أغلق مرتضى منصور الاثنين الماضي أبواب نادي
الزمالك لمنع اللاعبين من الخروج بعدما دافعوا عن أنفسهم، وسمعتهم وعائلاتهم، في لقاء عاصف معه جرى مساء اليوم نفسه في النادي لمناقشة أوضاعه المتردية، المالية والإدارية والفنية.
المشهد أكد بما لا يدع مجالاً للشك تصرف منصور تجاه النادي كعزبة له ولأولاده، كما قال حرفياً منذ سنتين، قبل أن يقوم بتأجيره لتركي الشيخ الذي حوّله إلى "الأسيوطي أ" الموسم الماضي، ثم إلى "الأسيوطي ب" بداية هذا الموسم، قبل التخلى عنه تماماً بعدما تأكد من أنه لن يستطيع منافسة أو مواجهة
الأهلي كي يعود الزمالك إلى عزبة لمرتضى وأولاده كما رأينا في مشهد الاثنين المؤلم.
وصل مرتضى منصور إلى رئاسة الزمالك في أجواء انقلاب 2013، وعلى أنغام "تسلم الأيادي"، بعدما كان قد خرج من قضية قتل متظاهري شباب ثورة يناير لعدم كفاية الأدلة، أي أنه لم ينل البراءة، ولولا تواطؤ الدولة العميقة وأجهزتها الذي كان أداتها أصلاً في تنفيذ الجريمة؛ لتمت إدانته وبسهولة أيضاً.
تصرف مرتضى منذ ذلك الوقت كذراع للنظام في قطاع الرياضة وكرة القدم تحديداً، وهو القطاع الذي يديره جنرال قابع في الظلام ضمن الغرف السوداء التي تدير البلد بشكل عام.
في العام نفسه (2014) دعمته شركة النظام الناشئة "بريزنتيشن"، كي يستقدم عشرين لاعباً، ثم لعب مرتضى دور البطولة لصالح النظام في جريمة قتل جمهور الزمالك في ملعب الدفاع الجوي لمنعهم من دخول الملاعب وانتقاماً منهم لمشاركتهم في ثورة يناير، ولجعل القاعدة هي غياب الجماهير عن الملاعب والحضور هو الاستثناء، كما نرى الآن.
لم تتم محاسبة المجرمين حتى الساعة رغم أنهم معروفون، والجريمة تمت على الملأ، أصلاً بسبب تمكن الانقلاب من السلطة، بينما جرت محاسبة قتلة جمهور الأهلي (2012) أو الأدوات المنفذين منهم فقط، كون عربة الثورة كانت على السكة الدستورية والسياسية المناسبة ساعة وقوع الجريمة.
في ذلك العام فاز مرتضى بالدوري على دماء وجثث جمهور النادي وبدعم النظام، الذي سمح بتوقف الدوري (ليس إلغاءه) بعد الجريمة، إفساحاً للمجال للمدرب الجديد، البرتغالي جوزفالدو فيريرا، الذي قال إنه فاز بالبطولة، نتيجة تراجع مستوى النادي الأهلي تحت قيادة مجلس محمود طاهر الذي وصل أيضاً لرئاسة النادى في أجواء الانقلاب.
خلال أربع سنوات (2014-2018) تعاطى مرتضى مع النادي كعزبة خاصة له ولأولاده، كما أقر هو شخصياً، فأداره وكأنه ملك خاص له. عيّن أحد أولاده أحمد كولي للعهد، والثاني أمير كوليّ لوليّ العهد، نكَّل وأهان كل رموز النادي وأبنائه المخلصين، طردهم من عزبته الخاصة، وأبقى فقط من قَبِلَ الخنوغ والخضوع، أو من قَبِلَ الصمت حتى يأكل عيش، حتى أن أحد أبناء الزمالك المخلصين قال إنه يفضّل الموت على دخول النادي في زمن مرتضى. هذا ما حدث فعلاً للاعب والمدرب عبد الرحيم محمد رحمه الله.
