نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا للصحافي جيسون ليمون، يقول فيه إن التظاهرات الجماهيرية التي اشتعلت في لبنان ضد الفساد المستشري والمشكلات الاقتصادية، دخلت شهرها الثاني في نهاية هذا الأسبوع، في الوقت الذي يبدو فيه المتظاهرون والحكومة قد وصلوا إلى طريق مسدود.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن بروفيسور العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، هلال خشان، قوله: "لم يحصل من قبل، منذ إنشاء الدولة اللبنانية عام 1943، أن شهد البلد مظاهرات مثل هذه الاحتجاجات العابرة للخطوط الطائفية".
ويشير ليمون إلى أن المظاهرات الضخمة، التي جلبت مئات آلاف اللبنانيين إلى الشوارع في أنحاء هذا البلد المتوسطي، بدأت في أواسط شهر تشرين الأول/ أكتوبر، بعد أن أعلنت الحكومة اللبنانية المثقلة بالديون عن ضرائب جديدة، لافتا إلى أن اللبنانيين، الذين يعانون من انقطاع يومي للكهرباء ونقص في المياه وأزمة القمامة وأجور متدنية، غضبوا من ذلك الإعلان، حيث وصفه البعض بأنه القشة التي قصمت ظهر الجمل.
وتفيد المجلة بأن الإعلام المحلي قال خلال نهاية الأسبوع الأول من المظاهرات، بأن أكثر من مليون شخص نزلوا إلى الشوارع للتظاهر والدعوة لإسقاط الحكومة، مشيرا إلى أن المظاهرات انتشرت بسرعة إلى أنحاء البلد المختلفة، في الوقت الذي كانت فيه الاحتجاجات السابقة في الغالب معزولة ومحدودة بالعاصمة بيروت.
ويلفت التقرير إلى أن التظاهرات استمرت خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أغلقت المدارس والبنوك، وأغلقت الشوارع في أنحاء البلاد، وطالب المتظاهرون برحيل الطبقة السياسية كلها، واستبدالها بزعامات جديدة.
ويورد الكاتب نقلا عن كريم شهيب، وهو صحافي وناشط، قوله لـ"نيوزويك"، قوله بأن معظم المتظاهرين يدعون "لحكومة تكنوقراط مصغرة" تضم "وجوها جديدة"، وأشار إلى أن الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة "صفر"، وأضاف: "حتى لو، نظريا، قالت الحكومة إنها سنقوم بالإصلاحات التي تطالبون بها كلها، فلن يثقوا بها".
وتقول المجلة إن أبرز الزعامات اللبنانية شهدت عائلاتهم الاحتفاظ بنفوذها لعقود، في الوقت الذي تدهور فيه الاقتصاد في البلد، فيما يعتقد على نطاق واسع أن معظمهم سرقوا مبالغ كبيرة من الأموال العامة، وفي الوقت ذاته أخذوا الرشاوى، وفشلوا في التعامل مع البنية التحتية الرئيسية والهموم الاجتماعية، مشيرة إلى أن المتظاهرين هتفوا بشكل متكرر "كلن يعني كلن"، ونادوا باستقالة السياسيين كلهم، وقام أحد قادة المتظاهرين قبل أسبوعين بتلاوة أسماء أعضاء البرلمان جميعا، وبعد كل اسم كان الجمهور يردد الشتائم بصوت واحد ضد الأعضاء.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من الحراك المستمر، إلا أن الحكومة فعلت القليل للتجاوب مع مطالب المتظاهرين، ففي الوقت الذي قدم فيه رئيس الوزراء، سعد الحريري، استقالته في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن الكثير من النخبة الحاكمة اقترحوا بقاءه على رأس حكومة تصريف أعمال، والقيام بتشكيل حكومة جديدة.
وينوه ليمون إلى أنه في الأسبوع الماضي تم عرض اسم محمد الصفدي، وهو رجل أعمال ثري، لتشكيل حكومة انتقالية، إلا أن المتظاهرين لم يقبلوا بذلك الاقتراح، ورددوا هتافات تتهم الصفدي بالسرقة، وبأنه جزء من المنظومة الفاسدة، ومنذ ذلك الوقت قام بسحب ترشيحه وصادق على ترشيح الحريري.
وتذكر المجلة أن كبار السياسيين الآخرين استمروا في دفع الحريري نحو البقاء، إلا أن ذلك القرار سيؤدي في الغالب إلى تحريض المتظاهرين، فقال الكثير منهم إن تصرفات الحكومة تظهر مدى انفصال الزعماء عن الواقع اليومي الذي يواجهه الشعب اللبناني، وقال مسؤول كبير يعمل مع الحريري لـ"نيوزويك" بأن رئيس الوزراء السابق لا يجري مقابلات ولا يصدر تصريحات.
وينقل التقرير عن خشان، قوله: "أنا أرى أن هناك مأزقا، فالنخبة الحاكمة غير قادرة على الإصلاح، ناهيك عن فهم معناه.. ولا أتوقع أن تخف حركة الاحتجاج"، ووصف الوضع بأنه وصل إلى "طريق مسدود".
ويشير الكاتب إلى أن شهيب يتفق مع هذا التقدير، ويقول: "هناك بالتأكيد مأزق"، مشيرا إلى أن الكثير من السياسيين، بينهم الرئيس ميشيل عون، أصبحوا منتقدين للمظاهرات، وقال عون في مقابلة تلفزيونية يوم الثلاثاء الماضي بأن على المتظاهرين أن "يهاجروا"، وتعهد بأنهم "لن يصلوا إلى السلطة"، وقد أثار هذه التصريح المتظاهرين وتحركوا نحو القصير الرئاسي.
وتستدرك المجلة بأنه بالرغم من التوترات ومقتل متظاهر من قوات الأمن الأسبوع الماضي، إلا أن الحراك بقي سلميا بشكل كبير، مشيرة إلى قول شهيب: "ما يلفت النظر في رأيي هو أن الناس لم يلجأوا للعنف في ضوء الأشياء التي حصلت"، وأشار إلى أنه رغم أنه لا يعتقد أن المتظاهرين سيلجأون للعنف، إلا أن هناك مؤشرات إلى أن الجيش والشرطة مستعدون لأن يكونوا أكثر عدوانية.
ويورد التقرير نقلا عن خشان، قوله إنه من غير المتوقع أن يقوم الجيش بالقمع بعنف، مؤكدا أن "تجنب الجيش قمع المتظاهرين أصبح هو المتعارف عليه في أيامنا هذه".
وتختم "نيوزويك" تقريرها بالقول إن هناك استعدادا إلى الآن بين المتظاهرين اللبنانيين للبقاء في الشارع والضغط لتحقيق مطالبهم، وقال شهيب: "مقارنة مع الماضي، فالناس بالتأكيد أصبحوا أكثر صمودا، وأعتقد أن ذلك شيئا يمكنني ضمانه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: لبنان يواجه معركة صعبة واحتمال الفوضى وارد
الغارديان: في لبنان وتشيلي الحلول المتأخرة لا تكفي
NYT: من تشيلي إلى لبنان الأسباب وراء الاحتجاجات واحدة