نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة حمد بن خليفة في قطر، مارك أوين جونز، تحت عنوان "شطب (تويتر) للحسابات السعودية والإماراتية لن يوقف عملية التضليل على شبكات (تويتر) العربية".
ويقول جونز في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "(تويتر) أعلنت نهاية الأسبوع الماضي عن شطب 4525 حسابا مرتبطة بالسعودية والإمارات ومصر، و4248 حسابا، تعمل بشكل واضح من الإمارات، متهمة الحسابات بأنها تقوم بعملية (توتر سياسي) كمجاز عن الدعاية".
ويشير الكاتب إلى أن "الإمارات والسعودية اتهمتا منذ وقت طويل بأنهما حولتا منصات التواصل الاجتماعي إلى سلاح لدعم سياستهما الخارجية الحازمة، ففي عام 2017 تم استخدام عدد كبير من الروبوتات لشن هجوم على قطر كجزء من الحصار عليها، بل تمت القرصنة على الحسابات الصحيحة من أجل نشر الدعاية المؤيدة للسعودية".
ويرى جونز إن "إغلاق الحسابات يعد ضربة قوية لعمليات التضليل في الشرق الأوسط، وفي آب/ أغسطس 2018 قامت شركة (فيسبوك) بتعليق 350 حسابا وصفحات تقوم بالترويج للدعاية السعودية، ومهاجمة منافسيها في المنطقة، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018 قامت (تويتر) بتعليق آلاف الحسابات الروبوتية التي تقوم بنشر رسائل داعمة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفي ذروة الشجب الدولي لجريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي اتهم بن سلمان بإصدار الأمر بقتله في القنصلية السعودية في إسطنبول، أما بقية الحجب الذي قامت به (تويتر) فعادة ما تركز على الحسابات المرتبطة بإيران".
ويجد الكاتب أنه "مع أن القرار جاء متأخرا، إلا أنه لن يوقف فيضان المعلومات التضليلية عبر منصات التواصل في المنطقة، وتظل الحسابات المغلقة قليلة مقارنة مع الكم الهائل من تلك التي تنشر المعلومات المضللة باللغة العربية، فعددها يتجاوز الملايين، وكما كشفت جريمة مقتل خاشقجي فمن المهم الإشارة الى أن عملية التضليل عادة ما تتم من خلال مؤسسات الدولة".
ويتساءل جونز عن الطرف الذي يقف وراء هذه الحسابات المغلقة، ويجيب قائلا إنه حلل البيانات التي نشرتها "تويتر"، ووجد توجهات مثيرة للدهشة، ففي الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير 2017 وأيار/ مايو 2019 أنتجت 4500 حساب حوالي مليون تغريدة وإعادة نشر لها، وتم نشر نصف التغريدات في الربع الأخير من عام 2018 والربع الأول من عام 2019.
ويلفت الكاتب إلى أن "التغريدات تكشف عن حملة تأثير على مستوى العالم، وتستخدم عدة لغات، بما فيها الإنجليزية والعربية والإسبانية والروسية واليابانية، وتعمل هذه الحسابات بطرق مختلفة، وتهدف إلى خداع المستخدم العادي لـ(تويتر)، وبعض الحسابات التي تم إغلاقها قدمت على أنها مواقع إخبارية مستقلة باللغة الإنجليزية".
وينوه جونز إلى أن "أحد المواقع السعودية الستة التي حجبت، موقع اسمه "غلوبس"، ولديه حساب حقيقي، وتم ربط هذا الحساب بعملية معلومات مؤيدة لدونالد ترامب، التي كانت تحاول شجب عمل المحقق الخاص روبرت مولر على أنها (خدعة روسيا غيت)".
ويفيد الكاتب بأن "هناك حسابات أخرى تقدم نفسها على أنها أسماء حقيقية ولديهم صور، مثل (سارة بيطار)، التي زعمت أنها تحمل شهادة ماجستير في العلوم السياسية والاقتصادية".
ويذكر جونز أن "كلمات (اليمن) و(قطر) و(الحوثيون) كانت الشائعة في الحسابات كلها، وهناك حسابات انتقدت الإخوان المسلمين، واستضافة قطر لكأس العالم، فيما كالت حسابات أخرى المديح لولي العهد محمد بن سلمان، وحاولت تبرير حرب اليمن، والتأكيد على السياسة الخارجية للسعودية والإمارات من خلال الهجوم على قطر، وهي عبارة عن مزيج من حسابات شخصية وروبوتية".
ويقول الكاتب إن "الحسابات المعلقة كلها ليست مهمة باستثناء واحد، وهو حساب مستشار ولي العهد السعودي السابق، سعود القحطاني، الذي كان متورطا في جريمة قتل خاشقجي، والقيام بتعليق حساب القحطاني، الذي لم يصدر تغريدة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2018، هو أمر غير عادي، وربما كان تعليق حسابه مرتبطا بعثور (تويتر) على أدلة على تورط القحطاني في عمليات ضد ناقدي النظام، لكن سمعته بصفته مسؤولا عن الذباب الإلكتروني تعود إلى دوره في أزمة الخليج عام 2017، وعرض حياة الكثيرين للخطر من خلال دعوته المواطنين لوضع أسماء في القائمة السوداء ممن يعتقد بتعاطفهم مع قطر".
ويجد جونز أن "الغريب أن (تويتر) لم تكشف عن أرشيف تغريداته، وقالت إنه لا توجد أدلة على أن الحساب مرتبط بالعملية، مع أن التحقيقات المستقلة تقول إنه هو المسؤول عنها".
ويقول الكاتب إن "الرقم يبدو كأنه كبير، إلا أنه نقطة في محيط، وهناك مليون حساب مزيف تقوم بنشر الدعاية والكراهية في المنطقة، وتواجه المنطقة حملات مؤيدة للروس وتلك المرتبطة بالإيرانيين".
ويرى جونز أنه "رغم وجود الأدلة، إلا أن (تويتر) لم توجه النقد العلني للسعودية، ويبدو أنه مع اقتراب موعد الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي هناك تحسب من حملة دعاية مضللة، ولهذا تريد (تويتر) أن تظهر بمظهر القوي، وأنها تقوم بملاحقة الحسابات المزيفة بشدة، مع أن إغلاق الحسابات يظل رمزيا".
ويختم جونز مقاله بالقول إن "(تويتر) تأمل بعهد جديد من (تويتر) بالعربية خال من السموم، وهذا لن يحدث لأن من السهل استبدال حساب مغلق بآخر".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فرونت لاين: هكذا أقرّ ابن سلمان بمسؤوليته عن قتل خاشقجي
واشنطن بوست: هل محمد بن سلمان ضحية أم مجرم؟
بلومبيرغ نيوز: ماذا حدث للقحطاني.. سمم أم لا يزال حيا؟