تحدثت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، عن كيفية استغلال الدول الأفريقية لكأس كرة القدم، في خدمة مصالحها السياسية، وإثبات جدارتها من الناحية الأمنية، عن طريق تنظيم مسابقة إقليمية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إن البلدان التي استضافت كأس الأمم الأفريقية، لطالما
عملت على خدمة أجندتها السياسية وترويجها إقليميا، وسنة 1956، هددت كل من مصر
والسودان بسحب عضويتهما من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، إذا رفض
الاعتراف بالكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، وذلك بعد مضي سنة واحدة فقط على مؤتمر باندونغ الذي تبنى قرارات ضد الاستعمار.
وأكدت الصحيفة أن السودان احتضن
أول مسابقة للكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم سنة 1957 ليقدم نفسه على الساحة
السياسية، وسنة 1959، انسحبت جنوب أفريقيا من المسابقة نتيجة للضغوطات التي تعرضت
لها بسبب سياسة الفصل العنصري، وخلال سنة 1982، نظمت ليبيا هذه البطولة الأفريقية
التي مثلت منصة سياسية حقيقة لمعمر القذافي، الذي استغلها لنشر كتابه الأخضر الذي
استنكر فيه سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والسياسة الفرنسية في تشاد، ومن
هنا، فهم الزعماء الأفارقة أن لكرة القدم صدى يتجاوز محيطها الرياضي ليبلغ محيطا
سياسيا.
ونقلت الصحيفة عن باسكال كاريتا،
وهو مؤرخ في مجال الرياضة في القارة السمراء، قوله، إن: "كرة القدم تعد بمنزلة منصة دعائية للدول الأفريقية، فخلال فترة الاستقلال، كانت كرة القدم مجرد
وسيلة للاتحاد ولتوليد الإحساس بالهوية الوطنية، ومع الحماس الذي تخلفه هذه
الرياضة اليوم، يعي رؤساء الدول الأفريقية أهمية استغلال كرة القدم لتقديم أنفسهم
وتلميع صورهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن زعماء
القارة السمراء يتدخلون في بعض الدول في رياضة كرة القدم بصفة مباشرة، عبر اختيار
اللاعبين والمدربين للمنتخبات الوطنية. وواصل باسكال كاريتا حديثه مؤكدا أن
"الزعماء الأفارقة لا يهتمون بالأندية الكروية الصغيرة ولا بالجمعيات
الهاوية، بل يبدون اهتماما أكثر بالمنتخب الوطني لخدمة شرعيتهم السياسية".
اقرأ أيضا: جسر جوي جديد لنقل مشجعي الجزائر لحضور المباراة النهائية
ونوهت الصحيفة إلى أن الغابون
احتضنت كأس الأمم الأفريقية سنة 2017 تحت إشراف الرئيس علي بونغو، وعلى الرغم من
إعادة انتخابه المثير للجدل سنة 2016، إلا أن "الاتحاد الأفريقي لكرة
القدم" لم يتراجع عن قراره، وانتهز الرئيس علي بونغو الفرصة من أجل تلميع
صورته، في الوقت الذي رفضت المعارضة الغابونية تنظيم المسابقة، ودعوا الغابونيين إلى
مقاطعة الذهاب إلى الملاعب واستغلال الفرصة للخروج إلى الشوارع للتعبير عن
غضبهم.
وفي إجابته على دعوات المعارضة مع
بداية المسابقة الأفريقية، صرح نائب الرئيس الغابوني أن "خيانة فهود الغابون
تساوي خيانة الوطن، والخيانة هي جريمة ضد الأمة"، وخلال هذه السنة، تحتضن
مصر، التي تترأس الاتحاد الأفريقي، تنظيم كأس أفريقيا للأمم بعد أن اعتذرت
الكاميرون عن ذلك.
وقالت الصحيفة، إن عبد الفتاح
السيسي انتهز هذه الفرصة ليعمل على تلميع صورة بلاده التي تشوهت في الخارج، علاوة
على أن الشعب المصري ضاق ذرعا بسياسة النظام العسكري المستبدة، وفي هذا الصدد،
أكدت كارول كوميز، الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، أن
"السيسي استغل العرس الأفريقي من أجل شد انتباه الشعب المصري، مستغلا النتائج
التي يحققها المنتخب المصري، الأكثر تتويجا في المسابقة".
وذكرت الصحيفة أن النظام المصري
يستغل سمعة النجم العالمي محمد صلاح كأداة لتعزيز نفوذه داخل البلاد، وتعمد السيسي
الظهور علنا داخل الملاعب المخصصة لتدريب المنتخب المصري، لكنه تفاجأ بانسحاب
منتخب الفراعنة مبكرا من الدورة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه على
الصعيد الخارجي، يعد احتضان كان 2019 فرصة للسيسي ليقدم نفسه، فبحسب الباحثة كارول
كوميز، فإن "النظام المصري يخفي خلف هذه الدبلوماسية الرياضية، نيته في نشر
دعاية له على الصعيد الوطني والإقليمي والقاري، حيث تطمح مصر السيسي في افتكاك
مركز الريادة في القارة السمراء".
ما الذي قد يتسبب في انهيار مصر وما هي العواقب المحتملة؟
عمرو دراج: صفقة القرن ستزيد من جرائم النظام المصري بسيناء
نجل أبو الفتوح لـMEE: والدي يواجه الموت البطيء مثل مرسي