ليسمح لي صديقنا "محمد القدوسي" باستعارة عنوان قصيدته في رثاء الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي "كان منكم"، والتي جاء فيها "خطيئته أنه كان منكم"، ذلك بأن من البيان لسحرا.
مشكلته أنه كان منّا
لقد كانت مشكلة الرئيس الشهيد فعلاً، أنه كان منا؛ من مصر وطينها، ومن مائها وهوائها، لم يكن ابن اقطاعي، ولم يكن من "الباشوات" بالسلالة، أو "الباشوات بالوظيفة، وقد قضت حركة ضباط الجيش على "الباشوات"، وأنتجت "السوبر باشوات" بحسب المؤرخ المعروف "حسين مؤنس" في كتابه بالغ الأهمية: "باشوات وسوبر باشوات"!
الدكتور محمد مرسي، لم يكن ابن باشا، أو ينحدر من العائلات المصرية التاريخية، ولا فرق بينه وبين أحد من رؤساء مصر السابقين بهذا المقياس بدءاً من محمد نجيب، مروراً بعبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، فجميعهم أبناء لآباء بسطاء رقاق الحال، ولم يشذ عن ذلك عبد الفتاح السيسي، غير أننا لا نعتمده رئيساً، ولو اعتمده العالم أجمع!
قالوا إنه ضعيف والضعيف لا يقيل أكثر من 90 في المئة من قيادات المجلس العسكري!
التواضع شيمته
عز عليهم ان يكون الرئيس واحداً منهم، يتواضع في خطابه حتى يقدم الشكر لسائقي "التوك توك"، ومن عجب أن مرشحي الرئاسة ولم يكن من بينهم من هو في قيمته العلمية أو الوظيفية، من نظروا إليه بتعال فكيف لهذا الفلاح أن يتمكن من الإعادة مع "الفريق"، ولا تكون الإعادة من نصيب أحدهم، لاحظ أن "الدونية" لا تجعلهم لا ينظرون إلى تأهل الفريق أحمد شفيق لجولة الإعادة على أنه أمر غريب، فالغريب هو أن يكون من ينافسه فيها هو محمد مرسي!
ومن منهم كان مثله؟.. ومن منهم كانت له مواقفه الشجاعة والمبهرة في مواجهة سدنة النظام البائد لكي تكون نظرتهم متعالية عليه بهذا الشكل؟!، عزاؤنا أن الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى احتجوا على اختيار طالوت ملكا وقالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه" وأسسوا موقفهم منه بأنه "ولم يؤت سعة من المال"!
قالوا إنه أخون الدولة، فأين الأخونة ومجمل من دخل بهم القصر الرئاسي هم مجموعة من الأفراد، فهل علموا بأعداد من يدخلون البيت الأبيض مع أي رئيس منتخب؟!
دخل القصر الجمهوري محسودا
ومن هنا فقد دخل القصر الجمهوري وهو في موضع حسد، وكان حسابه باليوم، ويتحدثون عن فشله، ولا يدركون أنه لم يحكم سوى سنة، في ظل تحديات كبيرة، كانوا جزءاً منها فلم يكونوا عونا له، بل كانوا عوناً للثورة المضادة عليه، وبدأ حسابه باليوم، ولو كان طبيبا يدير مستشفى، أو صحفيا يتولى إدارة صحيفة، أو بقالاً يتولى أمر متجر، لما تمكن من أن ينهض به ويجابه التحديات في مجرد سنة واحدة!
ومع هذا، فإن كان الفشل في الجانب الأمني، فإنه حقق إنجازات مهمة في مجالات أخرى، تكفي المقارنة بينه وبين من جاء بعده للوقوف عليها، فضلاً أنه كان صاحب خطاب استقلال وطني يجعله ممثلا للثورة ومعبرا عنها، لكن ماذا نقول في من انحازوا لنائب عام مبارك، عندما عزله مرسي، مع أن عزله كان مطلباً ثورياً؟!
قالوا إنه فاشل وهم يكذبون ويدركون أنهم يكذبون!
وقالوا إنه ضعيف والضعيف لا يقيل أكثر من 90 في المئة من قيادات المجلس العسكري!
وقالوا إنه أخون الدولة، فأين الأخونة ومجمل من دخل بهم القصر الرئاسي هم مجموعة من الأفراد، فهل علموا بأعداد من يدخلون البيت الأبيض مع أي رئيس منتخب؟!
خطيئته أنه كان منكم، وكنتم تبحثون عن أبو دبورة ونسر وكاب، فلما جاء السيسي كان الهتاف: هذا ربي.. هذا أكبر!
فلا حساب بالساعة.. ولا حديث عن عسكرة الدولة.. ولا كلام عن الفشل.. وكأن هذا كله جائز ومقبول من واحد ليس منكم!
يقول القدوسي:
خطيئته أنه كان منكم/ فلا قال إني منعت المناصب عنكم
ولا قال من أين أتي بمال اليكم/ ولا عير الفقراء فقد كان منهم
رحم الله الرئيس الشهيد.
اغتيال مرسي واغتيال الديمقراطية
محمد مرسي.. رحيل الفارس الفتّان