رغم دعم النظام له وحمايته للإفلات من العقاب على جرائمه المتعددة، كنهب المال العام، والاتجار في العملة في السوق السوداء، والتصرف في أموال النادي وكأنها أموال خاصة، إلا أن مرتضى لم يفز بأي بطولة كبرى، لا الدوري ولا دوري أبطال أفريقيا، بينما فاز العام الماضي بالكونفدرالية الأفريقية، بعدما كان قد تحول إلى "الأسيوطي ب".
في العام الماضي اقتحم تركي الشيخ الساحة
المصرية بشكل عام والرياضية بشكل خاص، أراد الشهرة وفرض حضوره مقدّماً نفسه كرياضي عاشق للأهلي ومصر بشكل عام، أخطأ مجلس الأسطورة محمود الخطيب بإعطائه الرئاسىة الشرفية للنادي، لكنه سرعان ما تدارك الأمر بإظهار البطاقة الحمراء له وإجباره على الرحيل.
شعر تركي بالإهانة بعدما تصور أنه ملك البلد والرياضة، فاشترى نادي الأسيوطي مستهدفاً إضعاف، أو حتى تدمير الأهلي (إجبار قادته على الخضوع والاعتذار أو الرحيل).. صرف مليارات عليه ثم أغدق الأموال على الزمالك أيضاً، محوّلاً إياه إلى "الأسيوطي ب"، للكيد للأهلي وجماهيره وللنيل منهم.
صمد الأهلي بحماية جماهيره الوفية، ففاز بالدوري في أصعب مواسمه، وكسر هجمة تركي الشرسة الذي اضطر لمغادرة البلد كلها، ولكن مع تحويل الزمالك إلى "الأسيوطي أ" لمنافسة الأهلي، حيث موّل صفقاته هذا الموسم كما مول النائحة الإعلامية المستأجرة ساعتين لتلميع مرتضى وبث الفتنة بين جماهير الأهلي والزمالك.
بعد شهور قليلة فقط فهم تركي أن مرتضى الفاشل لن ينجح في مواجهة أو كسر هيمنة الأهلي، فتوقف عن دعمه ليعود النادي إلى عزبة خاصة وفاشلة، كما رأينا في الأسابيع الماضية مع فشل المدرب الصربي ميتشو (الداهية والذئب وفق بروباغندا النائحة المستاجرة) والتوقف عن دفع مستحقات اللاعبين الذي جلبهم تركي شخصياً وتكفل بمرتباتهم في السنتين الماضيتين، ثم تراكمت المشاكل والأزمات الإدارية والمالية، وانتقلت بالضرورة إلى الملعب عبر خسائر متتالية للفريق، ثم تبدت في مشهد الاثنين، أو خناقة الشوارع بالأحرى، بين مرتضى واللاعبين بعدما أساء الى أهلهم وعائلاتهم.
غطى النظام مرتضى طوال الوقت للإستفادة منه كأداة أو ذراع له في الرياضة كرة القدم، منع رفع الحصانة البرلمانيةعنه، ومنع محاسبته على جرائمه، ثم غطّى كل تجاوزاته الفظة والفجة في إدارة النادي من رفض الإعتراف بنتائج الانتخابات2017، وعدم عقد مجلس الإدارة لسنوات، ثم تفصيل لائحة بشكل غير شرعي وإجراء انتخابات تكميلية غير قانونية لإعادة ولي العهد (أحمد مرتضى) إلى مجلس الإدارة.
النظام يعرف طبعاً أن مرتضى فاشل، وأنه دمر ويدمر النادي، لكنه لا يمانع لأنه يستفيد منه أو لأنه أصلاً يقوم هو نفسه بتدمير البلد بشكل عام.
هنا لا بد من تذكر ما فعله نظام ناصر الانقلابي أيضاً مع الزمالك عبر الجنرال عبد الحكيم عامر، الذي استخدم النظام وقدراته لخدمة الزمالك، وحوّله للمنافس الوحيد للأهلي بعدما كان أحد المنافسين فقط في الخمسينيات من القرن الماضي. العكس يحدث الآن، حيث أن النظام يستخدم الزمالك لمصلحته وتمرير سياساته، وبالتالى تمكين مرتضى كأداة وذراع له، حتى لو كان الثمن انهيار وتدمير النادي العريق نفسه.