القيم الحضارية مفهوم مرتبط بالنمو والترقي، لذلك فهو مرتبط بالإنسان المميز بنعمة العقل والمكلف بعمارة الكون. ويأتي مفهوم العمارة بمعنى التعمير والتحديث المستمر إلى نهاية الحياة، ويختلف عالم الإنسان عن عالم الحيوان الموسوم بالتوحش وغير المكلف بعمارة الكون.
- كما أن القيم هي الغذاء الأساسي الذي يتربى عليها الإنسان، سواء كان متدينا أو غير متدين، وهي القادرة على تطوير شخصيته، وزيادة قيمته المضافة وممكنات فعله ومستوى تحضره، بما تقوم به القيم من توسعة لفضاء تفكير الفرد وتحسين سلوكه وتنميه أدائه وإنجازه.
- الحضارة الحديثة هي نمط حياة متقدم معنويا وماديا، يتكون من الإنسان والبيئة، ونظام للقيم والأفكار ينظم العلاقات بين الناس وبعضهم البعض، وبينهم وبين البيئة التي يعيشون فيها. ويمتد نظام القيم والأفكار للمجتمع بين التحضر والتوحش بحسب عدولة وعدالته، وتحقيق المصالح العليا للإنسان، لهذا كان لا بد من رسم حدودها وأبعادها، وتحديد شروطها ومعاييرها.
أبعاد وحدود القيم الحضارية
يمكننا تحديد أبعاد القيم في ثماني عناصر تكشف حقيقة عالمية القيم ، وحاجة البشرية المستمرة لها..
بوصلتها: في اتجاه بناء القيم وتعظيم قيمة وقدرات وممكنات الإنسان.
حدودها الجغرافية: كل الإنسان في كل العالم.
حدودها الزمنية: إلى نهاية العالم يوم القيامة.
حدودها الدينية: كل الديانات السماوية.
نظرتها للآخر: الإخاء الإنساني للناس كافة، ووجوب البر والإحسان إليهم، والتعاون معهم ومشاركتهم في البناء الحضاري لتحسين جودة الحياة.
غايتها: إنتاج المواطن والمجتمع العالمي.
آلية عملها: البناء الممنهج التراكمي المتدرج.
مسار عملها: الوزارات السبع لبناء الإنسان.
ومع سعة وعمق أبعاد القيم الحضارية، فإن من أهم الاستخدامات الوظيفية الصعبة للقيم الحضارية هي تجميع المفكك، وحشد المتنوع، ومرجعية الفرقاء والمتصارعين، ولذلك هي أهم أدوات العمل السياسي ولا يمكن للسياسي المحترف أن يتخلى عنها.
شروط ومعايير القيم
القيم كائن حي يتطور بتطور الفكر الإنساني، واتساع وتطور حركة ومجالات الحياة وتطور القيمة يشمل ماهيتها وأهميتها وتطبيقاتها السلوكية في مجالات الحياة المختلفة مما يتطلب صناعة متخصصة وتطويرا مستمرا لمفاهيم وتطبيقات القيم للشرائح العمرية والنوعية المختلفة وفي مجالات الحياة المختلفة.
لذلك، فإن المفهوم الحضاري للقيمة يشترط 13 معيارا في القيمة الحضارية الواحدة:
1- علمية: مجردة من أية أيديولوجيات خاصة.
2- إنسانية: تقدر قيمة الإنسان، وتحترم وتحافظ على كرامته الوجودية.
3- نافعة: تحقق النفع للإنسان، بمنحه الخير، أو دفع الضرر عنه أو الاثنين معا.
4- تراكمية جامعة: جامعة لمفهوم القيمة في الثقافات الإنسانية المتراكمة المختلفة السابقة.
5- معاصرة: تتضمن التطبيقات المعاصرة للشرائح العمرية والمهنية المختلفة.
6- شامل ومتكامل: الشامل لكافة التعريفات في العلوم الإنسانية ذات العلاقة لعلوم (الشريعة والمقاصد والتربية وعلم النفس والمنطق والإدارة والاجتماع السياسي).
7- عالمية: المعايير والمفهوم، والممارسة والانتفاع.
8- مطلقة: التطبيق في كل ظرف ومكان وزمان ومع كل الناس .
9- فاعلة: لها حضور وفاعلية في واقع تفكير وسلوك وأداء وإنجاز الفرد والمجتمع.
10- مستمرة: ممتدة الصلاحية، وقادرة على الاستمرار والحضور في المستقبل.
11- تطويرية: لها أثر تغييري وتحضري في تنمية ونمو المجتمع.
12- تجميعية حاشدة: يتوافق عليها الجميع نحو تحقيق المصلحة العليا للإنسان.
13- قابلة للتربية والقياس: تترجم إلى مهارات سلوكية محددة دائمة التحديث، بما يمكن من التربية عليها ومتابعة تحققها وقياس أثرها.
حاجتنا الماسّة لإعادة إحياء قيمة الابتعاث والرسالية
تحديات الهوية العربية في الربع الثاني من القرن 21
كورونا وتعاظم صراع الأضداد بينما من يتبع سببا ويحسن صنعا
تحقيق يكشف تأثير اللوبيات الإسرائيلية في سردية وتوجه الإعلام الأمريكي
شركة النصر لصناعة السيارات تعود للعمل بخريطة مصرية مجتزأة.. ما القصة؟