نشرت صحيفة "
الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن
إلغاء الوضع الخاص لكشمير من جانب
الهند، الذي يخفي وراءه صراعا جيوسياسيا واسع
النطاق يشمل ثلاث قوى آسيوية عظمى؛ وهي الهند والصين وباكستان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أحد
الأنهار الجليدية قادر في بعض الأحيان أن يفسر الفوضى الجيوسياسية التي تُغمر فيها
الهند والصين وباكستان.
وعلى وجه الخصوص، تحولت منطقة جيلجيت بالتستان، المتنازع عليها بين
البلدان الثلاث، والتي يمتد في طرفها الشرقي ثاني أكبر نهر جليدي في العالم خارج
القطبين، إلى واحدة من النقاط التي تكتسي أهمية جيوسياسية فائقة. وبالتزامن مع
إلغاء الهند منذ بضعة أيام للوضع الخاص لكشمير، أصبحت المنطقة الأكثر عسكرة في
العالم بمثابة برميل بارود.
وأشارت الصحيفة إلى أن النهر الجليدي العملاق، الذي احتلته الهند بعد
عملية عسكرية خلال سنة 1984، والذي يوفر لها موارد مائية هائلة، عالق في مأزق
قانوني؛ بسبب صعوبة الوصول إليه. وعلى حدوده الغربية، توجد منطقة شاسعة تكاد تكون
عذراء، تعزز المصالح السياسية والاقتصادية
الصينية؛ ما يزيد من تعقيد اللغز
الإقليمي.
ونقلت الصحيفة في الحديث عن دور الصين في هذه الأحجية
الجيوسياسية، أن
باكستان تنازلت عن وادِ مهمل شمال جيلجيت بالتستان لصالح
العملاق الآسيوي خلال سنة 1963. وخلال ذلك الوقت، لم تتوقع باكستان أن تصبح هذه
المنطقة بأكملها بعد 50 سنة نقطة أساسية لمشروع البنية التحتية الكبير الذي تريد
الصين الاتصال بالعالم عبره.
ويعد هذا الوادي جزءا لا يتجزأ من طريق الحرير الجديد، الممر
الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يدر أرباحا طائلة ويعزز استثمارات الطاقة
للبلدين، لكنه أصبح غير قابل للدمج مع منطقة جيلجيت بالتستان المستنزفة. في الآن
ذاته، تطالب الهند بهذا المجال أيضا، خاصة في ظل معارضتها للمشروع الصيني
الباكستاني، والتي تمكنت بالفعل من ضمه تحت سيطرتها بعد الإجراءات التي اتخذت هذا
الشهر.
وبينت الصحيفة أن قرار ناريندرا مودي بإلغاء الوضع الخاص لكشمير أغضب باكستان والغالبية الانفصالية التي تعيش في المنطقة. وفي
كشمير التي يوجد
فيها 700 ألف جندي لتهدئة الاحتجاجات، غيرت حكومة مودي جذريا سياستها في المنطقة
المتنازع عليها مع جارتها التي لا يمكن أن تتصالح معها ومع الصين، في خطوة أعادت
رسم خريطة جنوب آسيا، ووضعتها في مواجهة للمجتمع الدولي بأسره.
ونوهت الصحيفة بأن قرار مودي قد أحيا آمال القوميين الهندوس في إعادة
بناء مستوطنات هندوسية في وادي كشمير، التي هجرها أكثر من 200 ألف عضو منهم بعد
ثورة 1989.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الهندي أرسل جنودا إضافيين، وقطع
الاتصال عن المنطقة في الأيام السابقة لقراره، إلا أن القرار أحادي الجانب تسبب
في حدوث ارتباك داخل الهند وخارجها. وقد انتقدت المعارضة الصيغة "غير
الديمقراطية"، وصرخ السياسيون المنتخبون في جامو وكشمير ضد الإجراء "غير
القانوني وغير الديمقراطي".
وأشارت الصحيفة إلى أنه في محاولة منه لتهدئة الوضع، قال مودي إن
"شعب كشمير سيتمكن قريبا من انتخاب ممثليه"، دون أو يوضح ما إذا سيدوم
هذا القرار 70 سنة أخرى على غرار ما حدث مع الأحكام الدستورية التي تم إلغاؤها
بالفعل. وفي الوقت نفسه، تعمل الهند على بناء خريطة إقليمية جديدة ذات آثار ضخمة
على مستقبل جنوب آسيا.
وبينت الصحيفة أن السيطرة على أراضي كشمير أثارت الكثير من
النزاعات، كان آخرها في عام 2013، حين احتجت الصين على بناء طريق سريع هندي بالقرب
من خط مراقبة الحدود. وعلى وجه الخصوص، أصبحت تحركات الهند تهدد سلامة طريق الصين
الوطني 219.
وأوردت الصحيفة أن مناورة الحكومة الهندية لإعادة صياغة المشهد
الإقليمي في جنوب آسيا قد تحدت كامل المجتمع الدولي والتشريعات التي تحمي المنطقة.
وفي ظل هذا الوضع، قالت الولايات المتحدة إنها لم تكن على دراية مسبقة بهذا
الإجراء. في حين اعتبرت روسيا أن هذه المسألة شأن داخلي لا يمكن التدخل فيه.
وفي هذا الصدد، لا يخفى الدعم غير المعلن لقرار مودي من قبل الشركاء
الباكستانيين التقليديين مثل الإمارات العربية المتحدة أو حتى أفغانستان.
وبين الكاتب أنه في انتظار الاجتماع الثنائي بين الصين والهند، تمكنت
نيودلهي من عزل باكستان تماما. وبذلك، فقدت إسلام آباد آخر ورقة قادرة على لعبها
على الساحة الإقليمية منذ نهاية عهد طالبان على حدودها الغربية.
اقرأ أيضا: ناشط هندي: هذه حقيقة الأوضاع بكشمير و"مخطط الهندوس"