كشف حساب على
موقع "فيسبوك" مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قضية فساد مالي من
العيار الثقيل، أثارت جدلا بين الأوساط السياسية في العراق، وذلك بعد أيام من إعلان
رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إحالة مسؤولين كبار إلى القضاء بتهم تتعلق بالفساد.
"صالح محمد العراقي"، الذي يعدّ حسابا شبه
رسمي للصدر، قال في تدوينته، الثلاثاء، إن جهة مسؤولة في وزارة الدفاع أبلغته بمعلومات
خطيرة، بأن القاعدة الجوية في الصويرة (مدينة تابعة لمحافظة واسط) كلّف المشروع مليار
ومئتي مليون دولار، مع ملحق بكلفة ستمئة مليون دولار، وأن الأموال قد صُرفت كلها، ولا
يوجد شيء على أرض الواقع على الإطلاق".
وأضاف الحساب
الذي يعتقد أن مقتدى الصدر يديره بنفسه: "المسؤول قد سلمها بعد التحقيق مشكورا
إلى رئيس مجلس الوزراء، ولم يتخذ أي إجراء. فاحكم أيها الشعب... والله خير الحاكمين".
"رسالة واضحة"
التسريبات أثارت
تساؤلات حول توقيتها، والهدف من إطلاقها، على الرغم من تحرك عبد المهدي على ملف الفساد
مؤخرا.
وفي حديث لـ"عربي21"، أجاب غايب العميري، النائب في البرلمان عن كتلة "سائرون" المدعومة من مقتدى
الصدر، أن "سائرون" وجمهور التيار الصدري طالبوا مرارا وتكرارا، سواء من هذه
الحكومة أو التي قبلها، بالحزم في التعامل مع ملفات الفساد.
وأوضح:
"الكل شاهد بعينه أن الصدر حارب الفساد، حتى وإن كان من داخل التيار، ومن أقرب
المقربين له"، لافتا إلى أن "سائرون قدمت الكثير من ملفات الفساد خلال الفترة
السابقة إلى الجهات الرسمية، لكن للأسف لم نلاحظ أي إجابة من هذه المؤسسات".
وكان حساب
"محمد صالح العراقي" قد نشر قوائم بأسماء "فاسدين" يدّعون انتماءهم
للتيار الصدري، في أيار/ مايو الماضي، الأمر الذي دفع أنصار الصدر إلى حرق مراكز تجارية
في النجف تابعة لأشخاص وردت أسماؤهم في القوائم.
وعن الهدف من
وراء التدوينة في الوقت الحالي، أشار النائب العمري إلى أن "الرسالة واضحة جدا،
ولا تحتاج إلى تأويل وتفسير، لذلك هذه الرسالة وجهت للشارع العراقي بصورة عامة، وحتى
تطلع عليها المرجعية الدينية أيضا، بأن هناك ضعفا ومحاباة في أداة الحكومة، ومجاملة
خاصة في ملفات الفساد".
وبخصوص الجهات
المتورطة في قضية "قاعدة الصويرة الجوية"، قال النائب الصدري إن "الكل
يعرف أن الكثير من قادة الكتل السياسية متورطون في ملفات الفساد".
وعن الهدف مما
نشره "محمد صالح العراقي"، قال العميري إن "التدوينة هذه وتغريدة الصدر
السابقة بخصوص إقالة الحكومة، تعبّر عن عدم رضا الصدر وسائرون إطلاقا على أداء الحكومة
الحالية فيما يتعلق بتعاملها حيال ملفات الفساد، خلال المدة السابقة".
"مرحلة جديدة"
من جهته، رأى
إحسان الشمري، رئيس مركز "التفكير السياسي"، في حديث لـ"عربي21"، أن طبيعة المواقف التي صدرت عن مقتدى الصدر بعد مظاهرات الأول من تشرين الأول/ أكتوبر
الحالي، وحتى من ما يصدر عن مقربين منه مثل كتلة "سائرون"، تُبيّن بما لا
يقبل الشك بأننا "أمام مرحلة جديدة فيما يتعلق بالتحالف بين الصدر وعبد المهدي".
