نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لمراسله سبنسر إكرمان، يقول فيه إن عددا من جنود العمليات الخاصة الأمريكيين انسحبوا إلى قاعدة التنف في جنوب- شرق سوريا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القاعدة الصحراوية هي آخر مكان للأمريكيين في سوريا، لافتا إلى أنه عندما احتلتها الولايات المتحدة عام 2016 لم يكن الغرض منها مواجهة تنظيم الدولة بل منع نشاطات إيران.
ويلفت إكرمان إلى أن المكالمة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي فتحت المجال أمام العملية التركية، والتخلي عن المقاتلين الأكراد، لم يفهمها القادة العسكريون على أنها انسحاب كامل، ما دفع بعدد من جنود القوات الخاصة والقوات ذات الأهداف الخاصة للانسحاب إلى قاعدة التنف، وذلك بحسب مسؤول أمريكي مطلع.
ويجد الموقع أنه بعد دخول القوات التركية، وعقد الأكراد صفقة مع النظام السوري، برعاية روسية، بات من الصعب التكهن حول المدة التي سيقيم فيها الجنود في القاعدة، بل إن الوجود العسكري في القاعدة والمنطقة المستثناة على مساحة 55 كيلومترا أصبح غير قابل للاستمرار.
ويفيد التقرير بأنه من غير المعلوم إن كانت القوات الخاصة قادرة على إنجاز مهمتها من القاعدة، فمع الجنود الأمريكيين والمقاتلين السوريين الذين دربوهم "مغاوير الثورة"، الذين يقومون بالتعرض أحيانا لمقاتلي تنظيم الدولة، إلا أن المسؤولين المطلعين على المنطقة يقولون إن القاعدة بعيدة عن مكان تكثف تنظيم الدولة.
ويقول الكاتب إنه مهما كانت أهمية القاعدة، التي تقع قريبا من طريق سريعة تمتد شرقا إلى العراق، ومنه إلى إيران، وغربا إلى العاصمة السورية دمشق، فإن أي استخدام لها سيكون متعلقا بمواجهة إيران، مشيرا إلى أن منع إيران من الوصول إلى البحر المتوسط ونقل السلاح والمال إلى الجماعات الوكيلة عنها كان أولوية بالنسبة لإدارة باراك أوباما والصقور في إدارة ترامب وحلفاء واشنطن في المنطقة، مثل إسرائيل.
وينقل الموقع عن الباحث في معهد دراسات السياسة الخارجية، آرون ستين، قوله إن "التنف أنشئت بصفتها نوعا من المداهنة للأردن، ولأن ترامب فوض السلطات للقادة الميدانيين، وتم تغيير هدفها لمواجهة التأثير الإيراني رغم تحليق الطيران الإيراني فوقها وبشكل روتيني".
ويورد التقرير نقلا عن المحلل سام هيللر من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، قوله: "إن التنف ليس لها غرض عسكري واضح.. المبرر الحقيقي لها، بحسب معرفتي، هو منع النظام السوري وحليفته إيران من الوصول إلى معبر الوليد الحدودي مع العراق، وهو ما يعيق طريقا تجاريا مهما كان سيدمج سوريا مع محيطها الإقليمي، ويمنح الحكومة فرصة للحصول على منفذ اقتصادي، ما يقلل من قدرة أمريكا على فرض حل سياسي للحرب، بحسب ما يعتقد البعض في واشنطن".
وينوه إكرمان إلى أن عددا من مسؤولي إدارة ترامب، بينهم مستشار الأمن السابق جون بولتون ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، حاولوا استخدام الوجود الأمريكي في سوريا لمواجهة إيران، مشيرا إلى أن هذا التفكير لم يعجب قادة البنتاغون الذين كانوا يريدون التركيز على تنظيم الدولة، لكنهم اعترفوا بأهمية القاعدة لإحباط جهود إيران.
وينقل الموقع عن رئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي تقاعد من منصبه، الجنرال جوزيف فوتيل، قوله: "وجودنا وتطور علاقاتنا مع شركائنا والعلاقات هنا له أثر غير مباشر على النشاطات الخبيثة التي تحاول إيران وجماعاتها الوكيلة المتعددة ملاحقتها هنا".
