مع حدوث الصمت الانتخابي، حبس التونسيون أنفاسهم عشية اقتراع رئاسي مجهول النتائج يتنافس فيه خصوصا رئيس حكومة شعبيته في تدهور، ورجل أعمال موقوف، وقيادي في حزب النهضة الإسلامي، ما أثار نقاشات حامية في البلاد.
وانسحب مرشحان ثانويان للاقتراع، الجمعة، في آخر أيام الحملة الانتخابية لصالح مرشح آخر حظوظه أوفر هو عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع، وذلك في محاولة لتقليص تشتت الأصوات بين المرشحين الـ 26 خصوصا في غياب صراع برامج واضح.
والسبت، كان يوم الصمت الانتخابي في تونس قبل بدء التصويت، الأحد، عند الساعة 08,00 (07,00 ت غ). أما خارج تونس، فإن مكاتب التصويت فتحت منذ الجمعة ولثلاثة أيام.
وتستمر الجلبة السياسية في تونس. فحال انتهاء حملة الانتخابات الرئاسية المبكرة منتصف ليل الجمعة إلى السبت بدأت حملة الانتخابات التشريعية المقررة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر. وبدأ نشطاء بتعليق ملصقات أكثر من 1500 قائمة تشارك في سباق البرلمان.
وكانت وفاة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في 25 تموز/ يوليو الماضي قبل أشهر من انتهاء ولايته نهاية العام، قلبت مواعيد الانتخابات. وشدت الانتخابات الرئاسية المبكرة كل الانتباه على حساب الاقتراع التشريعي الذي يتوقع أن يكون بين جولتي الانتخابات الرئاسية.
وبدت آخر الاستعدادات على قدم وساق نهار السبت مع نقل صناديق الاقتراع المختومة تحت رقابة الجيش الوطني.
وأعلنت وزارة الداخلية نشر أكثر من سبعين ألف عنصر أمن لتأمين الاقتراع الأحد.
وتكثر الرهانات والتخمينات عبر الانترنت بناء على استطلاعات سرية، حيث يمنع القانون نشر نتائجها منذ تموز/ يوليو.
ويتوقع أن تصدر أولى تقديرات النتائج ليل الأحد إلى الاثنين، فيما تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية الثلاثاء.
تصويت عقابي
وأعلن المستشار السياسي السابق محسن مرزوق، ورجل الأعمال سليم الرياحي انسحابهما من السباق الرئاسي لصالح عبد الكريم الزبيدي، وهو وزير تكنوقراط مقرب من حزب نداء تونس الذي يتحدر منه مرزوق والرياحي. وكان حزب نداء تونس بزعامة الباجي، فاز في انتخابات 2014 أمام الإسلاميين. لكن هذا الحزب المتعدد المشارب انقسم إلى عدة فصائل متصارعة لاحقا.
اقرأ أيضا: تونس.. ارتفاع نسبة الاقتراع للرئاسيات بالخارج إلى 9.2 بالمئة
والنتيجة أن ثمانية من المرشحين للاقتراع الرئاسي أتوا من حزب نداء تونس بينهم يوسف الشاهد الذي يجد صعوبة في الدفاع عن حصيلة ثلاث سنوات من تولي حكومته. فالبطالة مثلا التي كانت أحد محركات ثورة 2011، لازالت عند 15 بالمئة، في حين يستمر ارتفاع الأسعار التي تضغط بشدة على أجور ضعيفة.
وأكد القضاء، الجمعة، استمرار توقيف أحد أبرز منافسيه رجل الأعمال في قطاع الإعلام والإعلانات نبيل القروي. وكان تم توقيف القروي في نهاية آب/ أغسطس بشبهة فساد وتبييض أموال. وقد يصبح أول سجين في السباق النهائي للرئاسة.
وتجمع مساء الجمعة نحو مئة من أنصاره على بعد كيلومترين من مكان سجنه في ضواحي العاصمة، وهتفوا بشعارات، وأطلقوا ألعابا نارية.
وقالت زوجته سلوى سماوي التي تعمل في حملة زوجها "آمل أنه يسمعنا".
من جهته، قال محمد دوم، الذي شارك في آخر اجتماع لحزب "قلب تونس" بزعامة القروي: "إنها مسألة مبدأ، أنه في السجن بدون محاكمة. هل هذا هو الانتقال الديمقراطي؟".
لكن بين الحضور، قال مواطن غاضبا: "كفاكم توزيع ثلاجات ومعكرونة"، متهما "جميع الحاضرين هنا الليلة" بأنه تم شراؤهم.
وكان القروي وهو مؤسس قناة تلفزيون، صنع شعبية من خلال جولات واسعة في تونس في سياق أعمال خيرية بثت فعالياتها طوال عامين قناته.
واختتم ثلاثة مرشحين آخرين حملاتهم الانتخابية في الشارع ذاته في العاصمة باجتماعات. وأعطى ذلك حيوية لوسط العاصمة في أجواء احتفالية التقى فيها مناصرو مختلف المرشحين.
وبين هؤلاء عبد الفتاح مورو، أول مرشح للانتخابات الرئاسية في تونس عن حزب النهضة الإسلامي. ومع أن هذا المحامي بشوش وعرف بسعيه للحوار، فإن حزب النهضة يبقى غير مأمون الجانب من قسم من التونسيين.
وقال محرز عرفاوي وهو متقاعد من أنصار مورو: "صوت في 2014 لقايد السبسي، ولم تتحسن الأمور. اليوم أصوت لمورو. ليس للنهضة، بل لمورو".
يذكر أن الراحل قايد السبسي الذي انتخب رئيسا في 2014 على خلفية مناهضة الإسلاميين، تحالف بعد فوزه مع حزب النهضة.
وشهدت الحملة الانتخابية خصوصا مناظرات تلفزيونية كانت موضع متابعة كبيرة في البلد الوحيد الناجي من اضطرابات وثورات الربيع العربي في 2011.
لكن الأزمة الاقتصادية والنزاعات السياسية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة ضربت ثقة التونسيين بالأحزاب الكبرى، ما يفتح الباب أمام احتمال تصويت عقابي.
تونس.. ارتفاع نسبة الاقتراع للرئاسيات بالخارج إلى 9.2 بالمئة
منظمة تونسية ترصد مئات المخالفات خلال الحملات الانتخابية
مختصون لـ"عربي21": الدعاية الانتخابية بتونس تنعش الاقتصاد