مع تصاعد المظاهرات الشعبية في العراق، ومطالبات كتل سياسية رئيس الوزراء بالتنحي والذهاب إلى انتخابات مبكرة، يواجه عبد المهدي انقساما سياسيا حادا حول مستقبل حكومته بعد مرور عام على منحها الثقة.
وتشكلت حكومة عبد المهدي في 25 تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي باتفاق سياسي بين كتلتي "سائرون" المدعومة من مقتدى الصدر و"الفتح" بزعامة هادي العامري، لكن دعوات الإقالة صدرت عن الأول انسجاما مع مطالب المحتجين، فيما لا يزال الأخير يدعم بقاءه.
انتهاء مهلة الصدر
دعوات الصدر لإقالة عبد المهدي جاءت مع انتهاء مهلة "سنة تحت الاختبار" التي كان قد منحها لرئيس الحكومة الحالية بعد التصويت عليها في البرلمان، وبالتالي فإن التساؤلات المطروحة، هل ينضم الصدر إلى المظاهرات لإسقاط الحكومة، وما هي خيارات زعيم التيار الذي يرفع لواء الإصلاح في البلاد؟
وتعليقا على الموضوع، قال النائب عن كتلة "سائرون" رعد المكصوصي في حديث لـ"عربي21" إن "ائتلاف سائرون لديه مشروع إصلاحي، وفي الحكومة السابقة اتخذ مقتدى الصدر خطوات عدة، بدأت بمظاهرات ثم اعتصامات وصولا إلى اعتصام زعيم التيار نفسه داخل المنطقة الخضراء، حتى استجاب حيدر العبادي وأجرى تعديلات في الكابينة الوزارية".
وأضاف: "اليوم أيضا الصدر أعطى مهلة سنة كاملة، وقد انتهت الآن، والبرنامج الحكومي لعبد المهدي لم يطبق منه 20 بالمئة، وبالتالي علّق الصدر عضوية سائرون في البرلمان احتجاجا على عدم تلبية رغبات ومتطلبات الشعب العراقي، وخروج الشعب بمظاهرات ناقمة على الفساد والطبقة السياسية بالكامل".
اقرأ أيضا: برهم صالح يجدد الدعوة لتعديل وزاري جوهري
وأكد المكصوصي إصرار "سائرون" على إقالة الحكومة، بالقول: "نحن اليوم عازمون بالطرق السلمية والقانونية على إقالة الحكومة، لكن إذا حصلت بعض التعديلات في الوزارات فمن الممكن أن ننتظر القادم".
وفيما لو اشتدت المظاهرات وأصر المحتجون على إقالة الحكومة فماذا يكون قرار الصدر، أجاب المكصوي: "بيضة القبان في العراق هم الشعب العراقي وسائرون والحكومة ولدوا من رحم هذا الشعب، وبالتالي فإن الصدر لا يحيد عن مطالب الشعب، فإذا ثار العراقيون ضدها فبالتأكيد سيطالب زعيم التيار بإقالة الحكومة والإتيان بأخرى قادرة على تلبية مطالب الشعب المظلوم".
عبد المهدي يتحدى
من جانبه، قال المحلل السياسي هشام الهاشمي إن كتلة "سائرون" ينتظرون حزمتي إصلاح، وإن رئيس الوزراء أطلق حزمة إصلاح واحدة من 17 فقرة ويفترض أن يطلق حزمة ثانية بتغيير نصف الكابينة الوزارية، عند ذلك يكون قد تحقق شرط مقتدى الصدر، بعدم إزاحة الحكومة".
وبخصوص مطالبة الصدر والعبادي لرئيس الحكومة بالاستقالة، نقل الهاشمي في حديث لـ"عربي21" عن عبد المهدي قوله: "أنا لن أستقيل، وإن أرادوا أن يقيلوني فليفعلوا، لأن "سائرون" و"الفتح" حينما أعطوني رئاسة الوزراء أخذو عليّ عهدا ووقعوني على ورقة مكتوبة أن لا أستقيل".
وحول مدة السنة التي منحها الصدر لعبد المهدي، نقل الهاشمي عن الأخير قوله أيضا: "إن المهلة كانت استدراكا من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ولم تكن موجودة على الورقة ذات الثلاثين شرطا التي وقعت عليها".
مشاركة محدودة للصدريين
على الجانب الآخر، قال النائب رشيد العزاوي رئيس كتلة "العقد الوطني" المنضوية في تحالف "البناء" إن "مقتدى الصدر في حال دعا إلى المشاركة في المظاهرات فسيكون محتاطا جدا، لأنه سيتحمل أي عنف إذ اندلع لأنه الجهة الوحيدة المعروفة من بين القوى المتظاهرة اليوم، التي لا يمثلها أحد".
وأوضح النائب في حديث لـ"عربي21" أن "الصدر حينما يدعو أنصاره في كل مرة للتظاهر تكون المظاهرات مسيطرا عليها منه، أما مشاركته اليوم في احتجاجات من جهات عدة، فإنه سيكون مسؤولا عن هذه المظاهرات، لأنه الجهة الوحيدة المعروفة والمعلنة المشاركة في المظاهرات. وإذا شارك التيار فسيكون بشكل محدود".
وفي ما يتعلق بأداء عبد المهدي، أشار العزاوي إلى أنه رغم تمسك "البناء" برئيس الوزراء، إلا أن كتلة "العقد الوطني" لديها ملاحظات على أداء حكومته، لأنه تحدث عن مكافحة الفساد، وربما سجن صغار الفاسدين، لكن الشعب يريد الإطاحة برؤوس كبيرة فاسدة نهبت المليارات".
اقرأ أيضا: هذه أبرز قرارات البرلمان العراقي "تلبية لطلبات المتظاهرين"
وأكد أن "الشارع العراقي ينتظر من هذه الحكومة، مكافحة حقيقية للفساد، وليس مجرد إعلان عن شمول ألف موظف بعمليات مكافحة الفساد.. يفترض برئيس الحكومة أن يعالج الفساد بطريقة شفافة وحقيقية".
وأعلن رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي الأربعاء أنه سيطلب من البرلمان الخميس الموافقة على إجراء تعديل وزاري، وذلك في ضوء الاحتجاجات الدموية التي شهدتها البلاد الأسبوع الماضي.
وعبر كلمة متلفزة، أكد عبد المهدي "وقوف الحكومة مع المطالب المشروعة للمتظاهرين، ورفضها مظاهر العنف"، معلنا في ذات الوقت "البدء باستلام النتائج الأولية للتحقيق بالتظاهرات".
وفي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، خرجت مظاهرات في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات الأكثرية الشيعية، مخلفة أكثر من مئة قتيل من المتظاهرين ونحو 6 آلاف جريح، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء المظاهرات.
ويتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، فيما تنفي الجهات الحكومية ذلك وتقول إن "قناصة مجهولين" أطلقوا الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.
العراق أمام هذه السيناريوهات بعد تواصل الاحتجاجات الدموية
احتجاجات المنطقة العربية.. "الفساد" كلمة السر (إنفوغرافيك)
رويترز تتساءل: ما الذي يجري في العراق وإلى أين تتجه الأمور؟