وأرجع ذلك
إلى أن "مهلة السنة التي منحها زعيم التيار للأخير شارفت على الانتهاء، وقضية
اللجنة التي طالبت بها المرجعية الدينية لكشف قتلة المتظاهرين، إضافة إلى التحشيد للتظاهرات
في يوم 25 من الشهر الجاري، هذه كلها ستكون ضاغطة على الصدر من أجل تغيير موقفه تجاه
عبد المهدي".
وبحسب رأي الشمري،
فإن الموقف "لا يتعلق بالفساد فقط، لأن موضوع الفساد عميق ومتشعّب في الدولة العراقية
ما بعد عام 2003، لكن أتصور أن عملية إعادة بناء الثقة بين الشعب والعملية السياسية
قد تكون هي الأخطر".
وأضاف أن
"جميع القوى السياسية الشيعية، على وجه الخصوص، قلقة على مستقبلها السياسي، أعتقد
أنها تضع في حساباتها أنه لا بد من تغيير طبيعة مواقفها، ومن ثم قد نشهد تطورا دراماتيكيا
يتصاعد ما قبل وبعد يوم 25 من الشهر الجاري، كإجراء دستوري تحت قبة البرلمان".
ولفت الشمري
إلى أن الصدر في مواقفه "أعطى مساحات ومُهل لحكومة عبد المهدي للاختبار، وفيما
يبدو أنه ينتقل تدريجيا في موضوع اتخاذ موقف أخير، وقد يتزامن هذا الموقف مع التظاهرات
التي يُعد لها في 25 من الشهر الجاري".
وأكد رئيس مركز
"التفكير السياسي" أن "الصدر يملك القدرة على إعلان موقفه النهائي من
حكومة عبد المهدي، سواء البقاء أو الإقالة، متوقعا أن "يَصدر موقف مختلف خلال
الأسبوعين المقبلين من مقتدى الصدر".
وبعد ساعات من
كشف "فضيحة قاعدة الصويرة الجوية"، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، الثلاثاء،
إحالة المقصرين في ملف القاعدة إلى المحكمة العسكرية في الأول من آب/ أغسطس الماضي،
مشيرة إلى وجود "متابعة حثيثة" من رئيس الحكومة للقضية.
وكان "المجلس
الأعلى لمكافحة الفساد" الذي شكله عبد المهدي بعد استلامه رئاسة الحكومة، قد أحال، الجمعة الماضية، عددا من قضايا الفساد إلى القضاء، تتعلق بتسعة من كبار المسؤولين،
بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء.
وتتعلق القضايا المحالة بوزيرين ووكيلي وزارة سابقينَ في وزارات (الصناعة
والمعادن، والنقل، التعليم العالي، والصحة) وموظف سابق بدرجة وزير، وأربعة محافظين سابقين
في محافظات (بابل، وكركوك، ونينوى، وصلاح الدين).
جاء ذلك عقب
مظاهرات شهدتها بغداد انطلقت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وامتدت إلى محافظات
أخرى، طالبت بإنهاء البطالة، والقضاء على الفساد، وتوفير الخدمات، قبل أن تتطور إلى
المطالبة بإقالة الحكومة، وذلك بعد استخدام العنف ضد المحتجين، وسقوط أكثر من 100 قتيل،
وإصابة ما يزيد على 6 آلاف جريح.
اقرأ أيضا: محلل عراقي: 4 نتائج لحراك أكتوبر.. وهكذا يتم إصلاح العراق
موقفها حرج.. كيف هزّت المظاهرات المرجعية الشيعية بالعراق؟
عبد المهدي يرفض الاستقالة.. ماذا عن مهلة الصدر؟
احتجاجات المنطقة العربية.. "الفساد" كلمة السر (إنفوغرافيك)