لم تتسبب الهجمات على المنشآت النفطية السعودية برفع أسعار النفط عالميا فحسب، بل اضطرت عدة دول إلى بحث إمكانية اللجوء لمخزوناتها الاستراتيجية من النفط، لتلبية احتياجاتها المحلية.
وأعلنت كوريا الجنوبية، أنها تدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الإستراتيجية، "إذا تدهورت أوضاع واردات النفط الخام"، كما قال ترامب: "سمحتُ بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر، وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق بوضع جيد".
وقفزت أسعار النفط ما يربو على 15 في المئة عند فتح الأسواق، أمس الأحد، بعد الهجمات على منشأتي نفط في السعودية، السبت، ما أثر على أكثر من خمسة في المئة من إمدادات النفط العالمية.
وصعدت أسعار العقود الآجلة لخام برنت 19.5 في المئة حيث وصلت إلى 71.95 دولارا للبرميل خلال تعاملات الإثنين في أكبر مكسب منذ 14 كانون الثاني/يناير 1991.
وحول تداعيات تصاعد أسعار النفط عالميا وتأثيرها على الدول المستوردة له، أوضح الباحث في الاقتصاد الدولي والطاقة حسن الشاغل، أن "منطقة الخليج العربي تغطي ما يزيد عن خمس النفط المباع يوميا في العالم" مشيرا إلى أنها "تصدر من 18 إلى 20 مليون برميل يوميا، والاستهلاك اليومي من النفط في السوق الدولية هو عبارة عن 87 إلى 90 مليون برميل يوميا".
اقرأ أيضا: أرامكو تطلب شراء منتجات نفط والعودة لانتاج كامل يحتاج لأشهر
وشدد خلال حديثه لـ"عربي21" على أن أي ضرر يصيب عملية إنتاج النفط في السعودية تنعكس مباشرة على أسعار النفط والاستهلاك العالمي، لافتا إلى أن المملكة تنتج ما يقارب 11 مليون برميل نفط يوميا.
وأضاف الشاغل، أن أغلب المنتجات النفطية السعودية والخليج العربي تُصدر إلى دول شرق آسيا والولايات المتحدة وبنسبة ضئيلة إلى الاتحاد الأوروبي، موضحا أن "دول الاتحاد الأوروبي تستهلك معظم مواد الطاقة من روسيا".
وأرجع لجوء الولايات المتحدة إلى مخزونها الاستراتيجي رغم أنها منتجة للنفط إلى أنها "اضطرت لاستخدامه بسبب أن تكلفة إنتاج البرميل الواحد من البترول الصخري تصل من 60 إلى 65 دولارا"، مستطردا: "فضلا عن أضراره البيئية لأنه يستهلك كمية كبيرة من الماء لاستخراجه من باطن الأرض".
ويرى الشاغل بأن "الأزمة الحالية تأخذ طابعا مؤقتا وربما يتم إصلاح الخلل الذي أصاب منشآت أرامكو في أقصر وقت"، أما في حالة حاجة الشركة السعودية إلى عدة أشهر لإصلاح الخلل الناجم عن الهجمات "حسب ما ذكرت رويترز" فإن "الأزمة ستكون مرشحة للازدياد بما يرفع أسعار النفط لتصل إلى مستويات عالية قد تكون 90 دولارا للبرميل".
ويوضح: "بالنسبة لدول شرق آسيا، فإن المخزون الاحتياطي يكفيهم بين ال20 يوما وال30 يوما، أما الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك مخزونا نفطيا بما يقارب من 80 إلى 90 مليون برميل كمخزون احتياطي".
ويعتقد "عندما تجد الولايات المتحدة نفسها محرجة وارتفعت أسعار النفط في السوق الدولية لأشهر، فإنها سوف تعمل على إعادة إنتاج البترول الصخري، والذي يكلف من 60 إلى 65 دولارا للبرميل الواحد".
وينبه إلى أن الولايات المتحدة "تستغني عن استعمال المخزون الاستراتيجي من خلال إعادة إنتاج النفط الصخري، عندما يصل سعر البرميل الواحد من النفط في السوق الدولية إلى 90 دولارا".
اقرأ أيضا: كوريا الجنوبية وأمريكا تلجآن لـ"الاحتياطي" بعد هجوم أرامكو
المسبب والمستفيد
وحول اتهام السعودية والولايات المتحدة لإيران بالوقوف خلف الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، يرى الباحث في الاقتصادي الدولي أن المسبب في الهجمات هي "مجموعات وقوى تضررت بفعل أخذ السعودية ودول الخليج من حصتها من البترول في السوق الدولية".
ويوضح بأن "إيران ودول الخليج العربي هي التي كانت تصدر إلى دول شرق آسيا، وهذه الضربة هي ردة فعل على أخذ حصة إيران من البترول المُصدر لتلك الدول".
ويلفت إلى أن "العقوبات الأمريكية فرضت على شركات عالمية بعدم الاستيراد من إيران، ومؤخرا وضمن العقوبات الجديدة، تم إلغاء الاستثناء الذي كان لبعض الدول من العقوبات المفروضة على إيران".
وعليه فإن "دول شرق آسيا رفعت نسبة الاستيراد من دول الخليج العربي وخاصة السعودية على حساب حصة إيران من السوق الدولية" وفق ما ذكره الباحث الاقتصادي.
ويعتقد بأن "روسيا هي الدولة الأكثر استفادة من الأزمة الحالية، حيث ستأخذ حصة من السوق الدولي ومن النفط المصدر لدول شرق آسيا، التي بحاجة إلى كمياتك كبيرة منه، على حساب السعودية".
ويختتم بقوله: "روسيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي من الممكن أن تغطي جزءا صغيرا من تصدير المملكة العربية السعودية".
اقرأ أيضا: ترامب: نحن على أهبة الاستعداد للردّ بعد الهجوم على "أرامكو"
هجمات "أرامكو" تصعد بقيمة الذهب وتهبط بالدولار
صعود أسعار النفط 15% بعد هجمات السعودية
"بلومبيرغ": الإطاحة بوزير الطاقة السعودي من رئاسة "أرامكو"