نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحافي الإسرائيلي المدافع عن حقوق الإنسان جدعون ليفي، تحت عنوان "رسالة انتخابية من تل أبيب: كوربين سيكون جيدا لإسرائيل".
ويقول ليفي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "دولة إسرائيلية عادلة ستكون الحل أو ربما الحل الوحيد لمعاداة السامية، ويمكن لزعيم حزب العمال المساعدة في تحقيق ذلك".
ويقول الكاتب: "جيرمي كوربين هو أملنا في إنشاء خطاب دولي جديد، غير معروف ولم يجرب، وتحديدا فإن كوربين هو أملنا في الخطاب حول إسرائيل والفلسطينيين والاحتلال والسلام والعدالة في الشرق الأوسط، ولم يتم انتخاب زعيم يؤمن بهذه المواقف أبدا لقيادة لبلد".
ويضيف ليفي: "ربما قلت إنه منذ رحيل نيلسون مانديلا لم يتبن إلا قلة من القادة الغربيين مواقف كهذه، واليوم، في بريطانيا يعد زعيم العمال رجل الدولة الوحيد الذي يفهم أن وقت الخطاب الفارغ، وليس الفعل، في الشرق الأوسط يجب أن ينتهي".
ويشير الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي توسع فيه الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح دائما وظاهرة متجذرة ومتسعة، ولأن إسرائيل ليس لديها ولم يكن لديها أبدا أي نية لإنهائه، فقد حان الوقت لأن يتخلى الغرب عن تصريحاته الفارغة وبياناته وإعلاناته والقيام بالفعل".
ويؤكد ليفي أن "كوربين يعلم ما الذي يحدث: فاستمرار السياسة الغربية، خاصة البريطانية، يسمح للاحتلال الإسرائيلي والجرائم المرتبطة به كما لو كأن ذلك أمر سماوي، وتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي، متجاهلا المعايير والأعراف الدولية كلها، وفي الوقت ذاته استمرار التعامل مع إسرائيل بصفتها دولة ديمقراطية وعنصرا من عناصر الشرق الأوسط، وهذا كله سيجعل من إسرائيل دولة تمييز عنصري ثانية بعد جنوب أفريقيا، إن لم تكن قد تحولت لذلك فعلا".
ويقول الكاتب إن "كوربين يعلم أن أي شخص يريد وقف هذا كله فإن عليه تبني السياسة المحددة التي تبناها الغرب ضد أول دولة تمييز عنصري، جنوب أفريقيا، فما نجح مع جنوب أفريقيا يجب أن ينجح أبضا في مواجهة إسرائيل".
ويفيد ليفي بأنه "في الوقت الذي يقوم فيه المتطرفون والعنصريون واليمين الشعبي بالسيطرة على دولة تلو أخرى في العالم، وأوروبا بالتحديد، فإن اختيار كوربين ليقود الحكومة البريطانية قد يبشر بعودة حركة البندول باتجاه التغيير".
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم الطريق غير الواضح، فإن لا شيء يضمن إن كان كوربين -إن تم اختياره- سيقوم بترجمة وعوده إلى فعل، لكنه يمنح شعاعا من الأمل ليس متوفرا اليوم، ودون شيء واضح في الأفق في تل أبيب فإن اختيار كوربين سيكون حلما قد تحقق".
ويقول ليفي إن "الأمل الذي يلهمه كوربين يعد كابوسا للحكومة الإسرائيلية وآلتها الدعائية المندمجة بشكل كامل في المؤسسة الصهيونية في بريطانيا، لكن القرار اتخذ منذ وقت طويل لاستهداف كوربين والقضاء عليه، ومع تحسن حظوظه لقيادة حزب العمال زادت جهود التخلص منه، وكان السؤال بعد ذلك كيف يمكننا مواجهة كوربين؟".
ويلفت الكاتب إلى أن "الوسيلة الوحيدة التي نجحت في السنوات الاخيرة في أوروبا وأمريكا، وهي الاستراتيجية ذاتها التي تبنتها إسرائيل والمؤسسة الصهيونية، تقوم على وصم نقاد إسرائيل بمعاداة السامية".
ويقول ليفي إن "أوروبا، التي لا تزال مسكونة بعقدة الذنب، وقعت في مصيدة اليمين، واستسلمت دون شروط لمشاعر الابتزاز التي نشرتها إسرائيل والمؤسسة الصهيونية من خلال إقرار القوانين، وقمع الخطاب، وإحباط المؤتمرات، والرقابة الذاتية، وتجنب انتقاد إسرائيل، ووقع رئيس حزب العمال مثل الفاكهة الناضجة في المصيدة الاستراتيجية الجديدة".
