أقر صاحب فكرة مسيرات العودة بقطاع غزة، الكاتب والناشط الفلسطيني، أحمد
أبو ارتيمة، بأن المسيرات شهدت حالة جدل داخل الجمهور الفلسطيني، معتبرا أن السبب
الأهم في ذلك هو "الانقسام الداخلي".
وقال أبو ارتيمة، خلال مقابلة مصورة أجراها مع صحيفة "عربي21"، إن "الانقسام
الفلسطيني انعكس على مسيرة العودة، لأنه أوجد حالة من الاستقطاب في الشارع
الفلسطيني".
ويعد أبو ارتيمة أحد منظري فكرة مسيرات العودة الأسبوعية في قطاع غزة، والتي انطلقت في الـ30 آذار/مارس 2018 على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وبدأ أبو ارتيمة دعوته لمسيرة العودة عبر منشورات أطلقها عبر صفحته بفيسبوك.
وردا على سؤال إن كانت التضحيات التي رافقت مسيرة العودة هي التي جعلت
بعض الفلسطينيين يدعون لإيقافها، أجاب بأن "الانتفاضة الثانية كانت الخسائر
فيها أكبر بكثير من مسيرة العودة، وفي نهايتها سقط قرابة 4000 آلاف شهيد دون تحقيق
أي ثمن سياسي، لكنها لم تشهد هذه الحالة من الجدل".
وأكد بأن "مسيرة العودة هي خيار استراتيجي متعلق بأننا شعب يناضل
في سبيل العودة والحرية، وهذا طبيعي ويجب أن يستمر، ولكن لا بد أن يكون هناك
مراجعات".
وأوضح "هذه المراجعات تستند إلى قاعدتين، الأول: استدامة حالة
الزخم والحالة النضالية الفلسطينية وتذكير العالم أن هذا الصراع لم ينطفئ، والثانية:
هي تقليل الخسائر لدى الفلسطينيين وزيادة الاستنزاف لدى الاحتلال".
وشدد على رفضه إيقاف مسيرات العودة بالكلية، استجابة لدعوات عدد من
الفلسطينيين، وقال: "ينبغي أن نطور مسيرات العودة كحالة فلسطينية جمعية، وأن
نبحث عن أدوات تطويرية، ولكني ضد إيقاف مسيرات العودة من أصلها".
وأضاف: "ربما يكون هناك أدوات أفضل أو أكثر اقتصادية، لا يفترض ببعض
الناقدين التفكير بأننا نعيش في حالة طبيعية، أصل المشكلة هي الاحتلال، يجب أن
نستمر في إظهار أننا لا نعيش حالة طبيعية، مع إعادة التأكيد بأن المسيرات بحاجة
إلى المراجعة والتطوير".
وحول بداية نشوء فكرة مسيرة العودة، أوضح أنها "جاءت في سياق استمرار
النضال الفلسطيني الطويل منذ أكثر من سبعين عاما، الهادف إلى نيل الحرية وعودة
اللاجئين وتقرير المصير".
واعتبر بأن "المسيرة ابتدعت أسلوبا جديدا يتمثل في الرهان على القوة
الجماهيرية للاجئين والقوة الأخلاقية لقضية العودة".
وقال: "مثلت مسيرة العودة مواجهة في ميدان الرواية، حيث شارك فيها
اللاجئون الفلسطينيون.. وأظهرت الصورة الشعبية ولم تكن مجرد صورة لنخبة معينة في
المجتمع، ووقف اللاجئون بطريقة سلمية وطالبوا
بالعودة إلى ديارهم".
وشدد بأن "قيمة مسيرة العودة تكمن في إعادتها القضية الفلسطينية إلى
مربعها الأول وإلى جوهرها وهي أنها قضية شعب مهجر، شعب يريد ويملك الحق في أن يعود
إلى أرضه ووطنه".
ومساء الخميس، تم تكريم الناشط أحمد أبو ارتيمة بجائزة المواطن العالمي world citizen لهذا العام والمقدمة من قبل
التلفزيون التركي TRT،
والتي تمنح لخمسة أشخاص حول العالم.
وكتب أبو ارتيمة في طرحه الأول لفكرة مسيرات العودة عبر صفحته بفيسبوك: "ماذا لو خرج مائتا ألف متظاهر في
مسيرة سلمية واقتحموا السلك الشائك شرق غزة ودخلوا إلى أراضينا المحتلة بضعة كيلومترات
وهم يرفعون أعلام فلسطين ومفاتيح العودة ويرافقهم الإعلام الدولي ثم نصبوا الخيام
في الداخل وأقاموا مدينةً هناك...".
وبعد المنشور بأيام، كتب أبو ارتيمة مقالا نشرته صحيفة "عربي21" بعنوان "أول
الزحف الفلسطيني"، طرح فيه رؤيته لمسيرة العودة الكبرى وأسباب ترجيحه للمقاومة
الشعبية السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقال فيه: "إنه ميدان القوة الناعمة الذي لا يقاتل الشعب
المستضعف فيه بقوة السلاح، إنما بقوة الديموغرافيا وقوة الإيمان بالحق. وهو قادر
على أن يزعج المشروع الإحلالي الصهيوني".
وبعد تنامي الفكرة، وإقرار هيئة وطنية عليا من قبل الفصائل الفلسطينية لإدارتها،
شارك في المسيرات الآلاف من الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، والتي استمرت على مدار
82 جمعة على التوالي، مع ملاحظة أنه تم تأجيلها في عدة مرات بسبب الأوضاع الأمنية.
وأدى قمع الاحتلال للمشاركين بمسيرات العودة إلى استشهاد 314 شهيدا، بينهم
61 طفلا، وأكثر من 33 ألف مصاب بجراح مختلفة، حسب آخر إحصائية لوزارة الصحة
الفلسطينية.
ولأبو ارتيمة العديد من المقالات الفكرية والسياسية في عدد من الصحف
والمواقع العربية، وهو مؤلف لكتاب "فوضى منظمة"، وقد شارك في إنتاج عدد
من الأفلام الوثائقية.