أرض"، و11 قنبلة عنقودية، وثلاث عبوات ناسفة.
وأردف الدفاع المدني بأن القصف استهدف 399 منزلا، ومركزين للدفاع المدني، وسبع مدارس، وسوقين شعبيين، و163 حقلا زراعيا، ومسجدين، ومخيما للنازحين.
في غضون ذلك، دشن نشطاء سوريون حملة إلكترونية، على مواقع التواصل الاجتماعية، تحت وسم #إدلب_تحت_النار، بهدف لفت الأنظار إلى ما يجري من مجازر في إدلب.
وتداول ناشطون شرائط مصورة وصورا توضح حجم المأساة في أرياف إدلب، مطالبين الضامن التركي بتحمل مسؤولياته تجاه منطقة "خفض التصعيد".
اقرأ أيضا: يوم دام بإدلب.. 19 قتيلا بقصف متواصل للنظام وروسيا
مسجد التوبة ب #كفرنبل بعد استهدافه من الطيران الحربي#ادلب_تحت_النار pic.twitter.com/jtP9cgPYDx
جنوب سوريا على صفيح ساخن.. هل يواجه النظام ثورة جديدة؟
بسبب تفسخ جثث قتلى المعارك.. "اللشمانيا" تنتشر بدير الزور
إدلب مقابل شرق الفرات.. ما حقيقة هذه المعادلة في سوريا؟