وينوه الكاتب إلى أنه "تم وصم كوربين الآن بمعاداة السامية، صحيح أن هناك خيوطا يمكن العثور عليها في الحزب معادية للسامية، لكن كوربين لم يكن أبدا معاديا للسامية ولو للحظة واحدة، فلا يوجد تصريح من بين تصريحاته يحمل أي ملمح معاد للسامية، صحيح أنه كان ناقدا قاسيا لإسرائيل، وبالتأكيد للاحتلال، ومنح الشرعية لمن يقاتلون الاحتلال ومن يحاربونه، مثل حركة حماس وحزب الله، نعم وحتى دعم حركة المقاطعة، وهذا كله لا يعد معاداة للسامية".
ويقول ليفي: "لسنا بحاجة للاتفاق مع المواقف التي تبناها كوربين طوال حياته السياسية كلها، لكن اليهود البريطانيين الذي يهتمون كثيرا بمستقبل إسرائيل عليهم التحمس لمواقفه ودعمه، ويجب أن تدفع هذه المواقف إسرائيل نحو موقف أفضل ومستقبل جيد".
ويشير الكاتب إلى أنه "بدلا من ذلك فإن الدعاية الصهيونية وضعت دية على رأس كوربين، وقام الحاخام الأرثوذكسي الأكبر في بريطانيا إفرايم ميرفيس بكتابة مقال في صحيفة (التايمز)، يحث فيه على عدم انتخاب حزب العمال، ويؤكد فيه أن كوربين لا يصلح لمنصب رئيس الوزراء، ويقول الحاخام ميرفيس إن مخاوف اليهود من كوربين مشروعة، ووجد استطلاع للرأي بين اليهود البريطانيين أن نسبة 47% تفكر في ترك بريطانيا لو انتخب كوربين، وهذا ليس غير واقعي فحسب، لكنه خطير ليهود بريطانيا".
ويرى ليفي أن " هذا الأمر لا يساعد، بل إنه يثير أسئلة حول مواطنة اليهود، وإن كانت مشروطة، وأين يقع ولاؤك؟ فخوف اليهود من كوربين قائم على الخوف من معاداة السامية، لكن مواقفه هي معاداة إسرائيل ومعاداة الاحتلال".
ويتساءل الكاتب قائلا: "هل يعتقد اليهود البريطانيون حقيقة أنه في ظل حكومة يقودها كوربين أنه سيتم إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال؟ وهل سيتم تحديد حرياتهم؟ ويتم تدمير معيشتهم؟ وتصادر ممتلكاتهم وأعمالهم؟ بالتأكيد لا، فما سيقوم به كوربين هو تغيير سياسة بريطانيا تجاه إسرائيل وممارسة الضغط عليها".
ويرى ليفي أن "أصدقاء إسرائيل الحقيقيين هم من يحرصون على مستقبلها وموقعها الأخلاقي، وبالتأكيد هناك معاداة للسامية في بريطانيا، بما في ذلك داخل حزب العمال، مع أن معاداة السامية الخطيرة هي تلك التي بين اليمين الأوروبي القريب من إسرائيل".
ويقول الكاتب إنه "يجب مكافحة هذه الظاهرة أينما كانت، بما في ذلك في بريطانيا، وفي الوقت ذاته يجب أن يسأل اليهود البريطانيون أنفسهم بصدق وشجاعة عن مدى معاداة السامية التي نتجت بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي الوحشية وقتل المدنيين والنساء والأطفال وحصار غزة والمستوطنات والتمييز العنصري الإسرائيلي".
ويعتقد ليفي أن "لا شيء يعطي زخما لسياسات لمعاداة السامية أكثر من سياسات إسرائيل، ولا شيء يدفع على الغضب والمعارضة في العالم أكثر من تدفق الصور ولقطات الفيديو غير المريحة من غزة والضفة الغربية".
ويستدرك الكاتب بأن "مواجهة الحقيقة تحتاج لنزاهة وشجاعة، فمن السهل تحميل كوربين وحزبه مسؤولية معاداة السامية وفعل كل شيء لمنع انتخابه، مع أن كوربين يريد وضع حد للسياسات التي تؤدي إلى معاداة السامية، لكنه رفض من اليهود".
ويقول ليفي: "اسمعوا من تل أبيب البعيدة هذه رسالة ليهود بريطانيا: إسرائيل أكثر عدلا هو الحل الحقيقي، بل الحل الوحيد لمعاداة السامية اليوم، ويريد كوربين إسرائيل عادلة، ومع هذا يحمل رسالة أمل: دعونا نأمل بانتخاب كوربن".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هذا سيكون جيدا لبريطانيا، وبالتأكيد لإسرائيل ولغالبية اليهود البريطانيين القلقين على مصيرهم، الذين يتعاطفون مع إسرائيل تلقائيا ودون مساءلة، ولو كنت بريطانيا، يهوديا أم غير ذلك فسأصوت لكوربين بحماس شديد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
ذا أتلانتك: كيف يختبر هجوم لندن قيادة بوريس جونسون؟
الغارديان: لهذا تجاهل جونسون بتعامله مع هجوم لندن سياسات حزبه
التايمز: هل يغير هجوم جسر لندن من مسار الانتخابات؟