ويستدرك التقرير بأنه رغم عدم مشاركة ترامب أفكار مساعديه بشأن الوجود الأمريكي في سوريا، إلا أنه أمر بزيادة انتشار القوات الأمريكية إلى 14 ألف جندي خلال الأشهر الماضية بهدف مواجهة إيران، ولهذا كانت قاعدة التنف هي الأثر الوحيد الذي تبقى للوجود الأمريكي.
ويورد الكاتب نقلا عن ستين، قوله: "هي كل شيء خاطئ عن الحرب في سوريا.. حقيقة كونها الجيب الأمريكي الأخير في سوريا تكشف عن الطريقة التي سممت فيها سياسة قصر النظر باتجاه إيران الأهداف الأمريكية في المنطقة".
ويشير الموقع إلى أن التنف كانت منطقة نزاع، حيث تفاوضت أمريكا وروسيا حول تقدم القوات التابعة للنظام، فيما استهدف الطيران الأمريكي قافلة، قتل فيها ستة جنود سوريين وعدد من الإيرانيين، لافتا إلى أنه في هذه الأيام، تقول مصادر مطلعة إن الإيرانيين يقومون بالدوران حول المنطقة المستثناة، ما يقلل من أهمية القاعدة.
ويلفت التقرير إلى أن التنف لا تبعد سوى عدة أميال عن مخيم الركبان، الذي يعيش فيه 10 آلاف لاجئ، لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب الصحية، ويموت فيه الأطفال بسبب تعرضهم للبرد والحر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمصيرهم، وفي منبر أسبين للأمن نفى السفير جيمس جيفري أي مسؤولية أمريكية عن اللاجئين، وقال إن نقل قوافل إغاثة إنسانية من التنف سيجعل من بقاء القوات الأمريكية هناك بلا نهاية.
ويفيد إكرمان بأن التنف ظلت من القواعد التي نجت من شائعات الإغلاق وتهديدات الروس للهجوم، مشيرا إلى قول هيللر: "رغم المنطق المشكوك فيه حول مبررات البقاء في التنف وما تحتاجه من كلفة وتأمينها فإنه من الممكن أن يظل الوجود الأمريكي فيها إلى أجل غير مسمى".
وبحسب الموقع، فإن الولايات المتحدة تقول إن هناك معركة مراقبة في سوريا، وذلك لمراقبة سجون مقاتلي تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنه من غير الواضح الهدف من الوجود الأمريكي المستمر في القاعدة، خاصة أن مسؤولي الإدارة والعسكريين يحاولون جمع الخيوط لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا.
ويذكر التقرير أنه في رحلة للمنطقة لم يكن مارك إسبر متأكدا من قيام القوات الأمريكية بعمليات ضد تنظيم الدولة في سوريا من داخل الأراضي العراقية، وقال ردا على تعليقات لترامب بأن أمريكا تفكر في الحفاظ على قوة صغيرة لحماية آبار النفط، بأن البنتاغون تدرس إمكانية عمل هذا.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول إنه في الوقت الحالي، فإن ما بقي للولايات المتحدة في التنف يطرح أسئلة حول منطق الحفاظ على قوات أمريكية هناك، مشيرا إلى قول ستين: "بدلا من كونها ريشة في قبعة القوة الأمريكية فإنها تحولت إلى مكب للموارد، وهي بحاجة دائمة إلى الحماية من التحركات المعادية، وهي موجودة لأن إدارة ترامب أقنعت نفسها بأن السياسة هي أمر آخر غير النقاط المتعلقة بهدف تدمير الجمهورية الإسلامية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NYT: هذا ما حققه تنظيم الدولة من انسحاب أمريكا من سوريا
ذا ويك: كيف يكرر ترامب معضلة أمريكا السورية في السعودية؟
لوس أنجلوس تايمز: كيف تبدو العلاقة بين تركيا وأمريكا؟